حل البرلمان وتعليق مواد دستورية بالكويت.. محطات قبل «القرار الصعب»

مراحل ومحطات عدة قادت للأمر الأميري الكويتي الصادر، مساء الجمعة، بحل البرلمان ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد على 4 سنوات.

وأصدر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ، أمرا وصفه بـ”القرار الصعب”، يتم بموجبه حل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد على 4 سنوات.

يتم خلال تلك الفترة- بموجب الأمر الأميري- دراسة الممارسة الديمقراطية في البلاد وعرض ما تتوصل إليه الدراسة على أمير البلاد لاتخاذ ما يراه مناسبا، في إشارة إلى إمكانية إجراء تعديلات دستورية.

جاء قرار أمير الكويت بحل مجلس الأمة (برلمان 2024) قبل أيام من انعقاد أولى جلساته التي كانت مقررة يوم 14 مايو/أيار الجاري، بسبب ممارسات لأعضائه قال أمير الكويت إنها “سلوك وتصرفات جاءت على خلاف الحقائق الدستورية الثابتة”، في إشارة إلى تعطيلهم تشكيل الحكومة الجديدة، إضافة إلى “تمادي البعض بالتدخل في صميم اختصاصات الأمير وفي اختياره لولي عهده”.

ويعد البرلمان الذي تم حله قبل انعقاد أولى جلساته هو أول برلمان في عهد أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح، الذي تولى مقاليد الحكم في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

القرار بحل البرلمان ووقف العمل بمواد من الدستور، سبقته مراحل ومحطات قادت إليه يمكن استعراضها في التقرير التالي:

أول خطاب.. انتقادات للحكومة والبرلمان

ظهرت تلك البوادر، في أول خطاب لأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي وجهه 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عقب توليه الحكم، ورسم فيه خارطة طريق لبلاده خلال الفترة المقبلة كشف فيها عن ملامح تغيير كبير ستشهده البلاد على صعيد السياسة الداخلية، التي احتلت الجانب الأكبر من خطابه.

كما شملت كلمته انتقادات للحكومة والبرلمان (مجلس الأمة 2023) ودعوة للمراجعة وتأكيدا على الوحدة الوطنية وتعهدا بمحاربة الفساد.

جاء ذلك عقب أدائه اليمين الدستورية في مجلس الأمة (البرلمان)، ليكون الأمير السابع عشر للبلاد، خلفا لأخيه الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي وافته المنية 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ووجه أمير الكويت انتقادات للحكومة والبرلمان في خطابه قائلا: “كانت هناك استحقاقات وطنية ينبغي القيام بها من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لصالح الوطن والمواطنين وبالتالي لم نلمس أي تغيير أو تصحيح للمسار، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك عندما تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد”.

وأكمل مدللا: “ما حصل من تعيينات ونقل في بعض الوظائف والمناصب التي لا تتفق مع أبسط معايير العدالة والإنصاف.. وما حصل في ملف الجنسية من تغيير للهوية الكويتية وما حصل في ملف العفو وما ترتب عليه من تداعيات.. وما حصل من تسابق لملف رد الاعتبار هو خير شاهد على مدى الإضرار بمصالح البلاد ومكتسباتها الوطنية”.

وأردف: “وما يزيد الحزن والألم سكوت أعضاء السلطتين عن هذا العبث”.

خطاب أعطى مؤشرات بدخول الكويت في عهد جديد من الشفافية والحزم، ورفض واضح لأي ممارسات تضر بمصالح البلاد والبلاد، أيا من كان مرتكبها.

حل برلمان 2023

وهو ما ظهر جليا في المحطة التالية، بعد أن صدر مرسوم أميري يوم 15 فبراير/شباط الماضي بحل مجلس الأمة السابق (2023) بسبب “ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة”.

جاء الحل بعد أزمة سياسية بين الحكومة والبرلمان، أدت إلى رفض الحكومة حضور جلسة مجلس الأمة آنذاك ، مما أدى لتعليق الجلسة.

اندلعت الأزمة بسبب رفض أغلبية النواب شطب ما يعتقد أنها إساءة ضمنية صدرت من النائب عبدالكريم الكندري أثناء مناقشة الردّ على الخطاب الأميري.

فبعد مطالبة رئيس برلمان 2023 أحمد السعدون بشطب مداخلة النائب عبد الكريم الكندري، من «مضبطة» المجلس، صوت أغلبية النواب (44 صوتاً) بعدم شطب مداخلة الكندري. وفسّر المطالبون بالشطب المداخلة بأنها تتضمن مسّاً بالذات الأميرية، وهو ما يخالف الدستور.

وكانت هذه هي أول حالة حلّ لمجلس الأمة في عهد أمير البلاد الشيخ مشعل.

انتخابات برلمان 2024

بعد حل برلمان 2023، شهدت الكويت في 4 أبريل/نيسان الماضي أول انتخابات برلمانية في عهد أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.

وأعرب أمير الكويت عن أمله في أن تسفر تلك الانتخابات عن “مجلس متميز بوجوه ذات فكر مستنير.. أعضاء مجلس أمة يستفيدون من الدروس والتجارب البرلمانية السابقة وينهضون بمسؤولياتهم الوطنية”.

ولم تسفر نتائج انتخابات مجلس «أمة 24» عن تغييرات كبيرة، حيث لم تتجاوز نسبة التغيير نحو 22% مقارنة بمجلس 2023، وذلك بدخول 11 وجهاً جديدا فقط.

وتقدمت الحكومة الكويتية برئاسة الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح باستقالتها، 6 أبريل/نيسان، غداة إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، وذلك وفقا للمادة 57 من الدستور، التي تنص على إعادة تشكيل الحكومة عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الأمة.

وصدر أمر أميري بقبول استقالتها، وتكليفها بتصريف العاجل من شؤون البلاد لحين تشكيل الوزارة الجديدة.

كما صدر مرسوم آخر في اليوم نفسه، بدعوة مجلس الأمة للانعقاد للدور العادي الأول من الفصل التشريعي الثامن عشر صباح يوم الأربعاء الموافق 17 أبريل/نيسان.

ومساء 8 أبريل/نيسان، صدر مرسوم أميري بتأجيل انعقاد أول برلمان في عهد أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى 14 مايو/أيار الجاري.

جاء مرسوم التأجيل بعد اعتذار رئيس مجلس الوزراء الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح عن عدم تشكيل الحكومة الجديدة.

وفي 15 أبريل/نيسان، صدر أمر أميري بتعيين الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيسا لمجلس الوزراء بالكويت. وشهدت تلك الفترة رفضا من قبل نواب مجلس الأمة للانضمام للحكومة الجديدة، مما عطل تشكيلها.

وبعد تعيين رئيس مجلس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة تم التواصل مع عدد من أعضاء مجلس الأمة، حيث تنص المادة 56 من الدستور على أنه “يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم”.

وكشف أمير الكويت في خطاب وجهه مساء الجمعة عن العراقيل التي تعرضت لها رئيس الوزراء لتشكيل حكومته من قبل أعضاء مجلس الأمة.

وقال في هذا الصدد: “بعد تعيين رئيس مجلس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة تم التواصل مع عدد من أعضاء مجلس الأمة لتأمين مشاركة البعض منهم في تشكيل الحكومة امتثالا والتزاما بأحكام المادة 56 من الدستور”.

وأردف: “ومع ذلك وحرصا على إتاحة كل الوقت الممكن لتشكيل الحكومة رغم كل العراقيل التي وضعت فقد أصدرنا المرسوم رقم 67 لسنة 2024 بتأجيل اجتماعات مجلس الأمة لدور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثامن عشر إلى يوم الثلاثاء الموافق 14 مايو/أيار 2024 إعمالا لنص المادة 106 من الدستور إيذانا لبدء مرحلة جديدة من التعاون الإيجابي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والعمل المشترك لتحقيق الإصلاح المنشود والإنجاز المأمول تلبية لطموحات وآمال المواطنين الذين يتطلعون لغد أفضل ومستقبل أكثر إشراقا”.

وأردف: “إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل لوجود تداعيات أسفرت عن عدم استكمال تشكيل الحكومة في ظل ما صدر من عدد من أعضاء المجلس من تباين تجاه الدخول في التشكيل الحكومي ما بين إملاءات وشروط البعض للدخول فيها”.

وكشف أنه” اشترط بعضهم شغل حقائب معينة بأعداد لا يمكن قبولها كما فرض بعضهم أسماء محددة”.

وبين أن هذا الأمر وضع البلاد “أمام موقف دستوري لا بد من العمل على معالجة أسبابه والحيلولة دون تكراره في المستقبل حرصا على مصالح البلاد والعباد”.

وأصدر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مساء الجمعة، أمرا يتم بموجبه حل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن 4 سنوات.

أمر وصفه الأمير في خطابه بـ”القرار الصعب”، إلا أنه بين أهمية اتخاذه “لتصحيح المسيرة ومعالجة الاعوجاج وسد النواقص التي كشف عنها التطبيق العملي لنصوص الدستور طوال 62 عاما الماضية دون تعديل”.

وقال أمير الكويت في خطابه: “لن أسمح على الإطلاق بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة لأن مصالح أهل الكويت التي هي فوق الجميع أمانة في أعناقنا علينا واجب صونها وحمايتها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى