ذكرى غزو الكويت.. حين انتصرت “الدولة الوطنية” على “خيانة الإخوان”

تضامن عربي وخليجي، وغدر إخواني، وتواصل مع المحتلّ، هذا ما بقي في ذاكرة الكويتيّين، وهم يستحضرون غزو بلادهم قبل 31 عاما.

وتحل اليوم الإثنين ذكرى غزو الكويت في الـ2 من أغسطس عام 1990، فيما تتعدد الدروس التي استلهمها الكويتيون، من مغامرة نظام صدام حسين في احتلال دولة شقيقة مجاورة، أبرزها الثقة في القيادة التي ناضلت حتى إتمام التحرير، والوفاء لها.

ويظهر استلهام هذا الدرس، جليا خلال الفترة الحالية في الالتفاف الشعبي حول أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.

وعندما تعرضت الكويت إلى الغزو العراقي ودخلت قوات صدام أراضي الكويت، عام 1990، ساهم أمير البلاد الحالي، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في القرارات الحاسمة لمواجهة الاحتلال وجنّد كل الطاقات العسكرية والمدنية من أجل تحرير دولة الكويت وأدى دورا في قيادة المقاومة وتأمين وصول الشرعية للمملكة العربية السعودية إلى جانب قيادته للجيش.

دول الخليج عواصم للكويت
درس آخر هو أهمية تحقيق التضامن الخليجي والعربي، حيث كان هناك دور خليجي عربي بارز في دعم ومساندة الكويت لتحقيق التحرير، حيث اتخذت القيادة الكويتية من دول مجلس التعاون عاصمة لها، تخطط وتضغط، وتسير جهودها الدبلوماسية التي أثمرت النصر، بعد إقناع المجتمع الدولي بالتدخل لدحر قوات نظام صدام حسين.

ويستذكر الكويتيون خلال تلك الفترة الإدارة الحكيمة للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح (أمير الكويت آنذاك) والأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح (ولي العهد رئيس الوزراء آنذاك)، وأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان يشغل حينها منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية.

وأدرك الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح منذ اللحظات الأولى نوايا الغزو، فأصر على خروج رفيق دربه أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح إلى المملكة العربية السعودية للحفاظ على الشرعية الكويتية.

وفي اليوم التالي للغزو، أصدر الشيخ جابر الأحمد أمرا أميريا يقضي بأن تنعقد الحكومة بصفة مؤقتة في السعودية، وأن يتولى الوزراء مباشرة أعمالهم.

ولا ينسى الكويتيون مواقف العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الذي فتح قلبه قبل أرضه لأبناء دولة الكويت واحتضنهم بكل حب في أراضي المملكة ودافع ماديا وعسكريا لنصرة دولة الكويت.

على الصعيد العربي تم عقد مؤتمر القمة العربي الطارئ في القاهرة في 10 اغسطس/ آب 1990، وحمل خلاله الشيخ جابر الأحمد القادة العرب مسؤوليتهم التاريخية تجاه العمل الفوري لإنهاء الاحتلال وعودة نظامها الشرعي إليها.

كما عقد (المؤتمر الإسلامي العالمي) في مكة المكرمة في 10 سبتمبر/أيلول، وشدد فيه الشيخ جابر الأحمد على أن من مبادئ الإسلام وركائز الإيمان، الوقوف مع الحق ورفع الظلم وردع الفئة الباغية خاصة.

كما خاطب في 27 سبتمبر/أيلول 1990 أكثر من 60 رئيس دولة و90 رئيس حكومة ووزيرا وسفيرا في الدورة الـ45 للجمعية العمومية للأمم المتحدة في لحظة تاريخية لقي فيها جل تقدير أعضاء الجمعية.

وشارك الشيخ جابر الأحمد في 22 ديسمبر/كانون الأول 1990 في القمة الـ11 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي أكدت وقوف دول المجلس مع الكويت وتضامنها معها.

وتجلى الموقف الإماراتي البطولي من الغزو العراقي منذ بدايته في الموقف العظيم للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أكد تمسكه بالشرعية الكويتية، وإدانته الواضحة ورفضه التام لأي مبرر للغزو.

مقولة الشيخ زايد الخالدة
وسطر التاريخ بحروف من نور مواقف دولة الإمارات وقيادتها وشعبها في دعمهم ونصرتهم للحق ولدولة الكويت وشعبها، حيث عبر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عن ذلك بقوله: “إذا وقعت أي واقعة على الكويت فإننا لا نجد من الوقوف معها بدا مهما حدث.. فهذا شيء نعتبره فرضا علينا يمليه واقعنا وتقاربنا وأخوتنا”.

وكان الراحل الشيخ زايد، في يوم الثاني من أغسطس/آب 1990 بمدينة الإسكندرية المصرية، عندما جاءت أنباء الغزو العراقي للكويت، فأسرع بإجراء مباحثات عاجلة مع الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك، وتوجه عصر اليوم نفسه إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية للتشاور مع خادم الحرمين الشريفين آنذاك الملك فهد بن عبدالعزيز.

وفي صباح اليوم التالي، عاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، إلى أبوظبي وأصدر أمراً بإلغاء احتفالات عيد الجلوس الرابع والعشرين الذي يصادف يوم 6 أغسطس/آب.

كما كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، من أوائل القادة العرب الذين استجابوا لطلب الرئيس المصري بعقد قمة عربية طارئة لمناقشة الغزو العراقي للكويت.

الدولة الوطنية وغدر الإخوان
هذا التضامن دعا المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، الدكتور أنور قرقاش، في الذكرى الحالية إلى استعادته في ظل انقسام عربي موجود حاليا.

وكتب في تغريدة على تويتر: “في ذكرى احتلال الكويت الشقيقة نستحضر بألم الانقسام العربي الجلّي بين الحق والباطل، دروس الاختبار العسير ماثلة أمامنا، ولعلنا في حاضرنا العربي المنقسم نجد العبرة والدرس. وطني الإمارات، وقيادته، في ذاك المفصل التاريخي، كما هو اليوم، يقف مع الحق، والمبدأ، والشقيق”.

وتابع: “احتلال الكويت أثّر على وعّي جيلنا لصالح الواقعية السياسية، خوفنا على الأوطان وعلى خليجنا حفّز العمل المشترك، وتصدّر الشيخ زايد، رحمه الله، مع إخوانه في السعودية والخليج، التصدي لهذا الاعتداء الآثم، واليوم تتمسك قيادة الإمارات بهذا النهج في حماية الدولة الوطنية والوقوف مع الأشقاء”.

التضامن العربي مع الدولة -كما استحضر قرقاش- كان حاسما في غزو الكويت؛ حيث صدرت حينها الكثير من المواقف العربية والدولية التي تدين النظام العراقي السابق وتطالبه بالانسحاب الفوري وتحمله المسؤولية عما لحق بالكويت من أضرار ناجمة عن عدوان دولة شقيقة ومجاورة.

كما أن التضامن مع الدولة الوطنية ينافيه الثقة بالتنظيمات الحزبية خاصة جماعة الإخوان؛ إذ لا ينسى الكويتيون والعالم المواقف المخزية للتنظيم الإرهابي خلال غزو الكويت، فلم تكتفِ الجماعة بتأييد الاحتلال، بل قاموا بتكوين وفد للذهاب إلى صدام لمقابلته، والشد من أزره في مواجهة قوات التحالف.

مواقف استعادتها ذاكرة الكويتيين هذه الأيام مع التطورات التي تشهدها تونس، وحراكها ضد جماعة الإخوان هناك، وخصوصا أن رئيس حركة النهضة الإخوانية، راشد الغنوشي، رئيس البرلمان الذي تم تعليق أعماله، كان من المؤيدين للغزو العراقي لبلادهم عام 1990.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى