مجموعة الأزمات الدولية: لا سلام في اليمن دون المجلس الانتقالي الجنوبي

أكد تقرير جديد لمجموعة الأزمات الدولية أنه لم يعد ممكنا بعد اليوم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة وسلام دائم باليمن إلا بإشراك المجلس الانتقالي الجنوبي في المفاوضات، مشيرة إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي بات قوة لا يستهان بها وتمكن من فرض واقع جديد على الأرض.

وقال التقرير الصادر عن مجموعة الأزمات الدولية الخميس الماضي أن: “هناك تحولات على الأرض زادت في تعقيد المسائل، مشيرة بأن اليمن منقسم اليوم إلى خمسة كانتونات للسيطرة السياسية والعسكرية”.

وأضافت: “هناك الحوثيون في محافظات شمالية، وهناك القوات التابعة للحكومة التي تسيطر على أجزاء من مأرب والجوف وتعز ووادي حضرموت وشبوة وأجزاء من المهرة أيضا؛ فضلا عن محافظات يسيطر عليها المجلس الانتقالي مثل عدن ولحج وأجزاء من أبين وساحل حضرموت وسقطرى وأجزاء من المهرة، بالإضافة إلى وجود القوات المشتركة في الساحل الغربي وبالقرب من باب المندب، إضافة إلى وجود مناطق تديرها سلطات محلية”.

وأوضحت أن رحى الحرب تدور على عدة جبهات، لكل منها ديناميكياتها السياسية وسلاسل السيطرة والتحكم.

المجموعات المحلية، وبعضها مرتبط على نحو غير وثيق بمعسكر الحكومة لكن تعمل بشكل مستقل عملياً، ترفض فكرة أنه قد يترتب عليها التخلي عن استقلالها الذي حققته حديثاً لحكومة مركزية، كما يقترح إطار مفاوضات الكويت الذي توصلت إليه الأمم المتحدة والذي ترغب حكومة هادي والحوثيين على حد سواء بحدوثه، ولو كان تحت حكم مختلف. وفي غياب مشاركة هذه المجموعات، فإن أي تسوية سلمية لن تكون مستدامة.

وأكدت المجموعة “أن العملية السياسية الناجحة تتطلب أمرين: أولاً، سيتوجب إقناع الأطراف أن من مصلحتها التخلي عن مطالبها القصوى، ثانياً، يتطلب التشظي السياسي والمناطقي في اليمن إعادة النظر في إطار التفاوض وفي فحوى أي اتفاق يمكن التوصل إليه”.

وأشارت إلى أن هناك “إجماع دولي ويمني متزايد على أن التسوية التي حاولت الأمم المتحدة التوصل إليها بين طرفين على مدى الحرب من غير المرجح أن تترجم إلى سلام دائم. لقد بات من الواضح على نحو متزايد أنه ينبغي على الأمم المتحدة توسيع المحادثات، في الحد الأدنى لضمان مشاركة مجموعات قوية مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، القادرة على تقويض أي تسوية. كما أن المقاربة الراهنة تستبعد المجموعات القبلية، والسلطات المحلية وجملة من الأطراف السياسية، ومجموعات النساء والشباب وغيرها من أطراف المجتمع المدني الذين سيكون دعمهم بالغ الأهمية لاستدامة أي اتفاق”.

وتابعت: “إن تحقيق نصر عسكري واضح لأي طرف، بما في ذلك الحوثيين، غير مرجح على الإطلاق. علاوة على ذلك، فإن حكومة هادي، ومهما كانت ضعيفة، ما تزال السلطة المعترف بها دولياً في اليمن. ولهذه الأسباب، ينبغي على الحوثيين القبول بأن اتفاقاً تتوسط فيه الأمم المتحدة لن يؤدي ببساطة إلى نقل السلطة إليهم وتحويل الوقائع على الأرض إلى اعتراف دولي بحكمهم. بالمقابل، ينبغي على الحكومة القبول بأن مطالبها بالعودة إلى السلطة في صنعاء من خلال استسلام الحوثيين فعلياً أمر غير واقعي بالمرة. السعودية، من جهتها، لن تكون قادرة على إعلان النصر في اليمن كما قد يأمل قادة الرياض. إن مطلبها بابتعاد الحوثيين عن طهران قد يشكل هدفاً بعيد المدى لكن ليس شرطاً للتوصل إلى تسوية سياسية”.

وأوضح التقرير أنه: “سيتوجب على مكونات أي اتفاق أن تعالج الوقائع الجديدة وأن تقر بأخطاء الماضي. المجموعات المحلية تثمن الاستقلال الذي اكتسبته على مدى الحرب وستقاوم الاندفاع إلى إعادة السلطة المركزية للدولة إلى صنعاء. إن عدم معالجة المظالم الاجتماعية والاقتصادية التي أشعلت الانتفاضة الشعبية في اليمن في عام 2011م وأسهمت في صعود الحوثيين سيؤدي إلى عدم الاستقرار والحرب في المستقبل”.

وأكدت المجموعة في ختام تقريرها المطول أن ما كان يمكن تحقيقه سياسيا في 2016م بين طرفين باليمن، بات اليوم مستحيل أن يتحقق مع توسع قاعدة الأطراف وتغير الوقائع على الأرض، وينبغي على الأمم المتحدة إدراك ذلك للوصول إلى سلام دائم في اليمن تقبل به كافة الأطراف بعد التخلي عن تشددها في تلك المطالب المقدمة والتي ظلت متمسكة بها لسنوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى