مرة أخرى مع الصبيحي.. اقتران كلامه بالأفعال رسالة لكل قائد

كتب / أحمد راشد الصبيحي :

المرة الأولى كان حديثنا عن الصبيحي وعودته إلى السلك العسكري بعد اتصال الدكتور رشاد العليمي رئيس القيادة، لكن اليوم نحن أمام قائد كان قائدًا للكلية العسكرية الذي تخرج منها أغلب القادة الجنوبيين.

إن هذا المدرس ليس مدرسًا نظريَا بل مدرسًا نظريًا وفي الميدان يجيد فعل ما يقوله.. هكذا بدأ كلماته في تعز وكنت حاضرًا في ذلك اليوم ضمن الحضور يوم بدأت الجماعة الحوثية تفرش جناحها بخطة معدة مسبقا للسيطرة على اليمن كاملًا، حيث كان البطل الأسير يومئذ الصبيحي قائدًا للمنطقة الرابعة فتكلم كلمات موجزة: (إن الراتب الذي أتقاضاه هو من عرق المواطن وإن المواطن اليوم يحتاج مني أن أؤمنه عندما أصبح القوي يأكل الضعيف).

شعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقه فهو يستشعر الأمانة التي أوكلت إليه ويحترم القسَم الذي أقسمه عند تخرجه من الكلية العسكرية والدروس الوطنية التي تلقاها من أفعال وكلام وزير الدفاع علي عنتر، وكان الصبيحي مدير مكتبه، ومعروف عن علي عنتر  أنه كان يتصف بالعفوية، وهو ما حفظه الصبيحي عن قائده فكان عفوي الكلام بعيد عن التنطع والكلام المنمق، فكان كلامه بسيطًا وأفعاله يهابها من كان في قلبه زيف ، إذ عُرف عنه الإقدام والإخلاص والعدل ، وقد رآه الناس وهو يقود المعارك في أبين ضد الجماعات الإرهابية الذين كان يسميهم كلاب النار، فتقدم الصفوف وقاتلهم في أبين حتى وصل شبوة.

وفي لحج عندما كثرت حوادث القتل وهو يتكلم أمام المجلس المحلي وبحضور وزير الدفاع قال كلمته: (لا يشرفني أن أحمل هذه الرتبة والنساء مرعوبات والأطفال مرعوبين في  البيوت)،  ولله دره من قائد عرف حقيقة خوف النساء وهلع الأطفال من إطلاق النار ليلًا من جماعات كانت محسوبة على عفاش لتخريب الجنوب، وكان يتصدى لهم ويعرفهم ويتلقى اتصالات من عفاش وكان يقول لمن يرد: “قل له الصبيحي في مهمة عسكرية مشغول” إذ لم يكن يخضع لأحد مهما كانت شخصيته، ومن هنا فرض هيبته واحترامه على الصغير والكبير والعدو والصديق.

وفي مأرب تكلم عندما عُين وزيرًا للدفاع وكانت أول وجهته مأرب، حيث  تكلم عن انقطاع الكهرباء: “لمصلحة من انقطاع الكهرباء؟ لمصلحة مخربين لن نتأثر نحن المسؤولين بقطع الكهرباء عندنا مواطير، ولكن يتأثر بذلك الشعب  المرضى والجرحى والمواطن البسيط، ومن يقوم بذلك فذلك إعلان  حرب على الشعب ونحن من واجبنا الدفاع عن الشعب ومنجزاته”.

وقال عندما عين وزيرًا للدفاع: “قبلنا بهذا المنصب ليس حبًا فيه لكن استوجب علينا قبوله ولن نجعل كرسي وزير الدفاع لمن أراد أن يمتطي السلطة قسرا ولن يكون هذا الكرسي حماية لكرسي الآخرين”.

إن الصدق في كلمات الصبيحي والعفوية المقرونة بالأفعال كانت منهجًا لهذا الرجل الوطني الفريد، الذي يخاصم من أجل الوطن ومن أجل الناس، وليس من أجل قضايا شخصية أو حزبية أو مصلحة ليس خصمًا على مشكله شخصية.

هذا هو منهج  الرجل، حيث عمل وحيث حل، عندما كان أركان لواء في بيحان وكذلك قائد الكلية العسكرية، وقائدا للواء 25  وفي كل منصب يتولاه.

محمود الصبيحي لا يهاب الخصوم، ومن يؤذي الناس ويلحق الضرر بالوطن هو عدوه، لهذا كان يتلقى التهديد والوعيد حتى بقتل أفراد أسرته ولا تهتز له شعرة، وحدث أن  أشار إليه بعضهم بنقل أسرته إلى خارج الوطن، وهو ما يفعله القادة والوزراء اللصوص هذه الأيام، لكن الصبيحي كان رده حاسمًا، بأن الذي لا يستطيع حماية أسرته لن يحمي وطنه.

إن تناولي لمقتطفات من كلام الصبيحي مقترنة بأفعاله هي رسالة إلى كل قائد اليوم يحمل على كتفيه الرتب، وكل مسؤول عن أمن الناس وحقوقهم، لكن للأسف صارت الرتب والمناصب للنهب والسلب إلا من رحم الله، وليس لحماية الناس من ناهبي الأراضي ومن التفجيرات والعبوات والأعمال المخلة بأمن الناس ومصالحهم العامة.

نريد اليوم من قيادتنا كلامًا وأفعالًا أسوة بالصبيحي الذي قرن أقواله بالأفعال، وإلا لا تلبسوا الزي العسكري إذا كنتم فقط تتكلمون كلاما دون أفعال، لن تبنوا وطنًا ولن تؤمنوا مواطنًا ولن ترجع عدن مثل ما كانت عدن ولن يعود الجنوب مثلما كان الجنوب.

هذه دروس من الصبيحي وهي موجهة لكل قائد يريد أن يكون قائدًا بحق ويستحق حمل الرتب والنياشين ليس قائدًا وهو لم يأخذ دورة مستجد كجندي بل تحصل على القيادة مثلما كان يوزعها عفاش لشيوخ القبائل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى