قنبلة حوثية تحوّل حياة فتحية إلى مأساة

عدن24 ـ البيان

عند نهاية مخيم الجشة بالخوخة في الحديدة بالساحل الغربي لليمن، وعلى مقربة من البحر تقع خيمة فتحية محمد دهام (28 عاماً)، تقف عند بابها المهترئ وتتأمل موجات الشاطئ الصباحية بأسى كما لو أن الحرب بدّلت وظائف حواسها، فغدت تتذوق بناظريها ملوحة الماء عوضاً عن أن تستمتع بجمال مشهده.

قبل سنتين بدأت قصة مأساة فتحية وأطفالها الأربعة، الذين لم يتجاوز أكبرهم الأحد عشر عاماً، ومن ذلك الحين غادرت بيتها في شارع الخمسين بمدينة الحديدة، بعد فقدان زوجها بقنبلة حوثية، ليكون التشرد والنزوح عنوان حياتها بعد ذلك، يأخذها من مكان لآخر حتى استقر بها المقام في مخيم الجشة مع آلاف الأسر النازحة، وحكايات الفقد والألم والدموع.

انتظار الفجيعة

في أحد أيام ديسمبر 2017، كانت فتحية تنتظر عودة زوجها محمد عبدالله شوقي (32 عاماً)، ليعود من عمله في حراسة مزرعة جنوب مدينة الحديدة، وكان من عادته أن يوافيها في تمام الواحدة ظهراً، حاملاً معه ما استطاع توفيره من قوت أطفاله، إلا أن انتظارها له طال ذلك اليوم.

تقول فتحية والعبرات تخنقها: «غادر البيت باكراً ولم يودعني إلا بابتسام، لم يكن يعرف أنه سيعود إلينا أشلاء ممزقة». وتضيف لـ«البيان»: في المزرعة التي كان يحرسها، وجد محمد جسماً غريباً على شكل علبة معدنية، فحملها إلى صديقة وهو يردد: هذا رزق، هذا رزق.

كان محمد يظن أنها قطعة غيار سيارة، لذلك أخذ يدقها بفأسه ليستخرج منها النحاس ويبيعه، ولم يسمع لتحذيرات صديقه بالتوقف عن ضربها حتى يتبين ما هي، إذ ما كان ليصدق أن الحوثيين يزرعون ألغاماً بأشكال مموهة في مناطق بعيدة عن المواجهات آنذاك، لم يكن قد أدرك مدى بشاعتهم وإجرامهم، وعندما عرف كان الوقت قد فات، وكانت القنبلة الإيرانية قد نهبت روحه وعبثت بجسده، لتخلف امرأة بلا معيل، مشردة ومغلوبة على أمرها، وأربعة أجساد ناحلة وهزيلة، نادراً ما أكلوا ثلاث وجبات كاملة في المخيمات، وكثيراً ما أكلتهم الحسرات كمداً وحزناً على أب كان يتعب ويجوع ليطعمهم.

وتشير فتحية إلى أنها نزحت بعد مقتل زوجها إلى منطقة الصليف شمال مدينة الحديدة، لكن سوء المعاملة في المخيمات، التي يشرف عليها الحوثيون، أجبرتها على المغادرة إلى مناطق أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى