دراسة علمية: مستقبل اليمن لن يكون إلا بدولتين مستقلتين جنوبية وشمالية تتعايشان بالحب والسلام

أعطت مؤشرات لنظرة النخب الجنوبية حول شكل الدول مستقبلاً وأوصت دول  التحالف بالعمل على ذلك  ..

دراسة علمية: مستقبل اليمن لن يكون إلا بدولتين مستقلتين جنوبية وشمالية تتعايشان بالحب والسلام

 

  • أرجع غالبية أفراد العينة المبحوثة سبب فشل الوحدة إلى ممارسات سلطات صنعاء بحق أبناء الجنوب وذلك بنسبة 95 % كما أرجعت فئة واسعة من أبناء الجنوب السبب إلى اختلاف الثقافة بين الجنوب والشمال بنسبة بلغت 83 % .
  • عرض البحث شهادات تاريخية للنخب الشمالية التي تعتبر الجنوب فرعاً ويجب أن يعود للأصل وهو الشمال كما يؤمنون ويعتقدون ذلك
  • موقف حكام الشمال من الجنوب وسعيهم لضمه إلى سلطاتهم وإخضاعه والاستحواذ عليه وعلى موارده ليس بجديد، وهو موقف عام مشترك لدى كل رموز النظام في الشمال
  • قيادات شمالية رفيعة كشفت عن حقيقة الموقف الشمالي من الجنوب ناهيك عن الممارسات التعسفية بحق أبناء الجنوب من طمس للهوية والثقافة الجنوبية إلى تدمير البنية المؤسسية والبشرية في الجنوب وفي مختلف القطاعات إلى جانب التسريح القسري للجنوبيين من وظائفهم ونهب الأراضي والثروات بطرق ممنهجة ومنظمة
  • خرجت الجماهير الجنوبية في مظاهرات عارمة بدأت في عام 2006م من خلال إشهار جمعية (المتقاعدين العسكريين الجنوبيين) وتوالت الاحتجاجات في الجنوب والتي توجت في النهاية بإشهار (الحراك الجنوبي) في السابع من يوليو عام 2007م
  • إن المشكلة اليوم التي يقف أمامها اليمن مجدداً، هي مشكلة سياسية استراتيجية نشأت مع نشوء دولة الوحدة، ومضمونها النابع من دمج نظامين سياسيين مختلفين، نظام دولة مدني في الجنوب ونظام قبلي في الشمال
  • التوصيف الحقيقي للحالة الجنوبية هو المطالبة بفك الارتباط عن الجمهورية العربية اليمنية والعودة إلى الحالة السابقة دولتين مستقلتين كل دولة بهويتها وتاريخها

 

 

عدن24 | خاص

توصلت  دراسة علمية حديثة أجراها الباحث مناف عبدالمجيد سعيد شيخ عن قضية فك ارتباط الجنوب عن الشمال واستطلاع آراء  الجنوبيين حول ذلك إلى أن  ممارسات سلطات صنعاء بحق أبناء الجنوب  هي السبب الرئيسي في فشل الوحدة حاضرا ومستقبلا وذلك بنسبة 95 % كما ارجعت فئة واسعة من أبناء الجنوب سبب فشل الوحدة إلى اختلاف الثقافة بين الجنوب والشمال بنسبة بلغت  83 % كما اعتبرت  شريحة واسعة من أبناء الجنوب ان من أسباب فشل الوحدة نظرة الشمال إلى الجنوب الإقصائية،  كما اعتبرت شريحة من أبناء الجنوب وبنسبة بلغت 93 % ان للجنوب قضية عادلة تستوجب الحل كما اعتبرت شريحة واسعة من أبناء الجنوب بنسبة بلغت 66 % ان التوجه الإقليمي والدولي عامل مساعد في تأخر إعلان فك الارتباط عن الشمال .

وتناول الباحث في مقدمة بحثه أن شعب  الجنوب  المقيم على أرضه منذ آلاف السنين دخل الوحدة على أساس اتفاقية الشراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية وهو في هذه الحال لم يبع أرضه وثرواته ومؤسساته ولم يرهنها لاحد بل كان دافعه للوحدة هو الاخاء اليمني والعربي والإسلامي والقومي ولكن هذه الوحدة ضربت في الصميم بإعلان الحرب في عام 1994م من قبل نظام صنعاء .

لقد كانت الوحدة بين شطري اليمن مشروعا سياسيا لنظامي الجنوب (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) والشمال (الجمهورية العربية اليمنية)، وحلما لشعبا كبيرا في الشطرين، ولكن ما إن تحققت الوحدة الطوعية السلمية بين الدولتين في 22 مايو 1990م، حتى أتضح ان نظام الشمال  يضمر الحاق الجنوب بسلطاته والاستحواذ عليها، بأرضه الشاسعة وموقعه الاستراتيجي وشواطئه الواسعة وما يختزله من ثروات معدنية وزراعية وسمكية .

وقد ساعد نشر بعض حكام الشمال في السنوات الأخيرة تصريحات ومنشورات كشفت حقيقة نواياهم  المضمرة تجاه الجنوب حيث يقول  الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب السابق والرئيس المؤسس لحزب التجمع اليمني للإصلاح ” إن الرئيس الراحل علي عبدالله صالح طلب منه عقب قيام الوحدة هو وحلفائه من القوى الإسلامية، تشكيل حزب سياسي يكون رديفا لحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح (المؤتمر الشعبي العام) الذين كانوا هم حينها حكام دولته، وذلك بغرض معارضه الاتفاقات الوحدوية التي يجريها الرئيس صالح مع حليفه في الجنوب (الحزب الاشتراكي اليمني) الممثل للجنوب من اجل تعطيل تلك الاتفاقات وعدم تنفيذها ” ( مذكرات عبدالله الأحمر، الافاق للطباعة والنشر ،2007م، ص 208، 249 ).

والغرض من ذلك هو خلق ازمة سياسية بين شريكي الوحدة تهيئ لإعلان الحرب على الجنوب .

ان موقف حكام الشمال من الجنوب وسعيهم لضمه إلى سلطاتهم واخضاعه والاستحواذ عليه ليس بجديد، بل يعود إلى مرحلة اعلان استقلال الجنوب وهو موقف عام مشترك لدى كل رموز النظام في الشمال، حتى أولئك الذين يظهرون تعاطفهم مع الجنوب اليوم، حيث يقول الشيخ سنان أبو لحوم في مذكراته ” تم جلاء الاحتلال البريطاني من الشطر الجنوبي من الوطن في 30 تشرين الثاني 1967م، وأعلنت دولة مستقلة في الجنوب بزعامة الجبهة القومية، ولم تكن فكرة إقامة دولة في الجنوب واردة في ذهن القادة في الشمال وإزاء ذلك اختلفت القيادة في موقفها بين رفض قيام الدولة في الجنوب وبين القبول بالأمر الواقع، لان الموقف خطير حيث شدد الملكيون من هجماتهم وبدؤوا يحاصرون العاصمة صنعاء فليس بإمكاننا والوضع كذلك ان نحارب على جبهتين . ” (اليمن حقائق ووثائق عشتها، مؤسسة العفيف، صنعاء 2002، الجزء الثاني ص 262 ) .

وبهذا يتضح ان حكام الشمال ينكرون أصلا على أبناء الجنوب استقلالهم في دولتهم، التي قاتلوا لطرد الاحتلال البريطاني منها، وانه كان عليهم بعد نيل استقلالهم ان يسلموا بلادهم لحكام الشمال ، كما يفهم من شهادته انه لولا انشغال النظام في الشمال بالحرب مع الملكيين الذين وصلوا إلى تخوم العاصمة صنعاء لكانوا شنوا حربا على النظام في الجنوب.

ان الشهادات المذكورة آنفا لقيادات شمالية رفيعة تكشف حقيقة الموقف الشمالي من الجنوب ناهيك عن الممارسات التعسفية بحق أبناء الجنوب من طمس للهوية والثقافة الجنوبية إلى تدمير البنية المؤسسية والبشرية في الجنوب وفي مختلف القطاعات إلى جانب التسريح القسري للجنوبيين من وظائفهم ونهب الأراضي والثروات بطرق ممنهجة ومنظمة .

ان كل تلك الممارسات بحق شعب الجنوب كان لها الأثر الكبير في خروج الجماهير الجنوبية في مظاهرات عارمة بدأت في عام 2006م من خلال إشهار جمعية (المتقاعدين العسكريين الجنوبيين) وتوالت الاحتجاجات في الجنوب والتي توجت في النهاية بإشهار (الحراك الجنوبي) في السابع من يوليو عام 2007م .

لقد بدات تلك المظاهرات بمطالب حقوقية وسرعان ما اخذت الطابع السياسي المنادي بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية فظهرت الاعلام الجنوبية في كل المظاهرات السلمية في مختلف محافظات الجنوب وفي هذا البحث سلطنا الضوء على مطلب فك الارتباط وقمنا باستطلاع اراء أبناء الجنوب بخصوص هذا المطلب وقد قسمنا بحثنا هذا إلى فصلين رئيسيين حيث تناولنا في الفصل الأول  من البحث الاطار المفاهيمي للدراسة واجراءاتها المنهجية فيما تناولنا في الفصل الثاني الاطار النظري للدراسة والذي قسم إلى ثلاثة مباحث تناول المبحث الأول مفهوم فك الارتباط، فيما تناول المبحث الثاني الاطار القانوني لفك الارتباط في المواثيق والقوانين الدولية فيما تناول المبحث الثالث أمثلة ونماذج عن فك الارتباط في العالم .

وحدد الباحث مشكلة الدراسة بالقول : في جنوب اليمن يرى الناس النهب والسلب للأراضي والثروات وانتهاك حقوق المواطنين الجنوبيين فيظنون ذلك مشكلة، وانه اذا ما ضحى الرئيس بمصالح خمسة وعشرين رجلا من ضباطه وانحاز إلى جانب الشعب الجنوبي كان ذلك علاج القضية الجنوبية الناجع، الا ان تلك الرؤية سطحية قاصرة، فالقتل والنهب والسلب ونحوها من تلك الممارسات انما هي اعراض المشكلة وليست المشكلة ذاتها .

ان المشكلة اليوم و التي يقف امامها اليمن مجددا، هي مشكلة سياسية استراتيجية نشأت مع نشوء دولة الوحدة، و مضمونها النابع من دمج نظامين سياسيين مختلفين، نظام دولة مدني في الجنوب ونظام قبلي في الشمال، وقد نشأ الخلاف والصراع بين النظامين على طريقة إدارة البلاد منذ اللحظات الاولى للوحدة ودارت بينهما جولة أولى من الحرب عام 1994م أحرزت فيها القوى التقليدية في الشمال النصر لكنها لم تفلح في القضاء على  روح وتقاليد نظام الدولة الضارب بجذوره عميقا في تربة الجنوب كونها اشاعت الفساد والسلب والنهب وأثبتت انها عاجزة عن فرض واحلال المواطنة المتساوية وتلبية مطالب الامن والاستقرار والتنمية .

ولهذا فقد ظهرت روح نظام الدولة ترفع راسها من جديد ممثلة بالقضية الجنوبية التي يكمن فحواها في ان شعب الجنوب يعلن للعالم اجمع انه غير قادر على العيش في ظل نظام قبلي متخلف عن حياة وتقاليد العصر، فرض عليه بقوة السلاح في السابع من يوليو عام 1994م، وانه يطالب ويكافح لاستعادة نظام دولته المدنية .

وصاغ الباحث مشكلة البحث بسؤال رئيسي مفاده   :ما موقف أبناء الجنوب من فك الارتباط بالشمال والعودة إلى حالته السابقة ما قبل عام 1990م ؟

كما أجاب  البحث على الأسئلة الاتية :

1- ما المقصود بفك الارتباط على الصعيد الدولي و الجنوبي ؟

2- ماهي البنود التي تناولت مفهوم فك الارتباط في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ؟

3- ماهي الأمثلة والنماذج عن حالات فك الارتباط في العالم ؟

4- ماهي القرارات الدولية الصادرة التي تناولت الجنوب ؟

5- ما الذي يجب أن تفعله النخب السياسية في الجنوب من أجل الوصول إلى الهدف المنشود بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية ؟

وجاءت أهمية  البحث في تسليط الضوء على مفهوم فك الارتباط وتعريف الشعب في الجنوب بهذا المفهوم او المصطلح ومحاولة ترسيخه في أذهانهم، فشعب الجنوب (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) دخل في وحدة طوعية مع شعب الجمهورية العربية اليمنية في العام 1990م، ايمانا منه بأهمية الوحدة وتجسيدا منه للوحدة العربية والإسلامية وانها الأساس لتقدم الامة العربية والإسلامية، ومتأملا من هذه الوحدة الشيء الكثير فالحصول على شراكة حقيقية كان مطلب الشعبين في الشمال والجنوب، ولكن حرب صيف 1994م قضت على ذلك الحلم ووأدته في مهده، وهو ما جعل شعب الجنوب يخرج بتظاهرات شعبية عارمة تطالب باستعادة الدولة والعودة إلى الحالة السابقة ما قبل عام 1990م .

ولذلك فالتوصيف الحقيقي للحالة الجنوبية هو المطالبة بفك الارتباط عن الجمهورية العربية اليمنية والعودة إلى الحالة السابقة، ولهذا فهدفنا من هذا البحث أن نعرف الشعب في الجنوب بمفهوم فك الارتباط وترسيخه في أذهانهم، وأن الجنوب دولة مستقلة كان لها دورها في العالم العربي والإسلامي ولها مقعد في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة، وبالتالي فمن غير الصائب أن يتم اطلاق مصطلح (الانفصال) لتوصيف الحالة الجنوبية، لأن هذا المصطلح يطلق على البلدان والاقاليم التي تنتمي إلى كيان دولة موحد كما حصل في جنوب السودان وفي كوسوفو ونحوها من البلدان وهو ما لا ينطبق على الحالة الجنوبية .

ولهذا فقد وجب علينا نحن كباحثين ان نسلط الضوء على هذه النقطة المهمة ونفوت على النخب الشمالية في صنعاء الفرصة، فنحن في الجنوب دولة مستقلة وبالتالي فلن ننجر خلف تلك التسميات التي يريدوا أن تطلق علينا ليترسخ في اذهان الناس أن الجنوب وشعب الجنوب ليس الا جزءاً من الجمهورية العربية اليمنية او كما يقولون ان الجنوب فرع وقد عاد إلى الأصل .

واستخدم الباحث  منهج الوصف التحليلي وأداتي المقابلة والاستبيان  لجمع وتحليل البيانات وذلك بغرض الحصول على المعلومات من أعداد كبيرة من شرائح المبحوثين والذين يمثلون المجتمع الأصيل العام للبحث، لنتمكن من معرفة آراء شعب الجنوب بخصوص فك الارتباط عن الشمال واستعادة الدولة الجنوبية السابقة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى