انهيار الاقتصاد .. نتاج منظومة فساد الشرعية اليمنية

عدن24 | خاص

كم من أسرة قد أمست وأصبحت وبطونها فارغة وهي تتضور جوعا ثم فتكت بها الأمراض وأحاط بها البؤس من كل جانب في الوقت الذي نرى فيه أرباب ما يسمى بالشرعية اليمنية منشغلون بجمع الأموال وصاروا كالقطط السمينة ففسادها كالعفن الذي يزكم الأنوف فقد اشتدت وطأة هذا الفساد وتغلغل في كل مفاصل قنواتها المالية بطريقة مذهلة تكاد تشيب لها الرؤوس وتقشعر لها الأبدان كأخطبوط لا يميز بين كبير وصغير ومسن وشاب وطفل وامرأة خاصة في محافظات الجنوب المحررة التي تحولت إلى مرتع خصب للفساد.

فساد مستشرٍ

ومؤخرا كشف النقاب عن ذلك الفساد الذي عبث بمقدرات هذا الشعب من داخل خزائن البنك المركزي.

وكان حافظ معياد، مستشار الرئيس اليمني ورئيس اللجنة الاقتصادية بمكتب الرئاسة، قد نشر وثائق على تويتر وفيسبوك هي عبارة عن مذكرة موجهة لرئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك يطلب منه الموافقة لهيئة مكافحة الفساد بالتفتيش والبحث في عملية الفساد التي حدثت من بيع وشراء العملة من قبل مسؤولين في البنك المركزي.

وأفاد معياد في المذكرة المنشورة أن حجم الفارق بين البيع والشراء للعملة الصعبة بلغ تسعة مليارات ريال يمني، خلال شهر نوفمبر الماضي، وهي حجم الخسائر في البيع والشراء للريال السعودي، وهو ما أدى لتدهور متواصل للريال اليمني، غير أن معياد اعتبر في تصريح خاص “اعتماد الشفافية أمر مطلوب وصحي إذا ما أردنا تحسين الأداء الحكومي وتجفيف منابع الفساد”.

مطالبات دون جدوى

صرافون كانوا قد طالبوا الرئيس اليمني هادي، بسرعة التوجيه بإجراء تحقيق شفاف في قضية التلاعب بسعر الصرف وشبهات الفساد التي تحوم حول قيادات ومسؤولين في البنك المركزي اليمني لكنه فيما يبدو لم تتم محاسبة أي من المتورطين بجرائم الفساد المالي الممنهج ولم نسمع أو نرى تصريحا أو حتى تلميحا بأنه بدأ العمل بتحريك المياه الراكدة المتصلة بهذا الفساد المالي والاداري الذي أثقل الناس بكثير من المعاناة، وخاصة في الجنوب الذي ينتظر شعبه بفارغ الصبر الخلاص من هذا الوضع المساوي بإعلان دولته الجنوبية المستقلة الفيدرالية الحديثة وعاصمتها عدن.

غياب الحكومة

التدهور الاقتصادي في اليمن خصوصا خلال المرحلة الراهنة والذي ساعد انهيار العملة وماتلاها من فقدان للفئات الصغيرة لها المعروفة” بالفكة” ساعد على المزيد من تضعضعه ومضاعفة معاناة المواطنين.

وحمل المواطنون مسؤولية هذا الوضع الكارثي الذي يعصف بمعيشتهم الحكومة اليمنية الغائبة عن مهامها.

وقالت سحر محمد “انعدام عملة 100 ريال تركتنا في مأزق ومعاناة كبيرة منها اثناء المواصلات القصيرة داخل المحافظة وعند شراء الوجبات الخفيفة، فكانت 100 ريال الجزء الاهم من 1000 ريال لكن الآن للأسف صارت اليمن تعاني كثيراً من ضياع عملتنا الصغيرة كـ100 و 50 ريال لأنها كانت تحل لنا الكثير من الاشكاليات منها اعطاء مصاريف للأطفال. وكانت تكمل 1000عند شراء الحاجات ونتمنى ان تعود اليمن كما كانت بعملتها القديمة الغالية على قلوبنا.

وتابعت “نواجه مشاكل عند ركوبنا المواصلات فلا تعاد لنا الفكة احيانا من اصحاب الباصات، وعند اصحاب البقالات كذلك اذا الشخص اشترى اي شيء يريده بـ100 ريال وأعطاه 200 ريال فيعاني من غياب الصرف فتضيع المائة ريال المتبقية وذلك يكلفك للخسارة، وعند الافران وفي كل اماكن عملك انت محتاج لـ100 ريال.

واختتمت “عند شراء الماء أحياناً الفقير يمشي على عطشه بسبب انعدام الصرف اي انعدام العملة فئة 100 ريال فصعوباتها كثيرة وهي ترافقنا بصورة يومية.

تعويض ولكن

أما الإعلامية حليمة محمد فبادرت بالقول: “غياب الفكة مشكلة كبيرة جدا وغيابها يؤثر على الدخل المادي لأنه في بعض الاوقات يضطر الشخص بالمبلغ المتبقي أن يشتري غرضاً حتى ولو كان بسيطاً حتى يكمل المبلغ، وفي المواصلات يتم التنازل بها لصاحب الباص كونه لا يمتلك” فكة” وهذا يضاعف من الصرفة ويؤثر على الميزانية الشهرية للفرد”.

وأوضحت أنه “من المواقف التي تعرضت لها انه احد الدكاكين عالج الموضوع بطريقته بدلا من أن يجبر الناس على اخذ شكولاته بالمبلغ او يبقى عنده المبلغ وينساه طبع كروتاً بـ 50 ريالاً وعندما يتبقى لك المبلغ يعطيك الكرت وعندما ترجع تأخذ شيئا ترجع له الخمسين بالكرت، وهذا كان موقفاً غريباً لكن به أوجد التاجر معالجته الخاصة به”.

وتساءلت بالقول”: هناك سؤال يفرض نفسه الا وهو اذا كانت العملات الورقية تهتري وتتقطع اين تذهب العملات المعدنية وأين تختفي؟!”.

من جهة أخرى قال الاستاذ علي “غياب “الفكة” يرهقنا كثيرا خاصة في حياتنا اليومية وعند نزولنا إلى التسوق نحتاج لهذه “الفكة” والصرف للعملات الصغيرة مثل المائة الريال الورقية، مؤكدا احتياجات “الفكة” لتكملة المبلغ للمواصلات اليومية.

وأشار “إلى أنه من الضروري تواجد فئتي100 و 50 ريالاً من العملة كوننا ندخل في مصادمة مع اصحاب البقالات والمخابز والتاكسيات بسبب عدم وجود الفكة. لذلك نطالب ادارة البنك المركزي اليمني بتوفيرها بأسرع ما يمكن.

غياب الفكة

أدى غياب الفكة إلى المزيد من المعاناة لدى اصحاب البقالات وسائقي الباصات والمواطنين على حد سواء.

انعدام الـ 50 و100 ريال هو ابرز ما يعاني منه المواطنون لاسيما الطلاب وسائقو الباصات.

ويقول أحد الآباء” إن أزمة” الفكة” التي نعاني منها اليوم أدى إليها أصلا البنك المركزي، فيما يرى البعض الاخر ان مرتبات موظفي الحكومة من الوزراء والوكلاء يتم صرفها بالعملة الصعبة وهذا مازاد من تضخم العملة واختفائها من السوق.

ويقول مواطنون إن أغلب الاسر تجعل اولادها الملتحقين بالمدارس يذهبون دون مصروف، بسبب غياب” الفكة” ما يجعلهم يشعرون بحسرة اثناء خروج الطفل إلى المدرسة خالي اليدين.

مشاكل كثيرة

يقول أسامة علي (سائق باص في العاصمة عدن): كثير من المشاكل التي نواجهها أثناء العمل منها كثرة وجود العملة الكبيرة فئة 1000 ريال في وقت نفتقر فيه إلى الصرف “الفكة” وهذا يضعنا في موقف محرج امام الركاب، الذين بعضهم لا يتقبل منك أثناء حديثك له بأن هناك معاناة في توفير “الفكة” حتى نستطيع التعامل مع الفئة الكبيرة”.

وأضاف “هناك كثير من الالفاظ البذيئة التي نوصف بها من قبل بعض الركاب واضعين اللوم علينا في توفير” الفكة” ما يجعلنا في بعض الاحيان نتنازل عن قيمة المشوار، لذلك نأمل من الحكومة النظر في هذه المشكلة التي نعاني منها.

هناك طرق أخرى لجأ اليها بعض السائقين في تغطية احتياجاته من الصرف ” الفكة” حيث تعتبر الشيكولاتة من أبرزها.

واختتم حديثه بالقول “رغم هذه الطرق التي نقوم بها مثل إبدال ما تبقى للراكب من فلوس بحبة شيكولاتة لا نسلم من الاتهام فمنهم من يقول اننا نكسب من ورائهم كوننا نشتريها بأقل ما يتم ارجاعه، فنظل في حيرة، وتبقى المعاناة كماهي.

أما أحمد الأعور صاحب بقالة فيقول “الاطفال اكثر من نعاني معهم عندما يقبلون لشراء بعض المواد الغذائية ويتبقى لهم فلوس، فهم يرفضون العودة إلى منازلهم بدون باقي الفلوس وهذه مشكلة”.

وأضاف “في هذه الاوقات نضطر لإرجاع المبلغ كاملاً ونقيدها بالآجل خصوصا أن اغلبيتهم من أبناء الحي معروفون.

استمرار المعاناة

اليمن يعيش منذ قرابة أربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وقوات مليشيات الحوثيين المدعومة من إيران، الأمر الذي ينعكس سلبا على حياة الناس والاقتصاد.

وعلى كل حال فقد شهد الاقتصاد اليمني انهيارات متسارعة منذ منتصف يونيو الماضي جراء استمرار تدهور العملة المحلية “الريال” إلى مستويات مخيفة، وعوامل أخرى، ما تسبب في تفاقم المعاناة المعيشية للمواطنين وتصاعد حالة الغليان والغضب لدى الشارع في اليمن.

وأجمع محللون اقتصاديون على أن الريال اليمني قد فقد أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ 2015، وتسبب في ارتفاع مهول للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء بعض السلع الأساسية لاسيما الغذائية، لتزيد الأوضاع المعيشية للمواطنين تفاقماً، خصوصاً مع توقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين منذ أكثر من عامين.

فساد الحكومة اليمنية

وصف مراقبون ذلك الفساد المالي المنظم وخاصة فيما يتعلق بموضوع المضاربة بالعملة وانهيارها بالفضيحة المدوية ضمن منظومة فساد يديرها أرباب الشرعية اليمنية بمنهجية متقنة والتي تطال المؤسسات الحكومية التابعة للشرعية.

وأوضح هؤلاء المراقبون أن هذه العملية تستمر في وقت ترتفع فيه أسعار السلع والأدوية، وتكاليف الخدمات والسكن بشكل مريع ومتصاعد، بالتوازي مع فوضى إدارية ومحسوبية عارمة تجتاح المؤسسات الحكومية.

ولم تكن السفارات والبعثات والقنصليات ودوائر الابتعاث للدراسة بالخارج بمنـأى عن هذا الفساد والنهب لمخصصات وما ينهب المرضى والجرحى بالخارج، كصورة مصغرة لما يتم في المؤسسات الحكومية بالمحافظات الخاضعة لسيطرة السلطة المعترف بها دوليا «الشرعية» ليس فقط بالجنوب بل وفي مدينة تعز، وفي معقل حزب الإصلاح.

تجدر الإشارة إلى أن السرقات تتم بتواطؤ قيادة الشرعية اليمنية مباشرة ووكلائها المتنفذين الفاسدين ومنها على سبيل المثال سرقة المنحة السعودية لوقود محطات توليد الكهرباء التي أماطت اللثام عن الكميات الحقيقية التي تكفي لتشغيل محطات توليد الكهرباء في عدن وتسع محافظات أخرى إلى جانبها ، ومنها مأرب والجوف وبكلفة بلغت من 20 إلى 25 مليون دولار شهريا فقط ، يعني 35 مليون دولار كانت تذهب إلى جيب الفاسدين .

ووفقا لمحللين سياسيين جنوبيين أكدوا أن وزير النقل في الحكومة الشرعية وجّه بتحويل إيرادات ميناء المكلا إلى حسابه الشخصي.

وأصدر وزير النقل صالح الجبواني تعليمات لإدارة ميناء المكلا بتحويل إيرادات الميناء لحسابه الشخصي وعدم إيداعها في حساب البنك المركزي كما هو معمول به، فهذا أمثاله كثر ممن يعتقدون أن أموال الشعب أصبحت مستباحة لهم فهي في الأصل أموال وثروات شعب الجنوب الذي يتعرض لسلب مقدراته منذ الوحدة المشؤومة في الـ22 من مايو1990م ولذلك لا بد من صحوة عارمة لاسترداد أموال الشعب الجنوبي ومقدراته التي تهدر اليوم وتصب الى جيوب المتنفذين وأرباب الشرعية اليمنية التي لم تبد حراكاً لصرخات الأيتام وأنات الثكالى والمحرومين وتقتات اليوم من دماء الشهداء الزكية ومن آلام الجرحى فهم لايقلون خبثا وعدوانية عن الحوثي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى