صنعاء.. جنَّة الحوثي المزعومة!

عدن / يعقوب السفياني :

لطالما  صوّر إعلام ميليشيات الحوثي المُسيطرة على صنعاء والشمال مناطقه بـ “الجنة”، مُعتمداً على الأوضاع المرتدية التي تشهدها محافظات الجنوب، إلا أنَّ هذه التصوّرات لا تعدو عن كونها مجرد فقاعات إعلامية تنتهي بمجرد أن تحط رحالك في منطقة ما من هذه المناطق، وهذا شيء يعرفه من يسكنون صنعاء والشمال جيداً.

وفي هذا التقرير سنبرز بعض أوجه المقارنة بين صنعاء وعدن، للتدليل على أنَّ سوء الوضع في عدن والجنوب ليس أكثر من صنعاء والشمال، وأنَّ الرفاهية الحوثية التي يتصورها الكثير ليست حقيقية، بل إنَّ ما يعانيه أهل الشمال في ظل وجود الحوثيين قد يتجاوز بمراحل مناطق الجنوب.

المرتبات

منذ نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن نهاية العام 2016، أوقفت حكومة هادي رواتب القطاع العسكري الذي بات سلاحاً بيد الحوثيين. وفي الوقت الذي ارتفعت به مرتبات هذا القطاع بنسبة 100% في المناطق المحسوبة على هذه الحكومة، لا يزال مرتب الجندي شمالاً 30 ألف ريال، كما كان الحال في عهد علي صالح.

وحتّى هذا المرتب الضئيل لا يأتي منذ سنوات، إذ يوجه الحوثيون في توفيره لمقاتليهم بالجبهات، وتلجأ الجماعة لنهب التجار واستحداث جمارك برية للاختلاس.

القطاع المدني، وبالذات المعلمين، أيضاً لم يعد يستلم مرتباته. يكتفي الحوثيون بمنح كل معلم قسيمة شهرية بنصف قيمة راتبه الأصلي، وفي أحسن الأحوال تكون قيمتها 40 ألف ريال يمني، يحصل عبرها المعلم على بعض المواد الغذائية التي قد لا تكفيه لأسبوع، فيما لا يمكنه شراء شيء آخر غير الغذاء.

المشتقات النفطية

يبلغ سعر صفيحة البنزين في صنعاء 12000 ريال، وهو ما يعني أنَّ سعرها 50 دولار بسعر الصرف في صنعاء، مقارنة بـ 15 دولار في عدن، أي 15 ألف ريال. وغالباً ما تواجه صنعاء أزمات وقود خانقة بشكل دائم، كما يحاول الحوثيون إدخال المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة لتموين المدن التي يحكمونها، بعد أن أصبح السخط الشعبي على أشده.

كما تعاني صنعاء من أزمة كبيرة في الغاز المنزلي، ويشتكي مواطنون من انعدام أسطوانات الغاز التي أصبحت شبه حصرية بالمشرفين والمقربين من الجماعة. وينتظر المواطنون في طوابير طويلة للحصول على أسطوانة غاز يصل سعرها إلى 6 آلاف أحياناً.

الكهرباء

أصبحت خدمة الكهرباء ضرباً من ضروب الخيال بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين، فهي ترف لا يعرفه غير القيادات الحوثية وحكومة صنعاء، خصوصاً في مناطق الحديدة الساحلية شديدة الحرارة.

ومع أنَّ معظم مناطق شمال اليمن ذات جو بارد معظم العام، إلا أنَّ التيار الكهربائي يشبه “الحلم” بالنسبة للكثيرين الذين لجأوا إلى منظومات الطاقة الشمسية، والتي بطبيعة الحال قد لا تتوفر إلا لدى القليل.

المواد الغذائية

حافظ الحوثيون على عملة مستقرة عبر رفض كل الطبعات الجديدة التي أصدرتها حكومة هادي، وهو ما أسهم في وجود نوع من الاستقرار الموازي بأسعار الغذاء.

ومع هذا، لا تزال أسعار الغذاء باهظة ومدمرة للطبقة الواسعة من المواطنين، والذين لا يملكون مرتبات أو انقطعت عنهم بفعل سيطرة الحوثيين على أرضهم ونهب مقدراتهم.

وأيضاً تجدر الإشارة إلى تشابه أسعار كثير من السلع الغذائية بالبقالات بين عدن وصنعاء، وقد لا يتجاوز الفارق 20% لصالح صنعاء.

الخُمس والمجهود الحربي

اعتمد الحوثيون قانوناً يقضي بأحقيتهم بـ “الخُمس” من كل أملاك المواطنين، بناءً على إيمانهم بانتمائهم لبيت النبوة، وهو ادّعاء فندّته الحقائق التاريخية، علاوة على أنَّه لا يعني شيئا حتّى وإن صح، فالإسلام لم يقسم الناس إلى سادة أو عبيد، ولم يحدد الخمس لنسل الصحابي الجليل علي بن أبي طالب، كما تروج الجماعة وغيرها من فرق الشيعة.

ولم يكتف الحوثيون بالخُمس، بل شرعوا بنهب المواطنين، وبالذات التجار ورؤوس الأموال ومُلّاك المحلات باسم “المجهود الحربي”، لشراء السلاح وتموين جبهاتهم ضد الجنوب وبعض مناطق الشمال التي تقاوم فيها القبائل.

الانتهاكات

وإلى جانب هذا كله، ينتهك الحوثيون سكان شمال اليمن ويرتكبون ضدهم جرائم لا تنتهي. من الإعدامات بعد محاكمات صورية مزيفة، إلى السجون السرية وما يجري بها من تعذيب واغتصابات، بالإضافة للتجبر والتمييز على أساس طبقي وعنصري وسلالي.

ويدفع الحوثيون بآلاف الأطفال بشكل مستمر للقتال في جبهاتهم، بعد تهديد مشائخ القبائل بتفجير منازلهم إذا ما عارضوا الجماعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى