تقرير خاص | سوء التغذية والحميات.. معاناة متجددة تفتك بالمواطنين

  • الاختصاصية إلهام: هناك مئات الحالات تصل يوميا للمستشفى مصابة إما بسوء التغذية أو الحميات
  • الدكتور جمال عبد الحبيب: معظم حالات سوء التغذية من النازحين

 

عدن24- خاص

زيارة واحدة لمستشفى الصداقة التعليمي بعدن تكفي لأن تعرف حجم المعاناة التي ازدادت بشكل متسارع في إصابة المواطنين بسوء التغذية، خاصة المرأة والطفل في ظل الحميات المنتشرة.

الاختصاصية إلهام عبدالوهاب في قسم التغذية بالمستشفى قالت: “إن هناك حالات بالمئات تصل يوميا”.

ومما لاشك فيه أن انتشار حالات الإسهالات المائية وعدد من الأمراض والأوبئة السارية انعكس سلبا على حياة الأسرة وخاصة الأم والطفل، فإن لم تفتك بهما فهي تسبب انتشارا لحالات سوء التغذية، إذ أنها من أكبر الكوارث الإنسانية التي تضررت منها المناطق الجنوبية المحررة والتي فاقمت من الكثير من المشاكل الصحية بين الأطفال.

كما أن مستويات سوء التغذية الحاد تتجاوز المستويات المقبولة، ففي عدن نفسها تزايدت الأعداد بالآلاف بين الأطفال والأمهات نتيجة لعوامل عديدة أثرت سلبا على القطاع الصحي والإنسان فيه، ولعل مشكلة النزوح والحرب أثّرت كثيرا، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي ومستوى دخل الأسرة الضئيل، بل هناك من الأسر  ليس لها دخل اقتصادي بالمطلق، حيث حصدها الجوع وفتكت بها الأمراض مثل الكوليرا والإسهالات المائية التي تسببت بازدياد حالات سوء التغذية.

ومعلوم أن سوء التغذية، وخاصة الحاد، يعد مشكلة صحية خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة، لكنها حالة مرضية خطيرة قابلة للعلاج إذا تم اكتشافها ومعالجتها سريعاً، هذا ما أكده الدكتور جمال عبد الحبيب القائم بأعمال مدير عام الرعاية الصحية الأولية في محافظة عدن، حيث أشار إلى أنه يمكن الوقاية من سوء التغذية الحاد باتباع الممارسات الصحيحة في تغذية الرُّضع وصغار الأطفال والاهتمام بالرعاية الصحية والنظافة الشخصية.

وقال: “يمكن اكتشاف حالات سوء التغذية الحاد لجميع الأطفال من عمر ستة أشهر إلى أقل من خمس سنوات باستخدام قياس محيط منتصف الذراع، وإحالتها إلى المرافق الصحية المعتمدة في معالجتها، ثم الحصول على قائمة بالأطفال المصابين على مستوى القرى، والتي ستحصل متطوعات صحة المجتمع والعاملين في الحملة التي نقوم بتنظيمها لمواجهة حالات ازدياد سوء التغذية .

وعن أبرز الأسباب والعوامل وكيفية التخفيف من وطأة الأمراض التي تسبب حالات سوء التغذية وخاصة في محافظة عدن التي تفاقم فيها عدد من الأمراض المؤدية لسوء التغذية، أجاب الدكتور جمال عبد الحبيب قائلا: “هناك عدة عوامل أدت إلى ظهور حالات سوء التغذية لدى الأطفال والأمهات أيضا، ومنها الحالة الاقتصادية للواقع الذي تمر به عدن، وهي حالة مشابهة لوضع المناطق الجنوبية الأخرى، ناهيك عن الحرب وتأثيراتها السلبية، وهي كلها عوامل مؤثرة على الوضع الاقتصادي للأسرة والوعي الصحي، الأمر الذي أدى إلى ظهور حالات سوء التغذية، أيضا الجانب الآخر هو النزوح السكاني الكبير إلى محافظة عدن من محافظات شمالية كالحديدة وتعز التي انتشرت  فيها حالات سوء التغذية وسُجلت في مستشفيات عدن”.

وأشار عبدالحبيب إلى أن الحالة الاقتصادية لدى الأسرة مؤثرة جدا على حالة التغذية بالنسبة للطفل وللأم، مشددا على رعاية الأسرة، وبشكل مكثف، ونشر التوعية لدى الأم بصفة خاصة والأسرة والمجتمع بصفة عامة من خلال التثقيف الصحي المبرمج والممنهج وبشكل مستمر دون توقف لضمان توعية صحية متكاملة الأطراف تنعكس إيجابا على وعي الأم والأسرة والمجتمع، وبالتالي تضمن انخفاضا كبيرا لحالات سوء التغذية.

وأوضح أن “معظم حالات سوء التغذية من النازحين وقد سُجلت في مستشفياتنا وقد تم فرزها في المواقع الصحية للخدمات عندما جاءوا لطلب الخدمة الصحية. وتم تسجيلهم فعلا كنازحين، فأغلبهم يعيشون في مخيمات النازحين، أما الذي يأتي من عدن يتم تسجيله ضمن السجلات بالموقع الذي يعيش فيه”.

وتطرق عبدالحبيب إلى دور المنظمات الدولية الداعمة، وقال: “إنها تغطي جزءًا من حالات سوء التغذية، حيث تقوم بتموين المستشفيات، فالمخازن فيها ممتلئة بالغذاء الخاص بسوء التغذية للأطفال سواء أكان المتوسط أو الحاد، وتقدم الغذاء والعلاج المناسب حسب كل حالة في المستشفيات ومراكز التغذية”.

وأشار إلى أن برنامج التثقيف والإعلام الصحي أيضا يلعب دورًا فاعلاً وإيجابياً كبيرًا في التوعية بتغذية الأم والطفل، إذ يقدم هذا البرنامج نصائح ومشورات في مخيمات النازحين.

وقال: “لدينا عربات متنقلة؛ حيث نقوم بنزول ميداني وبشكل يومي إلى مخيمات النازحين في جميع مديريات محافظة عدن، ولدينا فريق الاستجابة السريعة للنزول، ويتكون من الترصد والتثقيف والإعلام الصحي ..موضحا أنه يتم النزول إلى أي موقع عند ظهور أي حالة، الأمر الذي يستدعي تثقيف المواطن، وبالتحديد الأم، لكنه قال: “إننا نفتقر إلى التنسيق مع مختلف وسائل الإعلام وخاصة الرسمية، فهي غائبة تماما، مثل إذاعة وتلفزيون عدن التي تعوّدنا قبل سنوات أنها تساندنا إعلاميا في عملية التثقيف والإعلام والتوعية الصحية في مختلف الجوانب”.

وأشار إلى أن القنوات الرسمية الأساسية التي غابت عنا اليوم سيكون لها الأثر الأكبر لو كانت حاضرة معنا في مثل هذه الظروف.

وعبّر عن أمله بعودة هذه الوسائل الإعلامية الجنوبية الفاعلة لينعكس أداؤها إيجابيا وأن يكون لها أثر في النهوض ببرنامج التوعية والثقيف والإعلام الصحي.

الأخت منى عبدالله صالح، فنية صحية في الترصد الوبائي، قالت: “أريد أن أنبه إلى مسألة مهمة في هذا الموضوع، وهو أن الجهل والفقر أبرز عاملين في ظهور حالات سوء التغذية، ناهيك عن أن هناك من الأغنياء وبسبب الجهل تنتشر بين أوساطهم حالات سوء التغذية، يضاف إلى ذلك الأسباب التي تنتج عن الحرب والظروف الاجتماعية القاسية والمتدنية”.

وأوضحت أن الاكتشاف المبكر يبدأ منذ حالات الحمل المبكرة، فهناك نسوة يعانين من سوء تغذية، وبالتالي يكون لذلك انعكاس سلبي على الجنين والمولود، فمثل هذه الحالات يتطلب العناية والرعاية والاهتمام لكي تتعافى الأم وتلد مولودا صحيحا سليما معافى”.

وقالت: “لقد لاحظنا أن التثقيف الصحي يفتقر إلى كثير من الجوانب الداعمة له فنحن بحاجة إلى النهوض ببرنامج التثقيف والإعلام الصحي الذي تراجع كثيراً”.

وأشارت إلى أن المنظمات الدولية الداعمة لم تقصّر في عملية التثقيف الصحي من خلال إقامة ورش العمل وتدريب المتطوعات لكن هذا لايكفي؛ لأن ضغوطات الحياة ومسبباتها وصعوباتها كثيرة جدا.

وتوجهت الأخت منى بمجموعة من النصائح إلى الأمهات أبرزها هو قيام الأم بالتغذية المتوازنة لكي يكون المردود الغذائي ذو قيمة ويعود بالنفع للأم والطفل، فمثلا عندما لا يستطيع طفلها تناول اللحم أو لا يستطيعون توفيرها يمكن اتخاذ بدائل غذائية عن ذلك كالخضار والفواكه والحبوب وما إلى ذلك…

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى