هل سيعود اليمن سعيداً؟

عدن 24 / غــــازي العــلوي:

أعلن المتحدث الرسمي لدول التحالف العربي تركي المالكي في الحادي عشر من يناير الجاري من عتق عاصمة محافظة شبوة عن إطلاق معركة “حرية اليمن السعيد” مؤكدًا أن هذه العملية “ليست عملية عسكرية، بل إنمائية من أجل الاعتناء بالشعب اليمني”.

وجاء إعلان التحالف العربي، عن انطلاق عملية “حرية اليمن السعيد” غداة إعلان قوات “العمالقة الجنوبية” تطهير آخر معاقل مليشيات الحوثي في محافظة شبوة، واستكمال المرحلة الثالثة من معركة “إعصار الجنوب” التي انطلقت في 1 يناير/كانون الثاني الجاري.

ويرى البعض أن إطلاق التحالف العربي بقيادة السعودية لعملية “حرية اليمن السعيد” من قلب محافظة شبوة يحمل دلالات عميقة لا تنحصر فقط في طبيعة المواجهة المستقبلية مع المتمردين الحوثيين، بل وأيضا هي رسالة لبعض القوى التابعة للشرعية وعلى رأسها حزب الإصلاح، بأن أي محاولة لخلط الأوراق ستؤدي إلى عزلها.

هل سيعود اليمن سعيدًا؟

سؤال بات يتردد على ألسن الجميع، ولم يجدوا أي إجابة عنه حتى اللحظة، إذ لا بوادر تلوح بالأفق بأن اليمن سوف يعود سعيداً، وذلك بعد تعنت وإصرار مليشيا الحوثي المدعومة من إيران على التصعيد وعدم الرضوخ لدعوات السلام والجلوس على طاولة المفاوضات.

ويبدو، وبحسب مراقبين أدلوا بتصريحات متفرقة لـ”الأمناء”، أن الحوثيين لم يعد بمقدورهم الصمود أكثر أمام الضربات الموجعة التي يتلقونها، سواء في جبهات القتال أو في معاقلهم، من مقاتلات التحالف العربي وأبطال العمالقة الجنوبية، وسوف يضطرون لاستخدام كل ما لديهم من أوراق – إن كانت لديهم – لتسجيل أي انتصار سياسي يحسب للجماعة التي باتت تواجه عزلة دولية كبيرة وانهيارًا داخليًا لم تشهده منذ إشعالها للحرب قبل سبع سنوات.

لن يعود اليمن سعيدًا إلا بتحقيق هذه الأهداف

وبحسب المراقبين فإن اليمن لم ولن يعود سعيدًا إلا بتحقيق ثلاثة أهداف، لعل أهمها العمل على عودة دولة الجنوب وتمكين الجنوبيين من إعلان دولتهم المستقلة وعاصمتها عدن على حدودها المتعارف عليها قبل عام 1990م، ثم يأتي الهدف الثاني وهو القضاء على مليشيا الحوثي ومشاريعها التدميرية لما لها من مخاطر لا تستهدف اليمن فحسب بل تستهدف الأمن القومي العربي والمنطقة ككل، ثم يأتي الهدف الثالث وهو القضاء على أي تواجد لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن وتصنيف هذه الجماعة ضمن الجماعات الإرهابية.

سيناريوهات محتملة

مع تصاعد العمليات العسكرية ضد مليشيا الحوثي الإرهابية وتضييق الخناق عليها يرى مراقبون ومتابعون للشأن اليمني بأن ثمة سيناريوهات محتملة من المرجح أن ينتهجها الحوثيون، وقد بات من الواضح بدء تلك المليشيات بتنفيذ البعض منها، وهو الاستهداف الإرهابي لأعيان مدنية في أبوظبي، وهو الأمر الذي يوضح مجدداً مدى ارتهان ميليشيا الحوثي للنظام الإيراني ومشروعه التخريبي في اليمن والمنطقة، وسعيه لاستخدام اليمن منصة لزعزعة الاستقرار واستهداف المصالح الحيوية في دول الجوار وممرات التجارة الدولية.

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن إقدام جماعة الحوثي على استهداف الأعيان المدنية في الإمارات العربية المتحدة يؤكد شعورها بالانهزام وبالتالي استخدام أقوى الأسلحة المتوفرة لديها لمحاولة إعاقة أي تقدم صوب معاقلها وإرباك قوات التحالف، كما يشير هذا العمل بأن معركة الحوثيين لم تعد مع القوات القادمة صوب معاقلها والتي لا محالة ستصل اليوم أو غدا وإنما مع دول التحالف وفي مقدمتها الإمارات والمملكة العربية السعودية.

ما الذي ينبغي على التحالف فعله؟

ناشطون وسياسيون يرون بأن على قيادة التحالف العربي وقادة قوات العمالقة الجنوبية عدم إعطاء أي فرصة للحوثي لكي يستعيد أنفاسه ويرتب صفوفه لكون الخسائر ستكون كبيرة جدا في صفوف القوات الجنوبية وأيضا في العمق الاستراتيجي لدول التحالف.

وتساءلوا بالقول: “لصالح من تم توقيف الجبهات لأكثر من أربعة أيام وتخفيف الضغط على الحوثي بالجبهات في أطراف العين وحريب وتركه يرتب صفوفه بدلا من استغلال ارتباكه بعد الخسائر التي تكبدها في الفليحة وجبال البلق وتشديد الخناق عليه من قبل القوات المتواجدة في تلك المناطق؟”.

وأكدوا في تصريحاتهم لـ”الأمناء” بأن الانتقام لأبوظبي ونجران هو إسقاط حريب والعين ومن ثم التوجه إلى البيضاء وهي من سوف تخضع الحوثي وتكبح جماح همجيته وغطرسته إلى جانب استمرار قصف الأهداف العسكرية واستهداف القيادات الحوثية أينما وجدوا في صنعاء وعمران وصعدة.

وأشاروا بأن العمل على أرض الواقع وإرباك الحوثي هو من سيفي بالغرض، أما الإدانات والاستنكار والشجب فن يجدي نفعًا مع مليشيات عنجهية كهنوتية باغيه لن تفهم إلا بلغة القوة.

الجنوب والتطورات العسكرية الأخيرة

أظهرت التطورات العسكرية التي شهدها الجنوب في الفترة القليلة الماضية، أنّ تغييرات كبيرة على المشهد السياسي بصدد فرض نفسها، في صالح مسار القضية الجنوبية، بما يهز معسكر الشرعية الإخوانية.

أمنيًّا، فإنّ تطهير الجنوب وإعلانه خاليًّا من الاحتلال الحوثي أمرٌ بالغ الأهمية دفعًا نحو تحقيق استقرار أمني، يكون باكورة انطلاق نحو عملية سياسية يحضر فيها الجنوب كطرف فاعل على الأرض.

فالانتصارات العسكرية التي حقّقتها قوات العمالقة الجنوبية في شبوة، والتي قادت إلى تحريرها من الحوثيين، أعقبها دعوة من المجلس الانتقالي الجنوبي بتشكيل الوفد التفاوضي تمهيدًا للمشاركة في عملية سياسية مرتقبة.

تحرير شبوة من الحوثيين وتمسك الجنوب بمشاركته في مفاوضات الحل الشامل يمثّل صفعتين متتاليين للشرعية، واحدة عسكرية والأخرى سياسية، والقاسم المشترك بينهما يتمثّل في قوة الجنوب التي تعزّزت بقوة عسكرية في مكافحة الإرهاب وحنكة سياسية تمضي وفقًا لخطة استراتيجية.

هذا الواقع كفيلٌ بأن يثير رعبًا كبيرًا داخل المعسكر الإخواني الذي من غير المستبعد بل من المُرجّح بقوة أن يلجأ إلى إثارة نعرات في محاولة لبعثرة الأوراق، سواء من خلال ضربات أمنية تُوظّف فيها الشرعية إرهابها المعتاد.

الوجه الآخر من تعامل الشرعية مع هذه التطورات ربما يتمثّل في محاولة استهداف الجنوب سياسيًّا في مخطط لضرب مساعي وتطلعات المواطنين نحو استعادة دولتهم، وذلك في ظل أنّ الشرعية تعادي الجنوب فقط وتوالي الحوثيين.

لكن لا يبدو أنّ الشرعية الإخوانية في جعبتها أوراق رابحة، لكنّها محاصرة بقدر هائل من الضغوط التي زادت حدتها بشكل كبير، في أعقاب الانتصارات العسكرية الجنوبية ضد الحوثيين، وهي بطولات ساهمت في تعرية الشرعية الإخوانية على الملأ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى