إيران تستخدم الحوثيين كورقة ضغط مع اقتراب المحادثات النووية من لحظة الحسم

عدن24|العرب


ربطت أوساط سياسية يمنية تصعيد المتمردين الحوثيين في محافظة مأرب شرقي العاصمة صنعاء واستهداف الأراضي السعودية باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، بأولويات الأجندة الخارجية الإيرانية ومسار المباحثات بين طهران والمجتمع الدولي حول الاتفاق النووي.

وأرجعت الأوساط سبب تكثيف المتمردين الموالين لإيران هجماتهم على مأرب في هذا التوقيت إلى محاولتهم تخفيف الضغط الدولي المتزايد على طهران، مع اقتراب المحادثات النووية من نقطة الحسم.

وتشهد مأرب معارك ضارية بين القوات الحكومية والمتمردين، أسفرت عن مقتل رئيس هيئة العمليات الحربية في الجيش اليمني اللواء الركن ناصر الذيباني وسبعة وعشرين جنديا في جبال البلق جنوبي المحافظة.

ونعت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة في اليمن، اللواء الركن ناصر الذيباني، الذي سبق وأن شغل عدة مناصب قيادية في الجيش اليمني، قبل أن يتم تكليفه برئاسة هيئة العمليات الحربية.

ورجح محللون يمنيون انعكاس التوتر بين طهران والمجتمع الدولي بشكل متزايد على مجريات الحرب في اليمن، معتبرين التغير الطارئ في موقف الإدارة الأميركية والتحول في نبرة الخطاب الأميركي تجاه الحوثيين نتيجة مباشرة لحالة الشد والجذب بين طهران وواشنطن.

وأشار الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات نجيب غلاب في تصريحات لـ”العرب” إلى أن إيران عادة ما تصعّد من خلال وكلائها في المنطقة للضغط على دول الإقليم وعلى العالم، في إطار سعي النظام الإيراني لتغيير معادلة القوة.

واعتبر غلاب أن الميليشيات هي أهم أدوات طهران في الصراع مع المجتمع الدولي، ليس فقط في ما يتعلق بالملف النووي بل وفي باقي الملفات الأخرى.

ورأى المحلل السياسي أن تقليم أذرع إيران يمثل أهم النقاط التي يرتكز عليها الضغط على إيران، بالتوازي مع تشديد حزم العقوبات على النظام نفسه، موضحا “إذا كان الغرب يريد فعلا أن يمارس ضغطا حقيقيا على إيران في ما يخص وكلائها، فالحوثيون يمثلون أهم مرتكزات هذا الضغط، لأن طهران تنظر إليهم باعتبارهم أهم مراكز ثقلها في الصراع القائم في المنطقة، وربما قبل العراق نظرا للتحول الحاصل في هذا البلد، وحتى أهم من حزب الله، خصوصا أن تركيبة لبنان ووضعه الحالي يجعلان توظيف الحزب أمرا صعبا”.

وحول العلاقة العضوية بين الحوثيين والمشروع الإيراني، لفت غلاب إلى أن ما تقوم به الميليشيات الحوثية من رفض لكافة المبادرات والجهود للحل السياسي، وإصرارها على السيطرة على مأرب وتقديم تضحيات لا تحتملها الجماعة نتيجة عدد القتلى والخسائر واستنزافها القاتل، ليس إلا استجابة للحاجة الإيرانية قبل كل شيء، حتى قبل مصالح المتمردين كتكوين داخلي.

واستأنف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ الاثنين جهوده لدفع عملية السلام من خلال لقائه في مسقط بعدد من المسؤولين في سلطنة عمان، وكبير المفاوضين لجماعة الحوثي محمد عبدالسلام.

يأتي ذلك بعد ساعات قليلة على اجتماع قائد هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري مع العميد الركن عبدالعزيز بن عبدالله المنذري، نائب رئيس الأركان للعمليات والتخطيط بالقوات المسلحة العمانية.

ويعتقد البعض أن زيارة غروندبرغ لمسقط، ولقائه بكبير المفاوضين الحوثيين، قد تكون في علاقة باختراق حصل خلف الكواليس بين السعودية وإيران حول اليمن، لكن من المبكر جدا الجزم بحصول هذا الاختراق وطبيعته ومداه.

ورجح نجيب غلاب “مواصلة الحوثيين حربهم الداخلية وتهديد أمن المملكة من خلال الدور المرسوم لهم كأهم مرتكزات الثقل الإيراني، على الأقل في أمن الخليج والبحر الأحمر، وقد تدفعهم إيران إلى توسيع نطاق عملياتهم بما في ذلك تفجير الخزان صافر وتعميق المأساة في اليمن، وربما استهداف السفن التجارية”.

ويرى مراقبون للشأن اليمني أن الارتباط المفضوح بين أجندة الحوثيين وتعنتهم السياسي ومصالح إيران الاستراتيجية، قد يسهم على المدى المتوسط في تفكيك عقد الأزمة اليمنية، ويجعل من نظرة العالم أكثر واقعية لخلفيات هذه الأزمة وتداعياتها التي يسعى الحوثيون لإخفائها بغطاء وطني وإنساني وأحيانا مذهبي.

ووفقا لمعطيات التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة وخصوصا المتصلة بالملف اليمني، تشير العديد من المؤشرات إلى انعكاس نتائج الصراع الدولي والإقليمي مع النظام الإيراني بشكل كامل على مجريات الحرب في اليمن، التي شهدت انعطافة لافتة خلال الفترة الماضية مع إعطاء مساحة أكبر للتحالف العربي للضغط على الحوثيين.

وشهد الموقف الأميركي تحولا كبيرا في الآونة الأخيرة على وقع تصاعد حدة التوتر مع طهران من جهة، ورفض الحوثيين لجهود المبعوثين الأميركي والأممي من جهة ثانية، قبل أن يأخذ موقف واشنطن طابعا أكثر حدة في انتقاد الحوثيين، بعد اقتحامهم مبنى السفارة الأميركية في صنعاء واعتقال العشرات من العاملين فيه.

وبعثت الإدارة الأميركية برسائل وصفت بأنها شديدة الحدة إلى المتمردين عبر إدراج عدد من قياداتهم في قائمة العقوبات، والإعلان عن احتجاز سفن تابعة للحرس الثوري الإيراني كانت تحمل الأسلحة للحوثيين، وصولا إلى التلويح بإعادة تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، واستهدافها عبر قانون للحد من فاعلية الطائرات المسيّرة التي يستخدمها الحوثيون بكثافة في استهداف المنشآت النفطية والمدنية في السعودية.

ويسعى الحوثيون للخروج من دائرة الضغط العسكري والسياسي عبر تحقيق إنجاز خاطف على الأرض يغير من معادلة القوة التي بات العالم يراهن عليها في دفعهم نحو الموافقة على خطة للسلام ووقف إطلاق النار، ولا يخفي الحوثيون استعدادهم لتقديم المزيد من التضحيات في سبيل اجتياح مركز محافظة مأرب الاستراتيجية لتحقيق هدفهم العسكري الأبرز في هذه المرحلة، والذي من المتوقع أن تمتد آثاره أبعد من ذلك مع خروج تصريحات إيرانية وأخرى من قبل زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله، تتحدث عن محورية معركة مأرب بوصفها معركة بين المشروع الإيراني والمجتمع الدولي على أرض يمنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى