اتهامات لمليشيا الحوثي بالتكتم عن الإحصائيات والأرقام الحقيقة لوباء كورونا

عدن24|متابعات


بعد اجتياحه العالم بأكمله، وتفشيه حتى في بؤر الحروب والصراعات، مازالت سلطات الحوثيين تتكتم عن الإحصائيات والأرقام الحقيقة لوباء كورونا.

ويسيطر الحوثيون على محافظات شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية العالية، وهو ما يفترض أن معدّل الإصابات والوفيات فيها أكبر بكثير مما يعلن عنه المتمردون.

وكشفت وكالة أسوشيتد برس في تقرير عن طريقة تعاطي الحوثيين مع الجائحة أنهم يواجهون الوضع بالكثير من التجاهل والتعتيم.

ويحكي ناصر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته إلا باسمه الأول خوفا من انتقام سلطات الحوثيين، كيف انظم إلى مئات آخرين في غرف الطوارئ في العاصمة اليمنية، صنعاء، بحثا عن سرير في المستشفى لوالدته، التي كانت تكافح من أجل التنفس. واستغرق الأمر ثلاثة أيام خلال الشهر الماضي. لكن والدته توفيت قبل خلوّ سرير.

هذه الوفاة لن تظهر بالتأكيد في أرقام فايروس كورونا في البلاد. فحسب البيانات الرسمية لم تسجل سوى أربع حالات إصابة بالفايروس ووفاة واحدة في شمال اليمن. والمعلومات أعلنت عنها سلطات المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة والمحافظات المجاورة.

وليس نظام الرعاية الصحية المتعثر هو المسؤول الوحيد عن الوفيات غير المعلنة. ففي مقابلات مع وكالة أسوشيتيد برس قال أكثر من عشرة أطباء وعمال إغاثة وسكان صنعاء وأقارب من يعتقد أنهم ماتوا بسبب الفايروس إن سلطات الحوثيين تواجه الوباء بإنكار صريح لدرجة أنها تهدد بالمزيد من المخاطر على الفئات السكانية الضعيفة بالفعل.

وقال ناصر “ماتت عمتي بسبب كورونا بالتأكيد. لكن لا أحد يخبرنا بالحقيقة”.

وجاءت الوفيات في الوقت الذي تشهد فيه صنعاء ومناطق أخرى في شمال اليمن موجة ثالثة مميتة من فايروس كورونا، وفقا للأطباء والمقيمين. لكن معرفة عدد الذين أصيبوا بالمرض أو ماتوا بسببه أمر صعب، حيث فرض المتمردون الحوثيون تعتيما إعلاميا على الحالات المؤكدة والوفيات الناجمة عن كوفيد – 19. كما أن اختبارات الإصابة بالفايروس تبقى ضئيلة أو معدومة.
يبقى اليمن أفقر دولة في العالم العربي، وقد دمرته ست سنوات من الحرب الأهلية بالفعل. ويدور القتال بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران ضد الحكومة المعترف بها دوليا، والتي يدعمها تحالف تقوده السعودية.

وتسببت الحرب في مقتل أكثر من 130 ألف شخص وتشريد الملايين وخلقت أسوأ كارثة إنسانية في العالم. كما دمّر القصف الجوي والقتال البري الشديد البنية التحتية، وترك نصف المرافق الصحيّة في البلاد معطّلة. ولا يوجد أطباء على الإطلاق في حوالي 18 في المئة من مديريات اليمن البالغ عددها 333. وانهارت أنظمة المياه والصرف الصحي. ولا تستطيع العديد من العائلات تحمل تكلفة وجبة واحدة في اليوم. وضرب الوباء البلاد في خضم القتال، مما زاد من عدد القتلى في الحرب.

وقال مسؤول صحة بالأمم المتحدة في اليمن، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من تقويض المفاوضات مع المتمردين بشأن اللقاحات وغيرها من القضايا “كانت هناك موجة كبيرة من كوفيد – 19 وهم (الحوثيون) يعرفون ذلك جيدا. كانت مراكز العزل ممتلئة. وتضاعفت الأرقام ثلاث أو أربع مرات”.

وقالت أفراح ناصر وهي باحثة متخصصة في شؤون اليمن في هيومن رايتس ووتش إن الحوثيين لم يتعاملوا مع الأمر بجدية منذ بداية الوباء. وأكدت أنهم عرقلوا حتى الجهود الدولية للمساعدة في محاربتها في مناطقهم.

وتابعت “لكل طرف في اليمن استراتيجيته الخاصة، لكن استراتيجية الحوثيين مدمرة. إنها وصفة لكارثة”.

وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن أدهم إسماعيل إن إيصال أيّ لقاح لفايروس كورونا إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون يعتبر “إنجازا كبيرا”. ففي البداية، حظرت السلطات الحقن، ثم وافقت على السماح بألف جرعة فقط، دون أيّ حملات لتشجيع الناس على التطعيم.

وأجبرت معارضة الحوثيين للقاحات الأطّباء وغيرهم من السكان على السعي للحصول على الحقن في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية.

وسجّل الكثيرون بمن فيهم عمال الإغاثة العاملون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون على الإنترنت وسافروا سرا إلى مدن مثل عدن ولحج وتعز للتلقيح.
تلقى اليمن أول شحنة تشمل 360 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا من مبادرة كوفاكس المدعومة من الأمم المتحدة في مارس. وكانت الشحنة هي الدفعة الأولى البالغة 1.9 مليون جرعة التي سيتلقاها اليمن حتى نهاية العام. وانطلقت حملة تلقيح في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في أبريل الماضي.

وأبلغت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عن حوالي 7200 حالة مؤكدة، بما في ذلك 1391 حالة وفاة في المناطق الخاضعة لسيطرتها. ومع ذلك، يُعتقد أن الأرقام الفعلية أعلى بكثير بسبب الاختبارات المحدودة.

وأثناء ذلك، يواصل الحوثيون إقامة فعاليات عامة، بما في ذلك تجمعات التجنيد وجنازات كبار المسؤولين العسكريين الذين قتلوا في المعارك التي حضرها الآلاف، مع ارتفاع حالات الإصابة بالفايروس، دون اتخاذ تدابير احترازية.

وقال أكثر من عشرة أطباء وعمال إغاثة ومدنيون إن الحالات في الشمال تتزايد بسرعة، مع تواتر جنازات من يبدون ضحايا للفايروس، رغم أن الأطباء قالوا إنهم حُذّروا من تأكيد أسباب الوفيات. وتحدث الجميع بشرط عدم الكشف عن هويتهم خوفا من انتقام المتمردين.

وقال الأطباء والعاملون في مجال الرعاية الصحية إن مراكز العزل الـ24 في الشمال ممتلئة منذ منتصف يوليو.

وأكد أحد العاملين في مجال الرعاية الصحية في مستشفى فلسطين إن عشرات المرضى يأتون كل يوم بأعراض شبيهة بفايروس كورونا، معظمهم في الثلاثينات والأربعينات من العمر. وقال إنه طُلب من الكثيرين العزلة في المنزل لعدم وجود خيارات أخرى.

وفي مقابر صنعاء وجد حفارو القبور صعوبة في العثور على مساحة لمقابر جديدة. وفي إحدى المقابر في الجراف، قدّر أحد الحفارين أن أكثر من 30 شخصا دُفنوا خلال الشهرين الماضيين، كان العديد منهم من النساء وكبار السن.

وفي محافظة إب الشمالية، قال اثنان من العاملين في الرعاية الصحية في مستشفى جبلة إن المنشأة تستقبل نحو 50 شخصا يعانون من أعراض تشبه أعراض كوفيد – 19 يوميا. وتفتقر المستشفى إلى أدوات الاختبار. لذلك، يعتمد الأطباء على وسائل أخرى للتشخيص.

وعندما يموت المرضى في مستشفى جبلة الجامعي لا يخبر الأطباء أقاربهم المشتبه في إصابتهم بالفايروس، خوفا من استهدافهم بعد ذلك. فقد عيّن الحوثيون مشرفين أمنيين في المستشفيات للسيطرة على تدفق المعلومات بين الطاقم الطبي وأسر المرضى، بحسب عاملين في مجال الرعاية الصحية.

وفي وقت سابق من هذا العام، توفي اثنان من كبار المسؤولين الحوثيين. وكانا على ما يبدو من بين ضحايا الفايروس الأكثر شهرة في البلاد. وأصيب يحيى الشامي الذي قضى أكثر من شهر في مركز للعزل في صنعاء قبل أن يستسلم للفايروس في أبريل، وزكريا الشامي وزير النقل في الحكومة التي يقودها الحوثيون الذي توفي في مارس بفايروس كورونا، وفقا لأطباء قاموا بعلاجهما. وقد أعلنت سلطات المتمردين الحوثيين وفاتهما دون ذكر السبب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى