الصخور الجبلية تهدد حياة المواطنين بشعيب الضالع.. فمن ينقذهم؟

0bdff428 3683 4e69 95be dfaceb3f28d0

عدن24/ عادل حمران:

بات المواطنون في مديرية الشعيب، بمحافظة الضالع، يخافون على حياتهم ومزارعهم ومساكنهم كثيرا، جراء انهيار الصخور الجبلية التي باتت آيلة للسقوط في أي لحظة، وخصوصا في عاصمة مديرية الشعيب مدينة العوابل، والتي تعد ملتقى الشعيب ومركزه الاقتصادي وقلب المديرية بأكملها، وقرية “القهرة” التي سقطت منها صخور جبلية ضخمة الأسبوع الماضي كادت أن تودي بحياة عدد من الأسر، ورغم سلامة الناس إلا أنها لم تسلم مزارعهم وحقولهم، وكادت أن تحدث كارثة طبيعية لولا لطف الله ورعايته.

أسباب الكارثة

ويرجع جيولوجيون الأسباب الرئيسة لحدوث الانهيارات إلى عدة عوامل، منها طبيعية، مثل: التعرية التفاضلية والتغيرات المناخية ومياه الأمطار وكذلك الهزات الأرضية، وأخرى بشرية مثل التصريف السيئ لمياه الأمطار والمجاري، وقطع أقدام المنحدرات.

وطالب رجل الخير حسنين حسن عسكر – المعروف بـ(أبي حسن الخيلي) – جميع الجهات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية بسرعة إيجاد حلول حقيقية تخلص الناس من هذه الكارثة الطبيعية التي تنتظر الناس، والتي تتمثل بخطر الصخور الجبلية التي تقع في جبل العوابل فوق قمة القلة وتشكل خطرا حقيقيا لا يمكن السكوت عنه، حفاظا على سلامة الناس ومزارعهم وكذلك حفاظا على الطريق الرئيسي الذي يربط العوابل بعدد من قرى الشعيب منها (اشمان – اقذيذ- المضو – الصومعة – لنجود – ثوان).

وأشار أبو حسن بأن التشققات التي بين الصخور تتسع عاما بعد آخر بسبب عوامل التعرية الطبيعية، ونحن نخشى على سلامة الناس وأراضيهم من أي كارثة تحصل لا قدر الله.

تهديدات ومخاطر

وتحدث أمين عام المجلس المحلي بمديرية الشعيب الأستاذ صالح المشرقي بالقول: “دعني أخبرك أنه قبل أسبوع حدثت انهيارات صخرية كبيرة في جبل الخطم الواقع فوق قرية (القهرة) وسقطت صخور ضخمة بحجم منزل كبير وصل بعضها إلى الوادي وتسبب بأضرار في ممتلكات المواطنين ومنها ما زال في وسط الجبل مهددا بمواصلة السقوط. أما أخطرها وأعظمها وهي بحجم جبال صغيرة فما زالت معلقة ومهددة بالسقوط في أي وقت وتحتها عدد من منازل المواطنين والمزارع وكذلك طريق القرية الرئيسي”.

وأضاف المشرقي: “إن هذه المشكلة توجد في عدد من قرى الشعيب وفي عدد من الطرقات الرئيسية والتي باتت تهدد حياة المواطنين وممتلكاتهم، وكل عام تكون الخطورة أكثر من الأعوام السابقة بسبب تأثر هذه الصخور بالعوامل الطبيعية مثل السيول الجارفة والهزات الأرضية وكذلك عوامل التعرية الأخرى”.

وأكد الأمين العام بأن “المسؤولية تقع على عاتق الجميع بدءا من سلطة المديرية ممثلة بمكتب الأشغال، ولكنهم عاجزون بسبب عدم وجود موازنة منذ عام 2015م، وكذلك مسؤولية المحافظة للتدخل باعتبار المشكلة خطيرة وطارئة، وهناك مسؤولية كبيرة تقع على أهالي القرى المتضررة من هذه الصخور ومن ضمنها مد يد المساعدة وتسهيل عمل أي جهة ستنفذ من خلال تقديم تنازلات عن أي ضرر قد يحدث، والموافقة على التنفيذ وتذليل أي صعوبات أخرى”.

 مختتما حديثه بأن “لا حل لهذه الصخور إلا بالقيام بعملية تفجير وتفتيت لتلك الصخور بطريقة علمية مدروسة، وهو الحل الوحيد تقريبا”.

ظواهر الانهيارات

وظواهر الانهيارات الأرضية تحدث عادة وبصورة متكررة في الطبقات الصخرية الرخوة التي تتعرض للتشققات الطبيعية بفعل عوامل التعرية المستمرة، خصوصا حينما تتشبع مساماتها بالمياه أثناء مواسم هطول الأمطار، حيث تعمل بعض المواد الكيميائية الموجودة أصلا ضمن تركيبة الصخور على ما يعرف علميا بـ”عملية التجوية” أو “التمؤ”، وهذا يؤدي إلى زيادة التشققات واتساع الفواصل بصورة مكيانيكية، فضلا إذا كانت الكتلة الصخرية تقع على ارتفاع منحدر تلعب الجاذبية الأرضية دورا كبيرا في سرعة حدوث الانهيار، وغالبا ما يحدث ذلك بصورة مفاجئة وعواقبها وخيمة في بعض المناطق السكنية والزراعية وفي قطع الطرقات الجبلية.

وهذا ما أكده أستاذ الهيدروجيولوجيا المشارك بجامعة عدن الدكتور حسين العاقل بالقول: “ظواهر الانهيارات الجبلية في مديرية الشعيب توجد على هيئة سلسلة جبلية تمتد من المهلال والقلة بمدينة العوابل ومنها تشكل كتلة جبلية مرتفعة تسمى بجبل العوابل ثم تتصل بجبال القهرة والصلئة واشمان والمضو واقذيذ ولنجود والصومعة وترتبط بسلسلة جبال مريس وقعطبة وغيرها”.

وأكد العاقل أن “هذه الطبقات الصخرية قد صارت بفعل عوامل التعرية لها حواف شديدة الانحدار وعليها تظهر الشقوق الواسعة الممتدة بشكل رئيسي، كما تبدو مهيأة على وشك الانهيار، وبالذات فوق العوابل جبل القلة وقريتي الصلئة والقهرة وفوق طريق المعراضة بالمقرور والشعب الكبير وفي جبل اشمان باتجاه المضو وحدالة، وأيضا في عشمل والمثعارة وفي جبل الكومل وفوق مدرسة لنجود، كما توجد هذه الظاهرة فوق قرية أرضة وفي جبل حرير والضبيان وذخار وغيرها”.

وأشار إلى أن “مواجهة مخاطر هذه الانهيار تتطلب التفكير الجدي، وعلى وجه الخصوص في الأماكن الآيلة للسقوط، ومن الممكن اتخاذ حلول ومعالجات لتفتيت ولو بعض الأجزاء منها باستخدام العبوات الناسفة (الدنميت) توضع في الشقوق بصورة محكمة، يقوم بها فريق من الخبراء وتشرف عليها جهات رسمية معتبرة ومتخصصة في مثل هذه الأعمال، على الأقل للتقليل من نتائج وعواقب سقوطها في الأماكن المأهولة بالسكان وفي جوانب طرق المواصلات العامة وفوق المدرجات الزراعية”.

ذكريات أليمة

لم ينسَ الناس في العوابل الكارثة التي وقعت في عام 1982م حين سقطت صخور جبلية ضخمة من جبل العوابل إلى فوق وادي القلة الذي كان يقطنه عدد كبير من المواطنين، بينهم عبدالله السلال المدير الحالي لأمن مديرية الشعيب، الذي نجا بأعجوبة من تلك الكارثة وكان بجانبه آنذاك والده ووالدته، حيث حدثنا عن ذلك اليوم الأليم بالقول: “لم أنسَ تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم حتى الوهلة، كنت طالبا في الثانوية العامة حينما أخذنا والدي إلى الوادي برفقة والدتي، بدأنا العمل حتى تمام التاسعة والنصف، جلسنا لتناول وجبة الفطور تحت إحدى الأشجار بجانب المزرعة، وفجأة سمعت صوتا قويا وشاهدت صخورا ضخمة تتساقط نحونا، هربت بكل قوة وقفزت من مكان مرتفع وانكسرت رجلي، وأما والدي – الله يرحمه – ووالدتي – حفظها الله – مشوا قليلا بعيدا عن موقع الصخور المتساقطة ونجوا بأعجوبة بالغة، تشكلت الصخور فوقهم بشكل غار، وأبي وقع بينها، المزرعة تدمرت ولم نستطع إعادتها حتى اليوم، كان المشهد مخيفا، ورغم مرور أربعة عقود حتى اليوم إلا أننا لم ننسَ ذلك المشهد المخيف واليوم القاسي، وأسأل الله أن لا يتكرر”.

واختتم السلال حديثه بالقول: “هناك صخور ما تزال تشكل خطرا على سلامة الناس وحياتهم ومزارعهم، ونأمل من الجهات المسؤولة القيام بدورها قبل أن تتكرر كارثة أخرى، خصوصا أن هناك صخوراً آيلة للسقوط في أي لحظة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى