مسقط تؤكد استمرار وساطتها بين الفرقاء اليمنيين لإنهاء الحرب


رفضت مصادر رسمية عمانية التعليق على تصريحات رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط، الذي أكد توقف الوساطة العمانية منذ أشهر، وأن لا أفق للحل السياسي في اليمن حاليا.

وقالت المصادر في تصريح لـ”العرب” إن الوقت غير مناسب للتعليق، لاسيما وأن المندوبين الدولي هانز غروندبرغ والأميركي تيم ليندركينغ لا يزالان يواصلان لقاءاتهما في مسقط.

ويزور غروندبرغ وليندركينغ مسقط منذ يوم الأحد الماضي، بعد أن أجريا لقاءات في العاصمة السعودية الرياض مع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ووزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك وعدد من المسؤولين السعوديين.

وشددت المصادر على أن تأكيد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي بأن “السلام في اليمن قاب قوسين أو أدنى” لا يزال يعبر عن الموقف العماني الرسمي.

وكان المشاط قد اعتبر الأحد الماضي أن تفاؤل البوسعيدي بالسلام في اليمن لا يستند إلى معطيات سياسية، مستدركا إلا إذا كان يقصد البوسعيدي فرض السلام بالقوة العسكرية، في إشارة إلى تقدم الحوثيين في محافظات مأرب والبيضاء وشبوة.

ويسعى الحوثيون إلى السيطرة على محافظة مأرب الاستراتيجية مع الأنباء التي تحدثت الثلاثاء عن تقدم قواتهم في محافظة شبوة، من أجل استخدامها كورقة ضغط في أي مفاوضات سلام مرتقبة مع الحكومة اليمنية برئاسة عبدربه منصور هادي.

ولم تستبعد المصادر العمانية الرسمية، التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، استئناف المحادثات السياسية بين الأطراف اليمنية قريبا، مشددة على أن بلادها تسعى لتقريب وجهات النظر في الأزمة اليمنية، ومذكرة بتأكيد البوسعيدي الأسبوع الماضي بأن الحوثيين لم يرفضوا الجهود العمانية.

ويأتي تأكيد المصادر الرسمية العمانية على استمرار وساطة بلادها، في وقت كان من المفترض أن يلتقي المبعوث الأممي هانز غروندبرغ مع الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام في مسقط الثلاثاء.

ويملك الحوثيون مكتبا في مسقط التي عملت خلال سنوات الحرب كقناة خلفية لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أعوام.

ومع دفع الصحيفة إلى المطبعة لم تترشح أخبار رسمية عن لقاء غروندبرغ أو ليندركينغ مع وفد الحوثيين في مسقط، مع أن وسائل إعلام خليجية أكدت حدوث اللقاء من دون ذكر أي تفاصيل عن طبيعة ما دار فيه. في وقت عاد ليندركينغ، الثلاثاء، إلى العاصمة السعودية الرياض بعد يومين من مشاورات مكثفة في العاصمة العمانية مسقط.

مفاوضات سلام معطلة

جدير بالذكر أن العاصمة العمانية سبق وأن شهدت لقاءات سرية بين الحوثيين ومسؤولين أميركيين ودوليين، لم يعلن عنها إلا بعد أسابيع على عقدها.

وكان المشاط قد استبق الجولة الأولى للمبعوث الأممي في الرياض ومسقط، بتأكيده أن الرغبة السعودية في التواصل معهم متأرجحة، وأن الوفد الأمني العماني الذي زار صنعاء لم يستمر في وساطته.

وقال رئيس المجلس السياسي للحوثيين إن التواصل مع السعودية عبر الوسيط العماني توقف منذ منتصف يوليو الماضي، وعزا الأمر إلى متغيرات دولية، وأن ما حدث بأفغانستان ربما أدى إلى صرف الاهتمام الدولي نحو التطورات هناك.

لكن الباحث العماني في الشؤون الدولية سالم بن حمد الجهوري، أكد استمرار الجهود العمانية في التقريب بين الفرقاء اليمنيين، وأن ما ذكره المشاط في تصريحاته التلفزيونية لا يتعارض مع هذه الجهود.

وأشار الجهوري في تصريح لـ”العرب” إلى أن الحوثيين يدركون أهمية هذا الدور، كونه السبيل الوحيد الذي يمكن أن يكون والحلقة الأهم في جهود إعادة الدولة اليمنية إلى مسارها الطبيعي، والنافذة التي يتواصلون من خلالها مع العالم.

وعبّر عن اعتقاده بأن ما ذهب إليه المشاط بشأن القوة تصنع السلام، يتحدث عن معطيات ومؤشرات إيجابية من كل الأطراف الداعمين لجهود مسقط، وتواجد المبعوثين الأممي والأميركي في وقت واحد بسلطنة عمان له ما له من دلالات.

وشدد الباحث العماني في الشؤون الدولية على أن رئيس المجلس السياسي للحوثيين، لم يتجاوز الدور العماني في حديثه، بل أبقاه مفتوحا ومرحبا به، وهذا يعني أن الجهود مستمرة، وأن الأطراف لا تزال فاعلة في البحث عن السلام.

وقال الجهوري إن الموقف السعودي كان ولا يزال مع الوساطة العمانية من دون أن تتراجع حماسة الرياض وفق كل المؤشرات والتأكيدات الرسمية.

لكن الأكاديمي والكاتب السياسي اليمني عبدالقادر الجنيد، وصف جولة المبعوثين الأممي والأميركي في الرياض ومسقط بـ”الجولة التائهة”.

واعتبر الجنيد أن الوسيطين تائهان ويحتاجان إلى من يتوسط لهما، عندما يدوران في عواصم العالم بحثا عن حل سلمي لمشكلة اليمن.

وتساءل “كيف يمكن التوضيح لغروندبرغ وليندركينغ أن الحوثيين يرون في أي وسيط مجرد مركبة لهم للاستمرار في مشروعهم من دون شريك”.

ويفترض أن يحدد اللقاء الأول للمبعوث هانز غروندبرغ مع وفد الحوثيين برئاسة المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام، طبيعة المشاورات خلال الأسابيع اللاحقة والملفات التي سيجري التحدث حولها.

ويتفاقم الخلاف بين الأطراف اليمنية لإعادة بناء الثقة عبر ملفات الوقف الفوري لإطلاق النار، وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي، واستيراد المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة.

ويرفض الحوثيون أي وقف لأطلاق النار قبل فتح مطار صنعاء وإيقاف غارات التحالف العربي بقيادة السعودية.

وعلقت السعودية الرحلات الجوية عن مطار صنعاء منذ أغسطس من العام 2016، فيما يفرض التحالف والحكومة اليمنية قيودا على ميناء الحديدة، ويخضع المطار والميناء لسيطرة الحوثيين.

وفشلت الأمم المتحدة في جمع الأطراف في اليمن منذ 2016، وفي 2018 تمكنت من التوصل إلى اتفاق ستوكهولم المتعلق بالحديدة، وتفاهمات تعز، والإفراج عن الأسرى والمعتقلين، لكن لم يتم تنفيذ معظم بنوده.

وتجمع القراءات السياسية للمشهد اليمني المعقد على أن تشدد الحوثيين المدعومين من إيران يحول دون الوصول إلى حل قريب.

وقال الكاتب السياسي اليمني ورئيس تحرير صحيفة اليوم الثامن صالح أبوعوذل، إن الحوثيين وبدعم إيراني يراهنون على تحقيق مكاسب على الأرض أكثر من أي عملية سلام مؤملة.

وأضاف أبوعوذل في تصريح لـ”العرب” أن “معارك شبوة يوم الثلاثاء تؤكد هذا الاستنتاج. كما تعبر عن المراوغة الحوثية المستمرة، فهم يعولون على السيطرة على محافظة شبوة النفطية وساحل حضرموت، قبل أي حديث عن عملية سلام”.

ومع استمرار الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من اليمنيين وتسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 24 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى