اللواء/ هيثم قاسم طاهر والدور الوطني المأمول

كتب/ أ.د.خالد مثنى حبيب :

لقد ظهر أسم اللواء هيثم قاسم طاهر إلى واجهة الاعلام مجددا بتعيينه رئيسا للجنة الهيكلة العسكرية والأمنية في المناطق المحررة  ويؤمل الكثير من القادة السياسيين والعسكريين والامنيين في التحالف العربي ومجلس القيادة الرئاسي وحكومة المناصفة على قدرة اللواء هيثم ومن معه من القادة العسكريين المجربين المخلصين في حلحلة الملف العسكري وبناء مؤسسة عسكرية صلبة قادرة على انجاز المهام الموكلة اليها بكفاءة واقتدار.

وبهذه المناسبة نجدها فرصة لتسليط الضوء على القائد هيثم للتعرف على أسباب اختياره دون غيره لهذه المهمة الصعبة.

ما من مواطن جنوبي أو شمالي لا يعرف اللواء هيثم قاسم طاهر، فهو أشهر من نار على علم، إذ عٌرف كقائد عسكري مهني، تدرج في العديد من المناصب القيادية العسكرية التي لم تمنح حينها كهبات بل تخضع لمعايير مهنية محددة وواضحة، ومن اهم المناصب التي تقلدها، قائد سلاح المدرعات والنائب الأول لوزير الدفاع في جيش الجنوب، وكان آخرها منصب وزير الدفاع لدولة الوحدة الفاشلة.  لقد شارك القائد هيثم بفعالية خلال فترة عمله في بناء المؤسسة العسكرية الجنوبية ونجح في قيادة العديد من المعارك في جبهات متعددة داخل الوطن وخارجه، بشهادة قادة دولة الجنوب وبشهادة الرئيس الاثيوبي السابق منجستو هيلا ماريام الذي كرّمه عندما انتصر لأثيوبيا في حربها ضد الصومال، وحينها قال له: ان انتصاركم في هذه الحرب رغم مخالفتكم وتجاوزكم لأوامر القيادة الاثيوبية بالتريث وعدم المغامرة، يُعدّ دلالة عظيمة على فهمكم واتقانكم للتكتيك العسكري. واخيراً وخلال عاصفتي الحزم وإعادة الأمل شهدت له قيادة التحالف العربي لانتصاره في معارك الساحل الغربي ضد العدوان الحوثي بأقل الخسائر الممكنة مقارنةً بخسائر الألوية الأخرى. ولم يقتصر الدور على القائد هيثم فقط في هذا المشوار الصعب والطويل بل هناك العديد من القيادات السياسية والعسكرية الميدانية أصحاب المواقف الواضحة في تبني ودعم وقيادة المقاومة الجنوبية وفي مقدمتهم القائد عيدروس قاسم الزبيدي عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.

وإذا ما تتبعنا مواقف القائد هيثم لوجدناه من الرموز الوطنية القليلة المخلصة لقضية وطنه، فأثنا حرب 94 أستمر في إدارة المعركة حتى اللحظات الأخيرة رافضاً كل العروض والاغراءات التي قدمها له الرئيس السابق صالح بوقف الحرب والتخلي عن الرئيس علي سالم البيض بعد إعلانه قرار فك الارتباط . لقد تحمل القائد بكبادة ومرارة الغدر والخذلان منذ تدمير اللواء الثالث مدرع في عمران في عام 94 الذي يعدّه هيثم أحد الركائز الأساسية الهامة في الجيش لاسيما وهو من اسسه وبناه بعناية في إطار جيش وطني جنوبي محترف للدفاع عن حدود الوطن. ويأتي تدمير ذلك اللواء كتدشين لعملية تدمير ذلك الجيش والغدر بشريك الوحدة، عبر توحيد كل قوى الشمال من أحزاب سياسية وقوى قبلية وقوى إرهابية تكفيرية وتجار في عدوانها ضد الحزب الاشتراكي اليمني الذي لم يستطيع الصمود امام كل تلك  الجحافل العسكرية بتحالفاتها الظالمة ، فعندما اوشكت عدن على السقوط خرج هيثم من غرفة العمليات حاملاً قاذف ار بي جي هو ومن بقي معه من المقاتلين للتصدي للدبابات الزاحفة على اسوار المطار، حيث احرقوا عدد منها قبل ان يغادروا عدن على ظهر سفينة يونانية، بعد إن هربت عليهم كل الزوارق العسكرية التابعة للقوى البحرية الجنوبية دون أوامر عسكرية. وبذلك قطع هيثم عهداً على نفسه بالأخذ بالثأر من هذه القوى الشمالية الغازية للجنوب التي ظلمت شعبه ونكلت بأهله، ولذلك لم يختار القائد هيثم لمنفاه عقب حرب 94 دولة معادية لشعب الجنوب بل اختار دولة صديقة كدولة الامارات العربية المتحدة التي ساندت شعب الجنوب في الحرب المذكورة وكانت أول دولة يعترف اعلامها بإعلان فك الارتباط بين الدولتين الذي اعلنه الرئيس علي سالم البيض في 21 مايو 1994 ، وهذا يعني أن الرجل يفكر ببعد استراتيجي لأداء دور مستقبلي بمساعدة هذه الدولة الصديقة يتمثل في الانتقام من المركز المقدس في صنعاء ونظامه الاستبدادي العنصري ، فعمل بصمت مع أمارات الخير لحثها على الدعم العسكري والسياسي للجنوب، وهو ما حصل فعلاً عندما سنحت الفرصة المتمثلة في إطلاق عاصفتي الحزم وإعادة الأمل. فعاد إلى الجنوب لتجميع الصفوف وتشكيل قوة عسكرية جنوبية من الصفر. وهذا يُعدّ عمل كبير لا يستطع القيام به الا قائد وطني بحجم هيثم قاسم.

وبالنسبة للموقف من شغل المناصب الحكومية ، فهيثم لم يرغب ولم يسعى للمناصب  بل هي التي تسعى اليه ، فيعلم الكثير إن المذكور رفض عروض قدمت اليه من سلطة 7\7 لتوليه بعض المناصب المقترحة بعد حرب 1994م ، وقبل وبعد انطلاق ثورة الحراك الجنوبي السلمي بسبب زهده ونكرانه لذاته وتمسكه بمبادئه ، ولكنه ارتضى لنفسه فيما بعد العمل كقائد ميداني يمكث وينام مع جنوده المقاتلين في  طين موزع والوازعية وسواحل المخا و كهوف جبال النار ، التي قاتل فيها بصمت بعيداً عن الأضواء والضجيج الإعلامي فلم يقبل أي تصوير أعلامي لتغطية الانتصارات التي شارك في تحقيقها. وهو ما اثبت بما لا يدع مجالا للشك إن القائد هيثم قائدا مميزا يختلف كليا عن غيره ممن يدعون القيادة، المحبين للفنادق وللعيش الرغيد في الخارج، الداخلين في الربح والخارجين من الخسارة في كل المنعطفات، والذين تحول البعض منهم للعمل تحت مسميات تنظيمية وحزبية معادية لقضية الجنوب.

المناضل هيثم شخصية وطنية جامعة لم يمارس سياسة تمييزية مع مناطق معينه او ضد أخرى، فلم يطأطئ راسه لأحد ليأخذ حصة مناطقة المهمشة من المناصب والامتيازات كما يفعل البعض من المسؤولين، لأنه يعتبر تلك الاجراءات من مهام الدولة ومسؤوليتها في تتطبق العدل على الجميع.

 اما بالنسبة للتجنيد وتشكيل الالوية العسكرية في حرب 2015 فقد عرض على اغلب القادة المعروفين لديه على مستوى الجنوب بالمشاركة العسكرية في تشكيل هذه الالوية، فالبعض منهم وافق والبعض اشترط خوفاً من المستقبل والبعض رفض وعاد من مركز التدريب، فهو لم يجبر أحد على المشاركة وترك القرار لهم كل بحسب ظروفه وبحسب قناعته، وبالتالي الذين صمدوا معه في المعارك اغلبهم من الشباب الجدد المناضلين في الحراك الجنوبي الذين آزروه وخاضوا معه الحرب في جبهة حضرموت وفي جبهة الساحل الغربي، فقد استطاع القائد هيثم بإخلاصه واخلاقه ودهائه العسكري ان يكسب الشباب الجدد وينقل لهم الخبرة العسكرية ويجعل منهم قادة عسكريين ناجحين.

وبذلك نجح في تأسيس عددا محدوداً من الألوية العسكرية من أبناء الجنوب المخلصين وكان عازم على تأسيس أكثر من ذلك فيما لو تمت الاستجابة له من قبل شريحة واسعة من قادة وضباط الجيش الجنوبي السابق الذين رفضوا المشاركة في القتال في الأرض الشمالية ضنا منهم ان ذلك يستنزف الشباب ويضر بقضية الجنوب أكثر مما يخدمها.

وفي الختام نتمنى للقائد هيثم التوفيق في انجاز تلك المهمة الوطنية الصعبة ، ونتمنى من القيادات العسكرية والسياسية الجنوبية وكذا الجيل الجديد من الشباب ان يستلهموا أصول القيادة والثبات على المبادئ من القائد هيثم قاسم الذي اثبت للجميع نبله ووفائه لشعبه ووطنه، وإن يجعلوا منه قدوة في نضالهم وعملهم وسلوكهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى