مليشيا الحوثي تستبق التسوية المحتملة بتصعيد عسكري على الأرض

عدن24-العرب اللندنية


يتّبع المتمرّدون الحوثيون في إدارتهم للصراع الدامي الذي فجّروه في اليمن منذ أكثر من ستّ سنوات تكتيكا معروفا يقوم على استباق المنعطفات السياسية الحاسمة والتحرّكات الدبلوماسية الجادّة لحلّ الصراع بالتصعيد ميدانيا، ومحاولة الظهور في موقف قوّة وتماسك لأجل المفاوضة بـ”نديّة” على أكبر قدر من الأهداف والمكتسبات.

وينطبق ذلك على الفترة الحالية التي يستشعر المتمرّدون خلالها ملامح وضع دولي وإقليمي جديد قد يكون أكثر ملاءمة لجهود السلام التي تبذلها الأمم المتّحدة بقيادة مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث.

ويضع الحوثيون تصعيدهم الجديد سواء في جبهات القتال الداخلية أو تجاه المملكة العربية السعودية تحت عنوان “الصمود والتماسك” إلى أقصى حدّ ممكن، أملا في عملية سياسية يحافظون من خلالها على أقصى قدر مما “غنموه” في الحرب من أراضٍ قابلة لأن تضمّ “دولتهم” المنشودة القابلة للحياة باحتوائها على موارد اقتصادية من جهة وانفتاحها على البحر من جهة مقابلة.

وخلال شهر نوفمبر الماضي هدّدت جماعة الحوثي باتخاذ خطوات تصعيدية ضد أهداف عسكرية واقتصادية حيوية في العمق السعودي بدعوى الردّ على “التصعيد العسكري المستمر” من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية.

ونفذ الحوثيون جزءا من تهديدهم بإطلاقهم صاروخا أصاب خزان وقود يتبع شركة أرامكو في مدينة جدة غربي المملكة، وقالت الرياض إنّه لم يحدث إصابات ولا خسائر في الأرواح، ولم تتأثر إمدادات النفط جرّاءه.

وقوبل الهجوم الحوثي بإدانات محلية وعربية ودولية بينها ما صدر عن الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية.

وجاء هجوم الحوثيين ضد الهدف النفطي السعودي في خضم الانتخابات الأميركية التي أسفرت عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن على حساب الرئيس دونالد ترامب التي تعدّ إدارته أكثر تقاربا مع الرياض من إدارة سلفه الديمقراطي باراك أوباما الذي يوصف بايدن بأنّه وريث محتمل لسياساته.

وتعهد بايدن خلال حملته الانتخابية بممارسة سياسة شرق أوسطية مختلفة تتضمن العمل على إنهاء حرب اليمن.

وفي الجبهات الداخلية كثّف الحوثيون من جهدهم الحربي الموجّه صوب محافظة مأرب شرقي صنعاء، أملا في السيطرة عليها نظرا لأهمية موقعها وغناها بالنفط، لكنّ السعودية كثّفت في المقابل من دعمها للقوات اليمنية هناك لمنع حدوث اختلال كبير في ميزان القوى القائم على الأرض.

هدف الحوثيين من أي تسوية سياسية قادمة الحفاظ على ما غنموه من أراضٍ لتكون مجالا لدولتهم القابلة للحياة

ويعمل التحالف العربي على مقابلة التصعيد الحوثي بتصعيد مضاد يحرم المتمرّدين من تثبيت أي مكسب لهم، مستخدما وسيلة تفوّقه الساحق المتمثّلة في سلاح الطيران.

واستهدف طيران التحالف، الأربعاء، مخازن أسلحة تابعة لجماعة الحوثي داخل مطار صنعاء الذي تحوّل إلى “ثكنة عسكرية وحقل تجارب للأسلحة النوعية”، بحسب مصادر يمنية نقلت عنها قناة الإخبارية السعودية الرسمية. وجاء ذلك بعد حملة قصف كثيفة نفذها التحالف على مدار الأيام الماضية لمواقع عسكرية متنوعة في صنعاء وضواحيها.

وبحسب متابعين للشأن اليمني، فإن الحوثيين يهدفون من هذا التصعيد العسكري إلى الدفع بفكرة أنهم لا يزالون رغم الجهد الحربي الطويل والمرهق أقوياء على الأرض لقدرتهم على ضرب أهداف في العمق السعودي، وبالتالي الحصول على مكاسب سياسية في أي مشاورات مقبلة قد تضغط الإدارة الأميركية الجديدة لإجرائها، بغرض إنهاء الحرب.

ويعتقد الحوثيون ومن ورائهم إيران أنّ السعودية خسرت بهزيمة الرئيس ترامب في الانتخابات حليفا كبيرا وهم يحاولون استغلال هذا المعطى لتحقيق مكاسب عسكرية قبيل أي تسوية سياسية مرتقبة.

ورغم ذلك، يرى مراقبون أنه توجد مبالغة في الاعتقاد بأن إدارة بايدن ستكون معادية تماما للسعودية، خاصة مع وجود مصالح كثيرة تربط بين البلدين وستحتّم على الإدارة الأميركية الجديدة الحفاظ على علاقة جيدة مع المملكة، إذ أنّ تعهدات الحملات الانتخابية لا تجد في أغلب الأحيان طريقها إلى أرض الواقع.

وعادة ما تؤكد السعودية دعمها لجهود التوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن عبر حوار برعاية أممية. وسبق وأن أعلنت في أبريل الماضي عن وقف شامل لإطلاق النار لمدة أسبوعين قابلين للتمديد.

وأعربت آنذاك عن أملها أن ينتهز الحوثيون فرصة وقف إطلاق النار ويتجاوبوا بشكل فاعل وجدّي مع هذه المبادرة، وتغليب مصلحة الشعب اليمني. لكن الهدنة سرعان ما انهارت مع استمرار الحوثيين في عملياتهم العسكرية واستمرار ردود التحالف عليهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى