صحيفة دولية: المبادرة الحوثية بشأن مأرب اليمنية تكشف ضعف الشرعية المخطوفة من الإخوان

عدن24|العرب اللندنية


كشف محمد عبدالسلام الناطق باسم الحوثيين عن فحوى مبادرة تتكون من تسع نقاط، قال إن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي قدمها للجنة الوساطة العمانية التي زارت صنعاء في يونيو الماضي، في خطوة قال مراقبون إنها تؤكد عجز المتمردين عن إسقاط المدينة عسكريا وإنهم يريدون الحصول بالسلم على ما فشلوا في تحقيقه بالحرب.

وتدور معظم بنود المبادرة التي كشف عنها عبدالسلام حول محافظة مأرب الاستراتيجية التي باتت -بحسب مراقبين- حجر الزاوية في تحديد مستقبل الحل السياسي القادم في اليمن، بالنظر إلى الإصرار الذي تبديه الجماعة الحوثية المدعومة من إيران على إسقاط المدينة كشرط للدخول في أي تسوية سياسية لإنهاء الحرب.

ووفقا لعبدالسلام تتضمن المبادرة “عدم الاعتداء على المواطنين” وإعادة تشغيل محطة الكهرباء الغازية وتحويل عائدات سفن بيع المشتقات النفطية في الحديدة لصالح دفع الرواتب، وأن تكون هناك قيادة مشتركة لإدارة محافظة مأرب من أبنائها و”إخراج عناصر القاعدة وداعش” والالتزام بحصص المحافظات من النفط والغاز وتشكيل لجنة مشتركة لإصلاح أنبوب صافر – رأس عيسى الذي ينقل النفط من مأرب إلى ميناء تصدير النفط في الحديدة.

كما تشدد المبادرة الحوثية على ضمان حرية التنقل والإفراج عن كل المخطوفين وتعويض المتضررين وعودة المهجرين من أبناء مأرب، في إشارة إلى الموالين للجماعة الحوثية من أبناء المحافظة.

واعتبر الباحث السياسي سعيد بكران أن المبادرة التي طرحها الحوثي تفترض في المحصلة النهائية أن يستلم الحوثي زمام السلطة على مأرب دون قتال، مقابل منحه تنازلا بسيطا يتعلق فقط بوقف الهجوم، وهو ثمن بخس بالنظر إلى رغبة الحوثيين في السيطرة الفعلية على قرار السلطة في مأرب بحيث لا تمر أي إجراءات داخل المحافظة إلا عبرهم، بما في ذلك التشكيلات العسكرية وتصنيفها.

ولفت بكران في تصريح لـ”العرب” إلى أن المبادرة الحوثية تصب في ذات اتجاه التصريحات الإيرانية التي تقول إن “تحرير مأرب”، أي السيطرة عليها، هو أساس السلام.

وأضاف بكران “عمليّا هذه ليست مبادرة سلام وإنما مطالب صريحة لإعلان الاستسلام وهي مطالب مجحفة ومذلة وليس لها مبرر إلا ضعف الشرعية المخطوفة من الإخوان”.

وتابع “أثبتت الأيام والأشهر الأخيرة أن مأرب بقبائلها قادرة على التصدي للحوثي وكسر الصورة النمطية للجماعة التي تصور نفسها كجماعة لا تنكسر ولا تنهزم ولا يغيب عنها الانتصار متى هاجمت أي هدف، في مأرب تحطمت هذه الصورة وكان يمكن تحويلها إلى نقطة قوة والبناء عليها لو كانت للمعركة إدارة محترمة وليست إدارة الشرعية الحالية التي تظهر مأرب وكأنها منكسرة ومهزومة ولم تحرز أي تفوق دفاعي على الأقل”.

وكان موقع “خبر أونلاين” الإيراني قد نقل عن كمال خرازي وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية خلال لقائه نعيم قاسم نائب أمين عام حزب الله اللبناني وصف ما اعتبره “إطلاق سراح مأرب” بأنه “مفتاح حل الأزمة اليمنية” وأمر “فعّال في بدء المفاوضات والمشاورات الإقليمية”، في إشارة إلى تمسك الحوثيين بمبدأ السيطرة على المحافظة الاستراتيجية كشرط للدخول في أي حوار سياسي ترعاه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وهو ما انفردت بالكشف عنه “العرب” في وقت سابق.

ووصف الباحث السياسي ومدير المرصد الإعلامي في وزارة الإعلام اليمنية رماح الجبري المبادرة التي كشف عنها المتحدث باسم الحوثيين بأنها تفتقد إلى أي منطق سياسي كونها تتحدث عن مصير محافظة لا تسيطر عليها الميليشيات الحوثية وعجزت منذ أشهر عن التقدم باتجاهها.

وأضاف الجبري في تصريح لـ”العرب” أن “إخراج هذه المبادرة الحوثية اليوم للعلن بعد أكثر من شهرين من عودة الوفد العماني من صنعاء تأكيدٌ على الفشل الحوثي عسكريا في الميدان، وهي أيضا محاولة لجعل مأرب موضوعا للتفاوض بين الأطراف الدولية والميليشيا الحوثية لصرف المجتمع الدولي عن المشكلة الأساسية التي هي انقلاب الميليشيا الحوثية على الدولة”.

وأكد المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ أن سلطنة عمان تُسهم بطريقة إيجابية في حلّ الأزمة اليمنية… وأنها “حريصة على الوصول إلى نهاية لهذه الأزمة وهي تعمل بشكل جادّ في هذا الملف مع كافة الأطراف المعنية”.

وأشار الجبري في تصريح لـ”العرب” إلى أن المبادرة الحوثية في مضمونها لا تختلف عما طرحه المبعوث الأممي السابق مارتن غريفيث عندما ذهب إلى مأرب مطلع العام 2020 وكان الرد حينها قويا وحازما من قادة الجيش والسلطة المحلية الذين رفضوا مناقشة ما تم طرحه.

وتابع “من الواضح أن الميليشيا الحوثية عندما تفشل عسكريا تلجأ إلى الأطر والأساليب السياسية والتفاوضية، وأبرز نموذج على ذلك مدينة الحديدة التي كانت على وشك أن تفقدها الميليشيات، ولجأت إلى الأمم المتحدة ووافقت على اتفاق ستوكهولم ونجحت في الحفاظ على المدينة بعد أن أدركت أنها عاجزة عن الحفاظ عليها بالقوة العسكرية”.

ويؤكد مراقبون للشأن اليمني أن محافظة مأرب تحولت إلى عقبة أمام اندفاع القوات الحوثية عسكريا وأعاقت بالتالي استكمال المشروع السياسي للمتمردين القائم على فرض سياسة أمر واقع على الأرض قبل الانحناء لعاصفة الضغوط الدولية التي باتت تتمحور في الآونة الأخيرة حول ضرورة وقف الهجمات الحوثية على مأرب قبل الشروع في ترتيبات وقف إطلاق النار واستئناف المشاورات السياسية.

واعتبر المحلل العسكري اليمني وضاح العوبلي أن إظهار المبادرة الحوثية إعلاميا في هذا التوقيت يهدف إلى الاستهلاك الإعلامي فقط، والتملص من الضغوط المحلية والدولية التي ارتفع صوتها مؤخراً، والتي أوضحت في مجملها أن الحوثيين لا يرغبون في السلام.

وعن الأهمية العسكرية والاستراتيجية التي تفسر سر الاهتمام الحوثي بمأرب، ومسارات المواجهات العسكرية المحتدمة هناك، أضاف العوبلي في تصريح لـ”العرب” أن مأرب بالنسبة إلى الحوثي هي “النفط والغاز والكهرباء” وليس بالضرورة أن يتوغل في نطاق التمركز السكاني في المدينة، لأن ذلك سيكلفه فاتورة باهظة لا يستطيع تحمل تكاليفها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى