حتى لا تموت أمة

كتب: أسامة الشرمي

(سَأل هرقل ملك الروم، أبو سفيان زعيم قريش حينها، عن عدوه محمد صلى الله عليه وسلم، هل يكذب؟ هل يغدر؟ هل كان كذاباً؟ هل هل هل… وكان أبو سفيان يجيب لا؛ لا؛ لا؛ وعندما) سُئل أبو سفيان (لماذا كنت تقول لا ، قال: والله لولا الحياء أن يأثروا عليه كذباً لكذبت عنه) شواهد من حديث طويل ورد في البخاري.

وبغض النظر عن التفاصيل، ما يهمني أن هذه الحادثة أنما ثبتها الرواة وفي البخاري وهي ليست حديث للرسول ولا آية، بل لرجل وقعت معه الحادثه وهو أشد اعداء الاسلام، لعل المؤرخ العربي يؤكد من توثيقها على احترام فضائل الآخر وإن كان عدواً ، بل ولو كان زعيم الأعداء، فوجود حديث في البخاري يمتدح أخلاق زعماء العدو سواءً أكان هرقل أو أبو سفيان، وفي التفاصيل نقرأ رأسي الكفر يمتدحوا رأس اعدائهم محمد، ففي الموضوع ما فيه.

وجود الحديث من أساسه حكمة لمن يفهم، أن الأخلاق ومكارمها لا شأن لها في العداوة والحروب ناهيك عن السياسة والشراكة أو التحالفات، وأنني حينما اجحد غيري فأنا لا اجحد إلا نفسي، ولو أن ابى سفيان جحد محمد حقه لقيل كذاب أو على الأقل ما كانت لتذكر له هذه المكرمة، ولو أن المسلمين وهم يدونون الحديث لم يذكروا لأبى سفيان ما فعله لأنه كان حينها كافراً لما وثق التاريخ عدوا يشهد لنبيهم بمكارم اخلاقه.

هكذا كان العرب (الكافرين والمسلمين) يحفظوا للآخر حقه ويعطونه أياه (خير، شر) فقد أستحقه عندما فعله، وهذا ما كانو يسمونه قديماً المروءة، أما اليوم فحالنا قد تغير وصرنا (أغلب أهل النار) (ناكرات العشير) حتى بلا حنق ولا عداوة ولا بغضاء ولا طلاق ، ننكر في الأخر أي مكرمة لأننا نرى ذكرها منقصة فينا على عكس أبو سفيان ورواة الحديث! ، هذا لأننا اصبحنا للأسف بلا مروءة.

وأن يكون النزق وعدم المروءة الحاصل في الفيس بوك سلوك فردي للكثير ممن يمارسوه فهذه كارثة ومرض عضال يستشري في مفاصل امتنا يوجب محاربته وقمعه بلا رحمة والتعزير بكل صاحب هوى يمارسه إرضاء لشذوذه وتلذذاً بإيغال الألم في غيره.

لكن أن يصبح هذا السفه والانحلال الدعائي منهجيه يسهر لشب النار فيها المفكرين وصناع القرار ويبذلون الأموال ويقدمون المغريات جزاءً للبذاءه والسفاهه وتحقير الآخر فوالله ما هذا مرض في الأمة ولا جنون بل هو الموت بعينه.

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

#أسامة_الشرمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى