قضية الجنوب والحل التوافقي المطلوب


كتب/ م. مسعود أحمد
ليت الخلَف في صنعاء او الرياض يستفيد من السلَف في إدارة ملف الجنوب، وذلك من باب توفير الجهد عليهم والوصول إلى وضع مستقر بحلول توافقية في أقرب الآجال.

بعد حرب 94 أمعنت صنعاء في إضعاف شريك الوحدة (الحزب الاشتراكي)، وتفتيت مؤسسات الدولة بالجنوب (الجيش والأمن ومرافق القطاع العام).

كان الهدف هو تنظيف الجنوب من الشريك السياسي بالوحدة وتأمين السيطرة التامة على الجنوب دون منافس أو شريك.

نجحت صنعاء في ذلك مرحليا، وفي أول انتخابات نيابية يعود فيها الاشتراكي للساحة 2003 لم يحصل إلا على 8 مقاعد فقط، بعد أن فاز بكل مقاعد الجنوب في انتخابات 1993 (57 مقعدا).

بعدها بسنوات قليلة انفجر الشارع الجنوبي، بسبب الظلم الواضح من شركاء الوحدة بحق الجنوبيين، وانطلق الحراك الجنوبي في 2007 في فترة اعتقدت صنعاء أنها قد هضمت الجنوب واضعفت شريكها السياسي ودجّنت معظم الأطراف السياسية فيه.

لم يكن الحراك الجنوبي في الحسبان، وفشلت محاولات اخماده مما دفع صنعاء للمخاطرة باستخدام سلاح التفريخ من داخل الحراك منذ 2009 لتشتيت جهد الحراك السلمي..

والتفريخ سلاح ذو حدين، لأنه يفتح الباب لأطراف لا يعلمها (المفرّخ) للدخول باللعبة ودعم أطراف إضافية جديدة ويتعقد السحر على الساحر نفسه.

وصلت مكونات الحراك المعلنة إلى أكثر من 73 مكونا في الاعتصام المفتوح بخور مكسر الذي بدأ في أكتوبر 2014، كثرت الرؤوس وتعدد اللاعبون وبقي الشارع الجنوبي ملتهبا وأصبح أمام صنعاء أن الوصول إلى أي حل تفاوضي مع تلك الأطراف المتعددة أمر في غاية التعقيد، وفي نفس الوقت أصبحت عملية الخلاص منها جميعا كذلك أمرا مستحيلا.

يومها أدرك نظام عفاش معنى خسارة وتدمير شريكه السياسي بالوحدة الذي لو كان حافظ معه على بقاء التوازن بين الشريكين لكان الضمان لاستمرار الوحدة وحل اي خلافات بالحوار الصبور بينهما.

شريك أو حتى خصم واحد مسيطر على ما تحت يده يمكن الوصول معه إلى تسويات مرضية للطرفين هو افضل من شركاء او خصوم متشاكسون بينهم ومعك لا يمكن لأي طاولة ان تجمعكم بسهولة للوصول إلى حلول.

تتكرر تجربة نظام عفاش مع الاشتراكي بعد حرب 94، تتكرر اليوم في ملف الجنوب مع خصوم المجلس الانتقالي الجنوبي كأكبر مكون جنوبي يحظى بحضور شعبي وعسكري وسياسي بالجنوب، وبدلا من البناء على هذا الواقع الموضوعي جنوبا والاستفادة من وجود طرف سياسي جنوبي يمكن الجلوس معه للوصول إلى تفاهمات مرحلية معقولة تعزز الاستقرار والخروج من سيناريو الحرب وتشجع البقية للدخول في هذه التفاهمات، بدلا عن ذلك يجري العمل على إفراغ الساحة الجنوبية من اي مكون سياسي جامع لها والعودة لوضع ما قبل 2017 جنوبا (شارع ملتهب لن يصمت ورؤوس سياسية متعددة)، وهذا يعني استحالة الاستقرار للمنطقة كلها.

ليس عيبا الاستفادة من تجارب الآخرين، وعلى الشرعية والحوثي والتحالف العربي الاستفادة من تجربة نظام عفاش في إهدار قيمة شريك سياسي جاهز بالجنوب طمعا بالاستفراد بالسلطة والذهاب لوضع اللا شريك لادارة شعب جنوبي حي لن يقبل بالظلم مهما كانت التضحيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى