حضـرموت القارة المنتشرة

  • كتب / علي سالم اليزيدي

في مفهوم المنافسة تتاح امور لاتظهر خارج المنافسة, وفي سباق السيارات او الهجن او الخيول, لكن عندنا ظاهرة جديدة من غير كل الامم الموزعة في الارض, هناك الايرلنديين غادروا ايرلندا ويشبهوننا في معاناتهم كانوا في نزاعات ونهب بينهم ومن الخارج وسيطر الاقطاعيين الانجليز على اراضيهم وسلبوا كل شيء واي شيء, نحن في حضرموت عشنا النزاعات والنهب والاحتراب الداخلي مايقرب من قرنين من الزمان وحين كثرة الاموال مع الحضارم في المهجر (جاوا وسومطرة وماليزيا وحيدر آباد ودار السلام وممباسا والحبشة ومقديشو ) قبل المهجر الحديث واحتاجت هذه الفلوس والاموال الى حاضنة وبلد, وتعلم الحضارم وهكذا يلقي باهله المهجر ونجحوا في التعليم والتجارة والوعي التنموي, وجهوا همهم صوب حضرموت وجاءت سنوات السلام (سلام انجرامس ) لتحط هذه الاموال وتبدأ مرحلة جديدة هنا وتتأمن البلد وتظهر نتائج الاموال والسلام والتنمية معا.

هناك شعوب لم تعد الى مصب النهر, تركت بلدها وغابت وذابت وان بقيت قوة ناعمة في امريكا وماليزيا مثل الصينيين الذين احتفظت حضارتهم بكل سماتها ولم تتخرب ودفنت حالها الف عام ثم عادت وقد تجاوزت الخطر وهذا مافسر الانتشار الواسع لهم مثل الهنود في ماليزيا واستراليا وبريطانيا والخليج , وهناك الصينيين الذين اقاموا بلاد منهم خارج الصين, مثلما تمازج الملاويين مع الحضارم وشكلوا وطنية واحدة وتقاسم في الحكم بعد مقاومة الاحتلال الهولندي ثم الفاشية اليابانية وعندنا رجل شهير كاتب صحفي ووطني اندنوسي حضرمي هو محمد عقيل بن يحيئ الذي حطمت الفاشية اليابانية صحيفته ( الترجمان) فور دخولها جاكرتا ابان الحرب العالمية الثانية, لماذا التشابهة ايضا مع الايرلنديين هناك سمة مشتركة هي حرفة التجارة والصبر والكد, ثم اعادة المال والدعم للوطن ألام وظهور الوطنية وحركتها هناك وعندنا في الكفاح المسلح وتشابه الملامح وان اختلفت .

شاهدنا كيف يدير الهنود الادارات في جدارة ثم يتفوقون بتميز يجعلهم في مقدمة الشعوب من حيث تنظيم الادارة وحظينا نحن في حضرموت بعد عدن بهذا من قبل الهنود والعائلات الهندية التي عملت في الادارة والبنوك ووكالات البواخر وخدمت حضرموت ودربت مثير من ابناء حضرموت ومكنتهم من تسيير الادارات والترجمة والمصارف, هذا يبرز كفاح الشعوب, ومن الذي يتوجب ان اذكره هنا ان دولة ماليزيا الاتحادية التي تتبوأ مركزا مرموقا في آسيا خاضت حرب تحرير شرسة مع الاستعمار البريطاني وتوج باستقلال سمح بكل هذا الرخاء الذي تعيشه ماليزيا في تجربة فريدة وناجحة وقد صدف ان حضرت في عاصمتها احدى اعياد استقلالها وبهجتها ذات مرة مضت.

اعود حين تتشابك امور كثيرة قد لاتفهم بسرعة لكن تتوضح مع الوقت, حين كان الجعدة واليوافع من حضرموت يذوذون عن أمارة حيدر اباد وقبل سقوطها بيد الجيش الهندي فور الاستقلال كانت قطعة من حضرموت مع فارق البيئة والجغرافيا, مثلما تجد كل الملامح الموغلة في جزيرة زنجبار وبقايا جذور حضرمية مصرة ان تحيا وان لاتضمحل, هي نفس مابات احد المسنين في مدينة القطن يقرأ لي كل ليلة على مدي شهرين هناك قصة الحضارم في دار السلام وقرئ واحراش دار السلام وممباسا ويربط بين هناك ومن اقابلهم في المقهئ وكأنما هم لم يغادروا دار السلام ,بل حتى نزاعاتهم ومقالبهم يرويها لي نفس ابطالها من عاشها هناك, شيء من الاساطير وهو حقيقة بيننا, وفي يوم اجد نفسي وجها لوجه بمن شارك سوهارتو انقلابه ضد سوكارنو وهو الرجل الذي صعد الاذاعة ثم هروبه بعد سنوات الى جدة ثم بلاده حضرموت خوفا من بطش صديقه الحاكم, لاتقل شيئا فان الحظ شاء, كان قد حكى لي صديق ذات مرة بعيدة ولازالت الصومال منتعشة ان كيف يتواجه الشباب في داخل سينما بن كوير بمقديشو وكلا يصرخ عاش نادي التضامن فيرد عليه آخر عاش نادي الشعب بالديس ويصل الامر الى التشابك بالايدي…هذه القطع الموزعة من حضرموت ومالها من عمق بعيد في وجوه وثقافة الناس, كنا نزور مدينة مالكا وهي ميناء ماليزي وعرجنا قرب مسجد المدينة فاذا بأحدنا يذهب وهو من تريم الى رجلين متوسطي السن من منطقة تريس ومن آل محروس ويتبادلون التحية والحديث الجميل اللصيق, تعرفهم قال نعم واعرف اخوهم الكبير..

اعتقد وفي قرارة نفسي ان هذا الموسيقار الشاب الموسيقار محمد القحوم قد مزج هذه اللوحة كلها إذا توفق، وفتح كل الابواب لترجمة القصة الاصلية لهجرة الحضارم ليس في ماليزيا وحدها، لعل ذلك، ولعلي وفقت في تقديم خواطر اردت لها ان تقرأ وتفهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى