صحيفة دولية: تعاطي إيجابي من السعودية مع مبادرة المبعوث الأممي لحل الأزمة اليمنية

عدن24| العرب


وافقت المملكة العربية السعودية على مبادرة تقدمت بها الأمم المتحدة بشأن هدنة إنسانية في اليمن تمتد لشهرين، في خطوة لاقت تفاعلا كبيرا في أوساط اليمنيين الذين يأملون في رمضان هادئ، بعد ضجيج حرب تأبى أن تنتهي.

وأبدت السعودية استعدادا لتقديم كل التسهيلات الممكنة لضمان نجاح الهدنة، التي يراهن عليها البعض في أن تهيئ الأجواء لوقف إطلاق نار دائم، وإن كان متابعون يتشككون في إمكانية تحقق هذه الغاية على المدى المنظور.

وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ طرح مبادرة بشأن وقف لإطلاق النار في اليمن. وأعلن غروندبرغ أنه يتواصل مع الأطراف المتحاربة في اليمن، حيث يقاتل تحالف عربي تقوده السعودية الحوثيين المدعومين من إيران منذ ثماني سنوات، للتوصل إلى هدنة في شهر رمضان، قبل أن يجري تمديدها إلى شهرين، وهو تطور مهم  وقد يكون نقطة تحول في الصراع الدائر في هذا البلد.

وقال مسؤول سعودي في بيان “رددنا بإيجابية على هدنته، وندعم مقترحه (المبعوث) بخصوص الهدنة”.

وتسعى الرياض لانتشال نفسها من الصراع الذي يُنظر إليه في المنطقة على أنه حرب بالوكالة بينها وبين إيران، لكنها تتمسك بانسحاب وفق شروط محددة، في مقدمتها إنهاء استئثار المتمردين بالشمال اليمني الذي يشكل حديقتها الخلفية، وهي لن تسمح بأن تكون للحوثيين السيطرة الكاملة عليه، لأن ذلك سيعني وجود الحرس الثوري بجوارها.

وتدرك السعودية في الوقت ذاته أن السلام لن يتحقق دون حصول عملية سياسية شاملة تفضي إلى تقاسم السلطة. وأوضح المسؤول السعودي، الذي تستضيف بلاده أطرافا يمنية متحالفة في محادثات يرعاها مجلس التعاون الخليجي بالمملكة، “نريد توفير مناخ إيجابي لدفع اليمنيين نحو السلام.. لن يتحقق سلام دون حوار مع الحوثيين”.

وقال وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك إنه تلقى توجيهات واضحة من الرئيس عبدربه منصور هادي لدعم المبادرات الإقليمية والدولية التي تدعو إلى هدنة، معلنا عن إطلاق سفينتين للوقود عبر ميناء الحديدة.

وأوضح بن مبارك أن حكومة بلاده ستتخذ الإجراءات اللازمة لتسهيل ترتيبات إطلاق سراح أسرى وفتح مطار صنعاء وإطلاق سفن مشتقات نفطية عبر ميناء الحديدة، وهي شروط سبق وأن طرحها الحوثيون للقبول بوقف إطلاق النار.

ويرى مراقبون أن التسهيلات التي قدمتها السعودية والحكومة الشرعية لتحقيق الهدنة أبطلت أي مبرر من قبل المتمردين للمماطلة أو التلكؤ في الاستجابة للمبادرة الأممية.

وذكر مكتب غروندبرغ على تويتر الخميس أنه التقى بكبير المفاوضين الحوثيين في مسقط وبرئيس وزراء الحكومة المدعومة من السعودية في الرياض لمناقشة الهدنة و”الإجراءات الإنسانية لتسهيل حرية تنقل الأفراد والسلع الأساسية من اليمن وإليه وداخله”.

وقال مصدران مطلعان على الأمر إن اقتراح الأمم المتحدة، المدعوم من الولايات المتحدة، يتعلق بهدنة مؤقتة مقابل السماح لسفن الوقود بالرسو في ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون والقيام بعدد صغير من الرحلات الجوية التجارية من مطار صنعاء.

ويفرض التحالف قيودا بحرية وجوية على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون الذين أطاحوا بالحكومة المعترف بها دوليا من السلطة في العاصمة صنعاء أواخر عام 2014. وتدخل التحالف بعد ذلك بأشهر.

وهناك حاجة إلى وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد من أجل استئناف المفاوضات السياسية المتوقفة لإنهاء الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وترك 80 في المئة من سكان اليمن يعتمدون على المساعدات.
وأبدى المحلل السياسي اليمني محمد الشبيري شكوكا في مدى استجابة المتمردين للهدنة على أرض الواقع قائلا “أعتقد أنه ستكون هناك خروقات للهدنة من قبل الحوثيين يضطر معها التحالف العربي إلى استئناف عملياته”، مشيرا إلى أن “الحوثيين لا يقبلون أي تهدئة إلا في حالة ضعف، ليتمكنوا من ترتيب أوراقهم واستعادة قوتهم على الأرض”.

ويظهر جزء كبير من الشارع اليمني تفاؤلا حيال إمكانية أن تمهد هذه الهدنة لخطوات تهدف إلى بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة، لكن محللين يقرّون بصعوبة ذلك باعتبار أن الصراع يتجاوز البعد المحلي إلى الإقليمي.

واستبعد رئيس مركز أبعاد للدراسات عبدالسلام محمد أن “تؤدي الهدنة إلى إيقاف الحرب، لكنها يمكن أن تكون محطة يأمل اليمنيون أن تكون بداية لإيقافها”.

وأضاف محمد أن “أطراف الحرب كلها تعبت (..)، أحد الأطراف يربط الحرب بأهداف خارجية إقليمية لا علاقة لليمن بها، و(المقصود) هم الحوثيون”، موضحا أن “إيران لديها أهداف خاصة بها، والتي إن تحققت بالاتفاق النووي فإنها ستعمل على التهدئة، أما إذا لم تتحقق فإن الحرب ستستمر”.

وأردف “ارتباط الحوثيين بالمشروع الإقليمي الإيراني هو الحاسم في استمرار الحرب أو توقفها، ومدى تحقيق الاتفاق النووي مصلحة”.

وذكر أن “إيران فيما لو حققت مطالبها من الاتفاق النووي فإنها ستغض الطرف عن اليمن مؤقتا حتى تستعيد طهران عافيتها خلال خمس سنوات قادمة”، مشيرا إلى أنه حتى الآن “لا توجد نهاية للحرب في اليمن على المدى الاستراتيجي البعيد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى