الغرب حين يشيح بنظره عن الإخوان

كتب/ياسر الشبوطي:

ثمة ما يوحي بحدوث انقلاب في النظرة الغربية عمومًا لحركات الإسلام السياسي على اتساعها، وليس تيار السلفية الجهادية وحده، وما صدر مؤخرًا من مؤشرات يوحي بأن “شهر العسل” الإخواني الغربي، سيكون أقصر مما ظنه وراهن عليه كثيرون.

واشنطن اليوم تعيد علاقاتها مع النظام المصري الجديد، وتستأنف مساعداتها العسكرية للجيش المصري، بالرغم مما قيل عن “انقلاب عسكري” حدث في الثالث من تموز/ يوليو، أما طوني بلير، فهو يذهب أبعد من ذلك، إذ يرى أن نجاح السيسي بات شديد الارتباط والمساس بالمصالح الغربية، فبلير قدَّم قبل السنوات القليلة الماضية مطالعة فكرية في لندن من ضمن ما جاء فيها “الإسلام الراديكالي” بات التهديد الأخطر للغرب وللمجتمع الدولي، وهو يسخر من النظر للتمايز بين الإخوان والجهاديين بوصفه اختلاف بين وجهتي نظر، إذ يرى عوامل الارتباط والتداخل بين المدرستين بصورة أكثر وضوحا من عناصر التمايز والاختلاف.

يأتي ذلك في ظل حديث بريطاني عن تحقيق في مكانة الإخوان وموقعهم في بريطانيا، وما إذا كانت هذه الجماعة متورطة في أعمال إرهابية أم لا.. كما تتزامن تصريحات بلير مع تصريحات لديفيد كاميرون ومن بعده جاك سترو اللذان أظهرا فيها ضيقا بميل الجاليات الإسلامية في بريطانيا لـ “أسلمة المجتمع” والنظر بدونية لأبناء الأديان الأخرى والنساء وإصرار هذه الجاليات على نقل نظام حياتها وتقاليدها ومعتقداتها وطرائقها إلى بريطانيا.

إن مشكلة الإخوان ليست مع بريطانيا أو فيها وحدها، ففرنسا أيضا أصدرت “سلسلة” من التشريعات التي تحد من حركة الجماعات الإخوانية الإرهابية وهي تبدو مستفزة طاقاتها لمواجهة هذا الطوفان الجهادي على الأرض الفرنسية والأوروبية  حيث التئم قبل ثلاث سنوات تقريبا اجتماعا وزاريا لتسعة وزراء أوروبيين وبمشاركة أردنية ومغربية وتونسية ومصرية بمبادرة من وزيرة الداخلية البلجيكية النشطة في هذا المجال وكان العنوان الأبرز لهذا الاجتماع هو “محاربة الإرهاب الراديكالي الإسلامي”، وتمتد تأثيرات هذا التحول في المزاج الغربي إلى كل من سوريا وليبيا واليمن.

 بلير، ومن قبله أوباما، كانا شديدي الحذر والتحذير من مغبة انتقال السلاح “الكاشر للتوازن” إلى الأيدي الخطأ، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق كان شديد الوضوح لجهة الدعوة للأزمة السورية قائلا: “حتى وإن اقتضى الأمر الإقرار ببقاء الأسد لمدة سنوات قادمة”، وهناك في أوساط بعض مؤسسات البحث والتفكير الغربية ما يشبه “عودة اليقظة والحذر”، من جماعات الإسلام السياسي بصفة عامة، فيما المؤسسات اليمنية التي لم تؤيد الانفتاح الأمريكي الأوروبي على بعض هذه الجماعات عادت لتمارس ترويجها للأفكار والمقترحات السابقة لما يسمى بالربيع العربي. حتى وإن طوني بلير مثلا دعا لتجاوز الخلافات الأمريكية الغربية مع كل من الصين وروسيا من أجل حشد الجهود لمواجهة التهديد لتيار الإخوان الراديكالي “الإرهابي”.

لم تصل أوروبا ولا الولايات المتحدة الأمريكية للخطة بوضع كافة تيارات المد الإسلامي في سلة واحدة، إذ ما يزال التمييز قائما بين إسلام معتدل وآخر راديكالي “إرهابي”، لكن الجديد في نظرة الغرب هذه المرة بأن أصابع الاتهام بدأت تتجه نحو جماعة (الإخوان المسلمين) بصفتها بيئة منتجة لـ”الإسلام الراديكالي” وهذا أمر يفتح الباب على مصراعيه أمام شتى السيناريوهات والاحتمالات.

إن بعض هذه المتغيرات اليوم في المواقف الامريكية والغربية تجاه الإخوان انما يرجع سببه لفشل “الإخوان المسلمين” في تظهير مواقفهم الفكرية والسياسية المناهضة للإرهاب وإصرارهم الغريب على نعت الجماعات الإرهابية عبر وسائلهم الإعلامية المختلفة بالجماعات المسلحة وليس بالإرهابيين فضلا عن ميلهم الدائم في تفسير الإرهاب وتبريره من خلال إلقاء اللائمة باستمرار على الأسباب والمسببين.. لكن المراقب عن كثب لتحولات المواقف الغربية لا يستطيع ان يتجاهل الاثر الذي احدثته ضغوط عواصم عربية كبرى في إحداث هذا التغيير، فثمة عمليات منهجية ومنظمة لم تنقطع من اندلاع ثورات ما تعرف بالربيع العربي رغم حسمها لصالح قوى الحداثة. وفي ظني ان التيار الإخواني بصورة عامة مطالب اليوم بتدارك ما يمكن إدراكه وعدم الاكتفاء بالنظر لهذه التحولات من زاوية انها “لن تقدم أو تؤخر”، آن أوان “تظهير” الخطاب وتبديد ما تشوبه من “مساحات رمادية”، سواء بالنظر لاتباع الديانات الأخرى والأقليات والنساء، او ما يتصل منها بعلاقاتها مع الجماعات الجهادية، واستئصال اية فكرة او محاولة لتوظيف هذه الجماعات بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتحقيق اغراض سياسية .. إذ أن ما جرى في مصر وسوريا وتونس وليبيا واليمن وما يجري اليوم في الجنوب العربي اعطى صورة سلبية جدا ليس عن الجماعات الراديكالية فحسب بل وعن الاداء “الإرهابي” لجماعة الإخوان المسلمين في تمردها وخروجها السافر على شرعية مجلس القيادة الرئاسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى