ساعة “بيج بن” الصغرى.. معلم تاريخي ما زال يقاوم الزمن في العاصمة عدن

عدن24| العين


على تلة مرتفعة قبالة ميناء عدن الاستراتيجي تربض الأخت الصغرى لساعة “بيج بن”، الشهيرة في العاصمة الإنجليزية لندن.

“بيج بن الشرق”، أو “بيج بن” العرب، مسميات أطلقت على صرح ساعة تاريخية وأثرية شيدتها سلطات الاحتلال البريطاني في ضاحية “التواهي” على تل مرتفع يطل على مرفأ السفن والبواخر، عام 1890.

وظلت بمثابة ساعة لا غنى عنها للبحارة والسفن المتوافدة على ميناء عدن، ورصيف تموين البواخر بالفحم ثم الوقود، طيلة عقود طويلة.

محاكاة
الساعة المستحدثة في عدن، ما هي إلا محاكاة لساعة “بج بن” الشهيرة على الواقعة شمال برج وستمنستر وسط مدينة لندن.

لهذا أطلق عليها الإنجليز في عدن “بيج بن” الصغرى، وباتت منذ ذلك الحين تشكل معلما تاريخيا وهندسيا في المدينة اليمنية، تحكي زمن التواجد البريطاني فيها الممتد من 1839 وحتى 1967.

وتشير المعلومات إلى أن عددا من أكفأ المهندسين البريطانيين اشتركوا في تشييدها من الحجارة ذات اللون الأسود والإسمنت الحجري الممزوج بمادة قوية تخلط مع الماء.

ومبنى الساعة مستطيل الشكل، وسقفه أشبه بمثلث متساوي الأضلاع ومطلي بمادة القرمدي الأحمر، والشكل والمظهر العام للساعة أقرب إلى شكل ساعة بيج بن البريطانية التي تقع بوسط لندن.

وتشير المصادر إلى أن المهندسين البريطانيين الذين صمموا ساعة التواهي السياحية بعدن كانوا يصفونها بأنها “بيج بن العرب” أو “بيج بن الشرق”، ومن هنا جاءت تسميتها.

خدمات للبحارة
إطلالة الساعة على البحر، وعلى ميناء التواهي لتموين السفن، وفّر خدمة قراءة الوقت للبحارة والبواخر الوافدة إلى رصيف الميناء.

كما أن الشكل الهندسي الرباعي للساعة، أتاح إمكانية رؤيتها من الجهات الأربع، ومهما كانت الجهة التي تقدم أو ترحل منها السفن والبواخر فإن رؤية الساعة والتوقيت يكون في المتناول.

وكانت هذه هي الغاية من إنشاء الساعة على تلة مرتفعة مطلة على الميناء، وهو الميناء الذي كان مزدحما حينها بالسفن والبواخر القادمة من كل أنحاء العالم.

بينما يشير مؤرخون إلى أن الهدف الأساسي من ساعة “بيج بن” الصغرى، هو التأكيد على تبعية “مستعمرة عدن” للتاج البريطاني، خاصةً في ظل محاكاتها لأبرز معلم في عاصمة الضباب.

تجديد وترميم
وخلال منتصف القرن الماضي تعرضت ساعة “بيج بن” بعدن لعوامل التعرية الطبيعية من أمطار ورياح، فأصيبت عقاربها بالعطب؛ لتتوقف خلال منتصف ستينيات القرن الماضي، بفترة قصيرة على رحيل الإنجليز من عدن.

ثم أجريت لها صيانة عام 1983 ليعاد تشغيلها لفترة ثلاث سنوات فقط، لتعود إلى التوقف مجددا، ولم يعد تشغيلها مرة أخرى إلا في منتصف عام 2017.

حيث تم ترميمها بإشراف السلطات المحلية في مديرية التواهي ومحافظة عدن، وبأيدي مهندسين يمنيين، باعتبارها معلما تاريخيا.

الملكة اليزابيث و”بيج بن”
تذكر المصادر التاريخية أن الملكة اليزابيث الثانية عند زواجها قضت أياما من شهر العسل عام 1954 في فندق “كريسنت” الذي شيد عام 1930 بمدينة التواهي.

ويروى أن الملكة أمرت آنذاك بتمديد شهر العسل إلى شهر آخر بعد إعجابها بمدينة عدن، وكانت تسمع كل صباح ومن على شرفات نوافذ جناحها في الفندق دقات ساعة “بيج بن” العرب، أو “بيج بن” الشرق.

وما زالت الساعة ماثلة وشامخة على تلال جبال التواهي إلى اليوم، تشهد على فترة من فترات العصر الذهبي لمدينة عدن .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى