مخاوف من ارتدادات سلبية للحرب في أوكرانيا على ملف الأزمة اليمنية

عدن24|متابعات

يصوت مجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين على مقترح تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز حظر بيع الأسلحة للمتمردين الحوثيين في اليمن، في ظل تحولات إقليمية ودولية فرضها الاجتياح الروسي لأوكرانيا وتصاعد حدة التوتر في العلاقات بين موسكو وحلف شمال الأطلسي.

وسيوسع مثل هذا الإجراء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على عدد من قادة الحوثيين ليشمل التنظيم بأكمله، ويحتاج إلى تسعة أصوات مؤيدة له وألا تستخدم أي من الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن، وهي روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين، حق النقض.

وتأمل الإمارات في أن يحظى المقترح بموافقة دول مجلس الأمن بما في ذلك روسيا، خصوصا وأن الإمارات تحفظت على قرار بإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في المجلس إلى جانب الصين والهند.

وكانت موسكو وافقت الشهر الماضي على قرار إماراتي يدين بشدة الهجوم الحوثي على دولة الإمارات، في خطوة نادرة تعكس تحولا في الموقف الروسي ربطه مراقبون بالتقارب المسجل على خط الكرملين – الإمارات.

ويرى خبراء سياسيون أن التوتر السياسي بين موسكو وواشنطن في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا قد يفتح شهية المحور الذي تقوده إيران في المنطقة، مع استمرار واشنطن في الرهان على انتزاع اتفاق مع طهران خلال مباحثات فيينا حول استئناف الاتفاق النووي.

ويعتقد مراقبون أن التكهن بالانعكاسات المباشرة للأزمة الأوكرانية على الملف اليمني والتحولات المرتقبة لمواقف الدول الكبرى الفاعلة في الملف مازال مبكرا، بالنظر إلى حالة الارتباك التي تسود المواقف الدولية والإقليمية وعدم تشكل الصورة النهائية لمسارات الصراع المحتدم بين روسيا من جهة وأميركا والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو من جهة أخرى.

ويذهب مراقبون إلى أن انشغال المجتمع الدولي بالحرب الروسية – الأوكرانية قد يخفف الضغط على التحالف العربي ويترك هامشا أوسع لتحركاته العسكرية تجاه الحوثيين والتي كانت عادة ما تقابل بضغوط دبلوماسية غربية لوقف إطلاق النار.

ويشير المراقبون إلى إمكانية استثمار الحرج الذي تعيشه واشنطن بسبب الاتهامات الموجهة إليها بخذلان حلفائها كما حدث في أوكرانيا وقبل ذلك في أفغانستان، وهو الأمر الذي قد يسهم في إجراء الإدارة الأميركية مراجعات سريعة في سياساتها الخارجية خصوصا تجاه حلفائها في الخليج -مثل السعودية والإمارات- الذين لم يخفوا شعورهم بخيبة الأمل جراء التعاطي الأميركي مع التصعيد الحوثي الذي يرتبط بحسابات لطهران

ويخشى مراقبون للشأن اليمني ارتدادات سلبية للحرب في أوكرانيا على ملف الأزمة اليمنية من جهة مضيّ واشنطن والاتحاد الأوربي في عقد صفقة سريعة مع النظام الإيراني حول الملف النووي بهدف تحييد طهران سياسيا وعسكريا في المرحلة المقبلة والاستفادة منها على الصعيد الاقتصادي كثان منتج للغاز بعد روسيا في العالم.

عبدالحميد المساجدي: الصراع الجاري سيحدث تداعيات هائلة على الاقتصاد العالمي

واعتبر مراقبون أن الإمارات، العضو الفاعل في التحالف العربي لدعم الشرعية الذي تقوده السعودية، بعثت برسالة من هذا القبيل إلى الإدارة الأميركية من خلال تحفظها على قرار لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في مجلس الأمن الدولي، وهو تعبير صريح وقاس عن شعور الإمارات بخذلان واشنطن لها بعد الهجمات الحوثية بالطائرات المسيرة التي استهدفت أبوظبي ودبي.

وعلى الصعيد الداخلي اليمني تأمل بعض الأطراف اليمنية أن تنعكس مجريات الصراع الدولي المتصاعد جراء الأزمة الأوكرانية على مواقف الدول الكبرى في الملف اليمني مثل روسيا، حيث سارع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي إلى إجراء اتصال مرئي مع القائم بأعمال السفير لروسيا الاتحادية لدى اليمن يفغيني كودروف بعد ساعات من بدء العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا.

وقال نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح في تصريحات لـ”العرب” إن “تواصل المجلس الانتقالي الجنوبي مع روسيا مؤخرا يأتي ضمن نشاط المجلس الخارجي”، مشيرا إلى أن هذا النشاط لم يتوقف منذ العام 2017 تاريخ تأسيس المجلس، “وهو يشمل كل القوى الفاعلة والمؤثرة في صنع القرار الدولي وفي مقدمتها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، والهدف هو حشد موقف دولي متفهم وداعم لقضية شعبنا”.

وبعد أن رفض صالح الربط بين هذا التواصل في الصراع الروسي – الأوكراني والتوتر بين روسيا والغرب تابع “من المبكر الحديث عن أي انعكاسات مباشرة للتوتر الغربي – الروسي على ملف الأزمة في الجنوب واليمن ولكننا نأمل إن حدث أن يكون تأثيرا إيجابيا يسرّع عمليّة إيقاف الحرب وإيجاد تسوية سياسية شاملة تحقق السلام الدائم وتحفظ لشعبنا حقه في السيادة على أرضه وتحقق تطلعه إلى بناء دولته”.

ويؤكد خبراء اقتصاديون أن التأثير المباشر للحرب في أوكرانيا سيكون اقتصاديا بالدرجة الأولى سواء على المنطقة ككل أو على اليمن بشكل خاص.

التوتر السياسي بين موسكو وواشنطن في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا قد يفتح شهية المحور الذي تقوده إيران في المنطقة

وقال المحلل الاقتصادي اليمني عبدالحميد المساجدي في تصريح لـ”العرب” إن “الصراع الجاري سيحدث تداعيات هائلة على الاقتصاد العالمي، تفوق التداعيات التي شهدها العالم خلال العامين الماضيين بفعل أزمة كورونا”.

وأضاف أن “هذه الأزمة ستنعكس بشكل سلبي على عدة نواح. وبما أن اليمن أصبح يستورد أغلب احتياجاته من الطاقة من الخارج، فضلا عن أنه مستورد شبه كامل لحاجياته الغذائية من الخارج، فإن البلد سيتأثر بشكل كبير بالهزات الاقتصادية الناتجة عن الصراع الروسي – الأوكراني؛ ففي مجال الطاقة وبفعل ارتفاع أسعار النفط فإنها كذلك سترتفع في السوق المحلية اليمنية سواء متأثرة بارتفاع خام النفط في الأسواق العالمية أو بارتفاع أسعار الشحن والنقل، إضافة إلى ما قد يحدثه التأثير الناجم عن ارتفاع فاتورة الوقود وتزايد الطلب على العملة الأجنبية اللازمة لدفع فواتير الاستيراد، الأمر الذي سينعكس مزيدا من التدهور على العملة الوطنية”.

وأشار المساجدي إلى أن اليمن يستورد أكثر من ثلاثة ملايين طن من القمح سنويا ويستحوذ بلدا الصراع روسيا وأوكرانيا على أكثر من خمسين في المئة من الواردات، وتابع “تدفق واردات اليمن من القمح سيواجه بعض التحديات، وهو ما قد يسهم في ارتفاع أسعار القمح، مع انخفاض متوقع في المعروض في حال استمرار حالات الطلب الداخلي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى