جهود أمريكية – عمانية لإحياء مبادرة غريفيث معدلة لحل الأزمة اليمنية

عدن24|العرب اللندنية

كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ”العرب” سعي واشنطن لإحياء مبادرة المبعوث الأممي السابق إلى اليمن مارتن غريفيث، بالتنسيق مع سلطنة عمان، مع إجراء تعديلات على مضمون المبادرة في ضوء التطورات السياسية والعسكرية التي شهدها اليمن في الآونة الأخيرة.

ووفقا لهذه المصادر تتضمن المبادرة المعدلة مرحلة انتقالية لبناء الثقة، تشمل تلبية مطالب الحوثيين المتمثلة في فتح مطار صنعاء ورفع القيود المفروضة على مطار الحديدة ووقف عمليات التحالف العربي الجوية، مقابل إيقاف الحوثيين عملياتهم العسكرية في محافظة مأرب والكف عن استهداف الأراضي السعودية بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية.

وستكون فرص نجاح هذه المبادرة المعدلة صعبة إذا استمر المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران في تحقيق المزيد من المكاسب العسكرية على الأرض بعد سيطرتهم على مناطق واسعة في محافظة مأرب الاستراتيجية الغنية بالنفط والغاز واقترابهم من مركز المحافظة.

ويعتقد خبراء سياسيون بشكل متزايد أن التحركات الأميركية في هذا السياق -والتي كان آخرها جولة المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ في المنطقة وزيارته العاصمة اليمنية المؤقتة عدن- هي محاولات لطمأنة الحلفاء والبحث عن اتفاق سهل مع الحوثيين، لكن دون توظيف أي من أدوات القوة والضغط التي تمتلكها واشنطن لتحقيق هذا الهدف.

ويؤكد هؤلاء أن الرسائل التي بعثتها إدارة الرئيس الأميركي جو بادين في ما يتعلق بالملف اليمني ذهبت في اتجاه تعزيز التعنت الحوثي، وخصوصا القرار المتعلق برفع اسم الجماعة الحوثية من قائمة المنظمات الإرهابية، وتركيز الضغط على التحالف العربي والحكومة المعترف بها دوليا في الوقت ذاته.

وترك الارتباك الأميركي حول ملفات النزاع في المنطقة واليمن فراغا كبيرا ساهم في تعزيز النفوذ الإيراني على حساب الدول الحليفة لواشنطن، وهو ما اعتبره الحوثيون مؤشرا على رغبة الأميركيين في اتباع سياسة جديدة قائمة على عدم التدخل العسكري المباشر أو حتى غير المباشر، خاصة بعد أن أوقفوا توريد الأسلحة الهجومية للسعودية.

وكانت مصادر سياسية مطلعة قد أكدت لـ”العرب” في وقت سابق رفْض الحوثيين أي مبادرة للسلام قبل إكمال سيطرتهم على محافظة مأرب التي تحولت إلى نقطة الخلاف المركزية التي تعيق جهودا أميركية وأوروبية وأممية لوقف إطلاق النار في اليمن واستئناف المشاورات السياسية.

ولفتت هذه المصادر إلى أن الوفد التفاوضي الحوثي في مسقط الذي التقى بمسؤولين أمميين أميركيين وغربيين يركز مواقفه على تحقيق مكاسب إضافية، دون أن يؤثر ذلك على الأهداف العسكرية الحوثية المتمثلة في استكمال معركة مأرب ورفع شعار جديد حول اعتبار مطالب الحوثيين جزءا من المسار الإنساني الذي لا يجب ربطه -بأي شكل من الأشكال- بالمسار السياسي والعسكري.

ويجمع مراقبون للشأن اليمني على أن نتائج معركة مأرب بين الحوثيين من جهة والجيش اليمني ورجال القبائل من جهة أخرى ستكون علامة فارقة في تاريخ الحرب الممتدة منذ سبع سنوات، وبداية لمرحلة جديدة في مسار الصراع اليمني.

واستطاع الحوثيون تحقيق مكاسب عسكرية هائلة في الأشهر الستة الأخيرة بعد تمكنهم من السيطرة على كافة مديريات محافظة البيضاء وتركيز الضغط العسكري على محافظة مأرب وفتح جبهات جديدة من خلال السيطرة على ثلاث مديريات في محافظة شبوة وعدد من المديريات في محافظة مأرب والاقتراب من مركز المحافظة المحورية في الحرب اليمنية والتلويح بنقل المعركة جنوبا إلى محافظة شبوة المجاورة التي يراهن الحوثيون على استخدامها كبوابة للعودة إلى جنوب اليمن.

وفي ظل هذا المشهد القاتم ومع استمرار حالة استنزاف القبائل اليمنية التي تشارك في التصدي للزحف الحوثي وغياب “الجيش الوطني” التابع للحكومة اليمنية تتزايد المخاوف من انتشار عدوى الانهيارات المتواصلة في جبهات الشرعية في مأرب إلى مناطق ومحافظات أخرى، كما تبرز العديد من التساؤلات في الأوساط السياسية والإعلامية عن سيناريو ما بعد سيطرة الحوثيين على مأرب والانتصار في الحرب.

ويذهب الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر إلى أن “الحوثيين سينتزعون مأرب بطريقة أو بأخرى”، وأن هذا “سيفتح شهيتهم لمحاولة استكمال السيطرة على بقية المحافظات اليمنية في الجنوب والشرق، بهدف إيجاد متنفس آخر لتهريب الأسلحة الإيرانية واستغلال الموارد”.

ويتابع الطاهر “لو تمكن الحوثي من السيطرة على اليمن، وانتصر في هذه الحرب، فذلك يعني أننا سنرى دولة إثني عشرية طائفية متطرفة، تهدد دول الجوار اليمني، وتكون العصا الإيرانية في تهديد دول البحر الأحمر وقناة السويس والممر الملاحي ككل”.

وتشير التصريحات والمواقف الحوثية إلى اعتزام الجماعة المدعومة من إيران التوجه جنوبا في حال تمكنها من حسم معركة مأرب، وهي النتيجة المباشرة التي يؤكد باحثون سياسيون أنها ستكون أوّل التداعيات المترتبة على انتصار الحوثيين عسكريا في مأرب.

ويقول الباحث السياسي اليمني ماجد الداعري في تصريح لـ”العرب” إن “تقدم الحوثي واستكمال سيطرته على مأرب أصبحا مسألة وقت ما لم تتحرك قوات المنطقتين الأولى والثانية وقوات الإخوان بشبوة وشقرة لمواجهته بدعم جوي من التحالف قبل استكمال المتمردين إسقاط مأرب وتوجههم نحو استكمال السيطرة على شبوة ثمّ حضرموت، وبالتالي استعادة كامل حقول النفط والغاز”.

ويضيف “بقية المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي ليست مهمة بالنسبة إلى الحوثيين في المرحلة الأولى على الأقل، لأن بإمكانه أن يوقّع أي اتفاق مرحلي لأخذ استراحة محارب قبل استئناف السيطرة على كامل اليمن واتخاذه ممرا لتحقيق الأطماع الإيرانية في المنطقة واستهداف السعودية وإشغال المنطقة بأعمال قرصنة بحرية وألغام واستهداف الملاحة الدولية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى