حتى لا يكرر مجلس القيادة الرئاسي اخطاء اسلافه !


كتب/ أحمد عمر بن فريد

لم تأت عاصفة الحزم في الأساس إلا لغرض مواجهة المشروع الإيراني في اليمن والقضاء عليه بشكل كامل، وحينما تبنت دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية كل تلك الجهود العسكرية والاقتصادية والأمنية وتحملت العبء الأكبر في تلك المواجهة وقدمت ودفعت في سبيل ذلك كثير من المال والعتاد العسكري وحتى الأنفس البشرية، فهي فعلت ذلك من أجل تحقيق أهداف استراتيجية تخص أمنها القومي بدرجة رئيسية وأن كان ذلك بطبيعة الحال يتقاطع مع مجموعة من الأهداف الوطنية اليمنية سواء كانت في الشمال أو في الجنوب بالنظر لما يمثله اليمن من عمق استراتيجي هام جدا ومؤثر على أمن تلك الدول.
غير أن أسوأ سيناريو معرقل للتوجه العام للحرب، هو ذلك الذي يحرف سيرها الرئيسي ويأخذ الأطراف الفاعلة فيها إلى مسارات أخرى من شأنها أن تنتج ” معارك جانبية ” لا حاجة لنا بها، وهو ما حدث بالفعل أمام أعيننا خلال السنوات الخمس الماضية، والذي بدأت أول فصوله بإزاحة نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء حينها المهندس / خالد بحاح ومن ثم ” مركزة ” كل قرارات الشرعية اليمنية في أيدي مجموعة صغيرة من الأفراد امتلكت لنفسها توجه سياسي ذا لون واحد يحمل ” رؤية ” قاصرة جدا في معنى وأهمية استراتيجية الحرب ضد الحوثي.
استراتيجية جعلت من الجنوب وقضيته الوطنية العادلة وشعبه الحي وقواه السياسية وخاصة المجلس الانتقالي الجنوبي خصما رئيسيا في المواجهة بدلا من العدو الرئيسي الذي هو مليشيات الحوثي التي تتمركز وتحكم قبضتها على الشمال وليس على الجنوب المحرر.
في سبيل ذلك التوجه السيء الجديد ومن أجل ترسيخه على أرض الواقع، وظفت الشرعية اليمنية جميع طاقاتها وإمكانياتها المالية الهائلة ومكانتها الدولية، بل وجعلت من ذلك أيضا ” غطاءا ساترا ” لجميع اخفاقاتها العسكرية الكبيرة جدا التي شهدتها جبهات ومحافظات كاملة تهاوت كأوراق الخريف دون أية مقاومة تذكر في فترات قياسية، وهي لم تكتف بذلك بل جعلت من الجنوب المحرر من مليشيات الحوثي بدماء أبناء الجنوب ساحة معارك محلية جانبية حاكت من أجل إشعال فتيلها الكثير من المؤامرات والفتن وانفقت عليها الكثير من الأموال والسلاح، ونتيجة لكل ذلك دخلت المواجهة مع المشروع الإيراني الخطير مرحلة غير مسبوقة من الخطورة والجمود والتمكين لهذا المشروع ، قبل أن يدرك التحالف العربي خطورة الوضع ويتعرف على الإشكالية الحقيقية وصانعيها، الأمر الذي جعله يسارع بالتهيئة لمشاورات الرياض التي استأصلت الخلل من جذوره منتجة قيادة سياسية جديدة تمثلت فيها عدة قوى وطنية حددت لها مهمة واضحة وهي إعادة توجيه بوصلة الحرب إلى وجهتها الصحيحة والبعد عن حرفها مرة أخرى كما كانت تفعل القيادة السابقة إضافة إلى مهام أخرى يأتي على رأسها تخفيف العبء الهائل الذي يثقل كاهل المواطن البسيط .
من الطبيعي جدا أن تحدث خلافات سياسية في إطار مجلس القيادة الرئاسي الجديد، وهذا من طبيعة أي عمل سياسي في الأوضاع الطبيعية فما بالك في ظروف الحرب، وليس من العيب أن تحدث خلافات في أية مرحلة سواء كانت كبيرة أو صغيرة، ولكن العيب يكمن في أمرين رئيسين ..
الأول هو عدم القدرة على التعامل مع الخلافات السياسية المحتملة بطريقة حضارية غير منتجة لصراعات المواجهات المسلحة، والثاني أن لا يتكرر من بعض أفراد القيادة الجديدة ما سبق أن قامت به القيادة السابقة من أخطاء فادحة تحثنا عن طبيعتها في الأسطر السابقة.
نتمنى من رئيس المجلس القيادي السيد / رشاد العليمي وهو السياسي المخضرم أن يفهم طبيعة الأخطاء التي ارتكبت من قبل الرئيس هادي ونائبه علي محسن الأحمر والتي تمحورت في جعل الجنوب وأرضه ساحة حرب بدلا من التوجه إلى ساحة الحرب الرئيسية وهي المحافظات التي يسيطر عليها الحوثي بقواته ومليشياته والتي أتت عاصفة الحزم لتحريرها وليس لتحرير المحرر وهي أرض الجنوب، وعليه أيضا يتعامل مع ” قضية الجنوب ” بواقعية شديدة واحترام كبير، مع ما يمكن أن يعنيه ذلك من بلورة موقف واضح منها كقضية عادلة تحتاج إلى معالجة حقيقية تقوم في الأساس على احترام إرادة شعب الجنوب كما ورد في البيان الختامي لمشاورات الرياض، وباعتبارها أيضا قضية الدولة العربية المستقلة التي توحدت مع الجمهورية العربية اليمنية في 22 مايو 1990 م .
كما نرجو من مجلس القيادة الرئاسي أن يبتعد عن ” استقطاب ” القوى السياسية الجنوبية لصالحه ومن ثم توظيفها بحسب الحاجة، وهو أن فعل ذلك سيدخل في نفس المسار لسابقيه، بعض التطيمنات في التعامل المحترم مع الجنوب وقضيته سيعني الكثير لنا في الجنوب ولن يكلف أخواننا الشيء الباهض الثمن .. فقط تقديم الاحترام للقضية والبعد عن استفزاز الشارع الجنوب بصغائر الأمور التي لسنا بحاجة لها. أيها السادة ..
أن توحيد السلاح ضد مشروع إيران لا يقتضي بالضرورة توحيد لون البندقية بقدر ما ما يعني أن تطلق في الاتجاه السليم نحو نحر الحوثي ومشروعه المدمر مهما اختلفت ألوان البنادق وتعددت هويات مطلقيها، وهذا يعني أهيمة التفريق ما بين الجوهري في الحرب وماهو غير الجوهري فيها.

  • نقلا عن اليوم الثامن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى