رحلةٌ في رحابِ المعاهدات الوثائقيَّة لمناطقِ إمارة الضَّالع ومُلحقاتها

تعرَّف على المعاهدة التي عُرفت باسم (معاهدة الحماية البريطانية على مشيخة السقلدي بالشعيب عام 1903م)

قلم الباحث: شايف محمد قاسم الحدي

◄ تُعَـدّ هذه المعاهدة واحدةً من نصوص معاهدات الحماية والصداقة, التى أبرمتها حكومة عدن البريطانية مع سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب، حيثُ جاء إبرام هذه المعاهدة البريطانية بعد ترسيم حدود إمارة الضالع ومُلحقاتها مع حكومة اليمن العُثْمانيَّة بواسطة اللجنة المشتركة (الأنجلو ـ تركية Turkish ــ The Anglo)، ابتداءً من وادي بَنَا شمال شرق الضالع وانتهاءً بوادي تُبَن شمال غرب الضالع، والتي بدأت عملها من شهر شباط/فبراير1901م، حتَّى آذار/مارس 1903م، كما جاء في التقرير الذي أعدَّه (الجنرال بلهام جيمس ميتلاند Pelham James Maitland ), المقيم السياسيّ في عدن تحت وثيقة رقم:(FO 21/416) المرفوع إلى وزير شؤون الهند البريطانية المستر بروديك المرفق (2) بتاريخ 10 حزيران/يونيو 1904م (سرّي للغاية)؛ وهذه المعاهدة تدخل ضمن المعاهدات المانعة الأبدية التي أبرمتها الحكومة البريطانية مع سائر إمارات وسلطنات ومشيخات الجنوب، فقد وضعت مشيخة السقلدي تحت حماية صاحبة الجلالة الملكة الإمبراطورة, وسوف تصبح من الآن فصاعداً تحت الحماية البريطانية.

وقد هدفت السياسة البريطانية من خلال توقيع هذه المعاهدة إلى تقوية نفوذها في المناطق الداخلية لعدن بما كان يُعرف بـ(القبائل التسع الخاضعة لسلطة حكومة عدن البريطانية), وإبعاد النشاطات والتحرشات المستمرة (العُثْمانيَّة ـ الزيدية) عن حدود المحميات الغربية (المناطق الداخلية لعدن), بالإضافة إلى توفير قدر كبير من الحماية لها, والذي بدأ يظهر بشكلٍ واضح على حدود إمارة الضالع ومُلحقاتها، والتي كانت أوَّل إمارة جنوبية تعقد معاهدة حماية وصداقة مع التاج البريطاني في عهد الأمير علي بن مقبل بن عبدالهادي حسن الأميري في 2 تشرين الأول/أكتوبر 1880م.

أمّا هدف شيخ بلاد الشعيب من هذه المعاهدة، فكان الحصول على حليف خارجي قوي يضمن له حماية حدود بلاده من الغزو (العُثماني ـ الزيدي), بعد أن أدرك الشيخ السقلدي خطورة الأمر وخاصة بعد التهديدات السابقة للعُثمانيين والزيود باحتلال أراضي مشيخته, وأراد أن يكوَّن علاقة سياسيَّة قوَّية مع حكومة بريطانيا, ومن هُنا أدرك أنه لابدّ من عقد معاهدة مع بريطانيا للحد من تلك التهديدات وللإستفادة من الدعم والحماية البريطانية, حيثُ تنصّ الوثيقة على أن يوافق شيخ الشعيب وورثُته وخلفاؤه وكافة قبيلته بالامتناع عن الدخول في أيّة مراسلة أو اتفاقية أو معاهدة مع أيّة دولة أو حكومة أجنبيَّة، إلاَّ بعد اطلاع الحكومة البريطانية وأخذ موافقتها على تلك المعاهدة التي بينهما.

وفي هذا السِّياق نورد إحدى أهمّ المعاهدات الوثائقيَّة التّاريخيَّة التي وقَّعَتها حكومة التاج البريطاني مع مشيخة الشعيب بعد عدة معارك بين قبائل الضّالع والشّعيب ويافع مع القوَّات العُثمانيَّة والزيدية الغازية التي تكرَّرَت على حدود الضالع منذُ بداية العقد السّابع من القرن التّاسع عشر، وكانت هذه المعاهدات والاتفاقيات ملزمة لجلالة الملكة الإمبراطورة بحماية حدود محمياتها الغربيَّة من اعتداءات العُثمانيين والزيود، حيثُ جاءت نصوص المعاهدة بعد الديباجة على النحو التالي:

❐ معاهدة شيخ قبيلة الشعيب (السّقالد) في 5 كانون الأول/ديسمبر سنة 1903م التي تمَّ توقيعها مع جلالة الملكة الإمبراطورة:

✸ مضمون الوثيقة التاريخيَّة:

إنَّ الحكومة البريطانية والشيخ علي مانع السقلدي، شيخ بلاد الشّعيب رغبةً منهما في الارتباط بعلاقات السّلم والصّداقة, فإنَّ الحكومة البريطانية قد سعت وعيَّنت الجنرال بلهام جيمس ميتلند والي عدن، لعقد معاهدة لهذا الغرض، وإن (الجنرال بلهام جيمس ميتلند Pelham James Maitland ), والشيخ علي مانع السقلدي المُشار إليه أعلاه قد اتفقا على ذلك وعقدا المعاهدة التّالية:

✸ المـادة الأوّلـى:

ستعْم الصَّداقة ويَسُوُد السِّلم جميع العلاقات الكائنة بين البريطانيين وأهل الشّعيب وسيكون لكل من الرّعايا البريطانيين وقبائل الشّعيب الحق بحُرِّية دخول بلاد الآخر دون أنَّ يلحق بهم أيّ أذى؛ بل يعاملون باحترام في كلِّ وقتٍ وفي كلِّ مكانٍ – وسيزور مشائخ الشّعيب عدن متى شاؤوا فيعامَلون باحترام ويُعطَون رُخَصَاً لحمل أسلحتهم.

✸ المـادة الثّانيـة:

ونزولاً عند رغبة الشيخ علي مانع السّقلدي شيخ الشعيب تتعهد الحكومة البريطانية بوضع بلاد الشّعيب ومُلحقاتها الكائنة تحت سلطته وداخل حدوده تحت حماية جلالة الملكة الإمبراطورة.

✸ المـادة الثّالثـة:

يوافق الشيخ علي مانع السّقلدي ويُعد بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن أقربائه وورثته وخلفائه وكافة قبيلته بالامتناع عن الدّخول في أيّة مراسلة أو اتفاقية أو معاهدة مع أيّة دوُّلة أو حكومة أجنبيَّة, إلَّا بعد اطلاع الحكومة البريطانية وأخذ موافقتها على ذلك، وأوعد إضافة إلى ذلك بإعطاء إنذار فوري لوالي عدن أو لأيّ ضابط بريطاني آخر عن أيّة محاولة من أيّة دوُّلة للتعرض لأراضي الشّعيب أو ملحقاتها.

✸ المـادة الرابعـة:

يتعهد الشيخ علي مانع السقلدي بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن أقربائه وورثته وخلفائه وكافة قبيلته إلى الأبد بأنَّ لا يتنازل أو يبيع أو يسلم أو يرهن أو يؤجر أو يتصرَّف أو يعطي بأيّ طريقة كانت بلاد الشعيب أو ملحقاتها أو أيّ جزء منها لأيّة دولة أو حكومة أو لأيّ شخص عدا الحكومة البريطانية.

✸ المـادة الخامسـة:

ويُعَدّ الشيخ علي مانع السقلدي, إضافة إلى ذلك بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن أقربائه وورثته وخلفائه وكافة قبيلته بإبقاء كافة الطّرقات داخل بلاده مفتوحة وأن يحمي كل المسافرين إلى عدن والعائدين منها بقصد التجارة – ولقاء ذلك توافق الحكومة البريطانية على دفع معاش قدره عشرة ريالات له ولخلفائه من بعده.

✸ المـادة السادسـة:

يسري مفعول هذه المعاهدة من هذا التّاريخ وإشعاراً بذلك لقد وقَّع عليها أدناه وختمها الأشخاص المختصون في 5 كانون الأول/ديسمبر 1903م.

❐ شخصيَّات المعاهدة:

1_الإمضاءات: الجنرال . بي . جي . ميتلند . والي عدن (المقيم السياسيّ البريطاني).

2_الشيخ علي مانع السقلدي، الشيخ محسن مانع السقلدي.

3_الشهود: الكولونيل أيود المساعد الأوّل لوالي عدن، أي حبيب (كاتب المساعد) الكابتن أوبرين مساعد الوالي.

4_الإمضاء: ( اللورد جورج كوروزون Lord George Curzon ), نائب الملك, حاكم الهند البريطانية العام.

لقد صدق سعادة نائب الملك وحاكم الهند العام على هذه المعاهدة في مدينة (فورت ويليام Fort William) في 5 شباط/فبراير سنة 1904م.

5_ الإمضاء: (لويس داين Lewis Dane), سكرتير حكومة الهند – الإدارة الخارجية.

✸ قراءة الباحث ـ شايف محمد قاسم الحدي

[المكتبة الوثائقية الأميرية ـ الضالع]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى