تقرير خاص | الخط الساحلي (عدن- حضرموت) الدولي.. رحلة من العذاب

حوادث متكررة وبنية تحتية منهارة ومعاناة مستمرة جراء السيول والكثبان الرملية..

– تضاعفت مدة الوقت وتكلفة المواصلات عبر الخط الساحلي الدولي (عدن – حضرموت) إلى الضعف بسبب البنية المتهالكة للخط

– يضطر المسافرون إلى القيام بمبادرات ذاتية لمعالجة اختلالات الطريق بالتنسيق مع أبناء المناطق في حين لم تحرك الحكومة اليمنية ساكناً

– يظل بعض المسافرين مقطوعين في الطريق ليومين أو ثلاثة أيام بسبب الكثبان الرملية وتوقف القواطر

– المسافرون القادمون من المكلا يشكون: الطريق سيئة للغاية والإسفلت من أحور حتى عرقة غير موجود نهائياً!

– تشكل الكثبان الرملية الزاحفة على جانبي الطريق الساحلي الذي يعد من أهم طرق ربط البلاد بدول الجوار.. خطر يهدد سلامة سالكيه

عدن24 | خاص

توقفت حركة السير في الطريق الدولي، بمحافظة أبين جراء السيول الغزيرة التي أعاقت المركبات والشاحنات، من الوصول إلى مدينة عدن أو الخروج منها.

وقال مسافرون: إن غزارة السيول وارتفاع منسوبها تسبب في قطع الخط العام بمنطقة أحور، التابعة لمحافظة أبين، منذ ظهر يوم الجمعة الماضية، ما أدى لتعثر مرور عشرات السيارات والمركبات، وتوقفها على جانبي الطريق الإسفلتي، بانتظار انخفاض منسوب المياه.

ويعد الطريق خطاً دولياً يؤدي إلى محافظة حضرموت والمهرة ومنها إلى سلطنة عمان ودول الخليج.

وقال سائقو السيارات والمركبات أن الكثبان الرملية امتدت في الطرقات بشكل مخيف مما شكل تهديداً على حياتهم من حوادث السير التي قد ينتج عنها.

وناشدوا السلطات في محافظة أبين توجيه المختصين لرفع الكثبان الرملية ووضع الحلول الجذرية لمشكلة الرمال التي تعيق حركة السيارات والمركبات كون الخط أصبح خط الموت وحصد الأرواح.

وشهد الخط حوادث في الأيام المنصرمة أدت إلى خسائر مادية وإصابات بين مرتادي خط عدن أبين إثر هذه الكثبان الرملية.

ليست المعاناة حديثة، ولكنها ازادت تفاقما، فخطوط السفر البرية المحلية والدولية في اليمن تشكو الإهمال وانعدام الخدمات وغياب الحكومة التي من واجبها تيسير وتسيير أمور مواطنيها ومن بينها تمهيد الطريق.

فغياب السلطة دمار، وتحوّلها إلى “عصابات” دمارٌ أكبر، وإهمال المسؤولية التي يحملها المسؤولون من أشد الأمور المغضبة لله، فهي تكليف لا تشريف، فقد قال عمر بن الخطاب وهو يبكي: “ويلك يا عمر! لو تعثرت شاة في العراق لسألك الله: لِمَ لم تمهد لها الطريق؟” واليوم يتعثر ويموت الكثيرون من الناس في طرقاتنا التي يسودها الخراب، خاصة بعد هطول الأمطار وتدفق السيول الجارفة، ولا ننسى الكثبان الرملية التي تعيق حركة السير في الطريق الساحلي الرابط بين عدن وحضرموت.

وقد تسبب هذا الخط بحوادث مرورية كارثية بسبب زحف الكثبان الرملية على الخط الإسفلتي، كما حصد العديد من الأرواح وكان من بينها وفاة خمسة أفراد من أسرة واحدة بنهاية مايو من هذا العام، في حادث مروري مروع قبالة قرية عرقة بمديرية رضوم في محافظة شبوة على الطريق الساحلي الدولي، حيث تسبب سائق شاحنة نقل كبير (قاطرة) في الحادث بعد أن حاول التجاوز في منطقة تتواجد فيها كثبان رملية مما أدى إلى دهسه لسيارة صغيرة كانت مملوءة بالركاب معظمهم نساء وأطفال.

وكذلك الأمطار، فهي تسهم وبشكل كبير في عرقلة عبور المسافرين في الخط الدولي الساحلي بسبب السيول الجارفة التي دمرت الطريق، كما امتلأ بالرمال ومخلفات السيول مما أعاق حركة السير، إذ تتوقف الحافلات والشاحنات والمركبات في الطرقات بفعل هطول الأمطار المفاجئة، كما ألغيت العديد من رحلات السفر مؤخرا بسبب الأمطار الغزيرة التي شهدتها عدة مناطق في الجنوب.

مشاكل الطريق

تحدث مدير شركة النقل الجماعي بعدن عبده ناجي لـ”عدن24″ عن معاناة المسافرين وشركات النقل في الطرقات، حيث قال: “أكثر المسافرين القادمين من المكلا يشكون بالقول: إن الطريق سيئة للغاية والإسفلت من أحور حتى عرقة غير موجود نهائيا، كما أن هناك جسر انتهى نهائيا وكل الطريق ترابيّ”.

وأضاف: “كما أن آخر رحلة قدمت من المكلا ظلت في الطريق لمدة يومين بسبب الأمطار والسيول التي جرفت الإسفلت بالكامل، وكذلك الكثبان الرملية كانت في السابق تجرفها الشيولات أولاً بأول، أما الآن لا يوجد من يقوم بذلك، وأصبح هناك إهمال بسبب غياب الحكومة عن إصلاح هذه الطرقات منذ سنين، وهذا الوضع منذ العام ٢٠١٤م، وإذا حدث وعلقت بعض السيارات أو الباصات في الطريق تأتي الشيولات وتخرجها بمقابل مادي”.

وتابع: “نناشد بإصلاح الطريق وبناء الجسور التي تهدمت بسبب السيول في ٢٠١٥م إذ دمرت الجسور كلها من أحور حتى المكلا، من بعدها ونحن من سيء إلى أسوأ، ولم توجد أي جهة تحاول الإصلاح وإنما كلها مجهودات شخصية، ويقومون بعمل ردميات، وهذه الردميات مؤقته بحيث أصغر سيل يأتي يجرفها لأنه من المفترض أن تكون هناك جسور”.

وقال: “المشكلة أن هذه المعاناة موجودة في مناطق أبين أحور عرقة وحورة وكلها مناطق بعيدة عنا، وليست في مناطقنا رغم أننا متضررون”.

وعن سؤالنا له ما إذا قاموا برفع شكاوى للجهات المعنية، قال: “إذا كانت الطرقات والإسفلت في مدينة عدن مدمرة بالكامل والحكومة لم تقدر أن تعمل فيه أي إصلاحات، فكيف بها أن تصلح طريق سفر طويل بعيدًا عن المدن؟”.

وتابع: “نحن نعاني بشكل كبير؛ لأن مركباتنا انتهت بسبب الحفر ووعورة الطريق، والتشغيل الآن ضعف السابق، فقد كنا نستهلك من عدن إلى المكلا ١٥٠ لترًا من الديزل أما الآن نستهلك ٣٠٠ لتر، أي الضعف بسبب الطرق الوعرة والرمال والإسفلت شبه منتهي”.

انعدام الخدمات

تحتاج الطرقات الدولية لوجود خدمات فيها من إصلاح وصيانة ودفاعات وغيرها من وسائل الإنقاذ في الحالات الطارئة، كالحوادث والتوقف وغيرها، إلا أن الخدمات في الخطوط الدولية شبه معدومة.

وقال السائق صادق منذر: “مستوى الخدمات في الطرقات سيء للغاية، حيث تتوقف المركبات في الطريق بأماكن بعيدة غير مأهولة بالسكان وليس فيها خدمات كلها في البراري، فكيف سيكون الوضع للمسافرين والعائلات عندما نتأخر لوقت طويل أحيانا تصل لأيام؟ لهذا لابد أن يكون هناك حلول، وأن يكون عند كل جسر أرضي أو بين كل مسافة وأخرى دفاعات ووسائل للإنقاذ وغيره من الخدمات التي يجب توافرها في الطريق”.

وأكد أن هناك تقاعس من قبل السلطات؛ حيث أنهم فقط لو قاموا بعمل صيانة للطرقات ستسير الأمور بشكل جيد، وقال: “إن هذه المعاناة قديمة من بعد حرب٩٤ والبلاد خربانة، كما أن الكثبان الرملية تواجهنا بشكل مستمر إذا لم يتم جرفها بوقتها.. ونحن نتعامل معها بشكل حذر، حيث نحاول تجنبها أو المشي ببطء عليها لأننا نحمل أرواحاً، والدولة يجب أن تكون عينها على هذه الخطوط؛ لأنها شريان حياة يربط بين المحافظات والمناطق، أي على الأقل يأخذوا من إيرادات المحافظات ويقوموا بالإصلاح ولا داعي لأن ينتظروا المخصص من وزارة النقل”.

وتابع: “كيف لنا أن نقدم بلاغات إذا كنا نخرج من عدن والطريق مدمر وكل المسؤولين من مدراء ووزراء وغيرهم يمرون بهذه الطريق وهم عارفون بالمعاناة الذي يواجهها المسافرون في هذه الطرقات؟”.

وفي الحديث عن وضع المسافرين في حالة التوقف وما الطريقة التي يتعاملون بها معهم، قال: “نحن نقوم بتهدئة الناس وإذا توقفنا لأكثر من ثمان ساعات نأخذهم لأماكن فيها غداء ودورات مياه وأماكن للصلاة هذا الذي نقدر عليه إذا أتيح لنا، أما غير ذلك لا نملك شيئاً”.

السيول والأمطار

إن الأمطار نعمة من الله، إلا أنها في بلادنا تحولت إلى نقمة، بسبب الإهمال الحكومي، فقد سببت الأمطار الأخيرة معاناة كبيرة للمسافرين في الخط الدولي الساحلي، حيث قال المواطن أنور: “الطريق الساحلي خط (عدن-المكلا) في قطب عرقة بالتحديد مقطوع تماماً بسبب تدفق السيول مما أدى إلى تدمير الخط وشل حركة المسافرين.. فالأسر تفترش الطريق وكبار السن والأطفال، حيث لا مأوى ولا سكن ولا مطاعم أيضا في المنطقة غير ما يأتيهم من أهل الخير في المنطقة فقط”.

وقال خالد ناصر، وهو سائق بشركة بن معمر للنقل الجماعي بعدن: “مشاكل الطريق كثيرة، فكل يوم انقطاعات بسبب السيول أو غيرها، وإذا مررنا في وقت السيل لا نستطيع أن نمر، فنضطر للبقاء في الطريق لمدة عشر أو ١٢ ساعة، كذلك المطبات والحفر، وهذه المعاناة لها عدة سنوات في الطريق الساحلي، كما أنه يحدث أن بعض المواطنين أو العسكر يقومون بقطع الطريق لأجل تأخر الرواتب وغيره، كما أننا إذا علقنا في الطريق لا نجد من يساعدنا لا من الجانب الحكومي ولا من غيره.

وتابع: “عندما يكون هناك سيول نتوقف ولا نستطيع مواصلة المشي حتى يتوقف، وأحيانا يصادف نزول السيول وبعض الباصات قد دخلت في الوادي وبهذه الحالة لا تستطيع الخروج”.

الكثبان الرملية

تعد الكثبان الرملية من أكبر المشاكل في الطريق الساحلي، حيث تسببت بالكثير من الحوادث التي سلبت العديد من الأرواح البريئة، فقد حوّلت الرمال الطريق من شريان للحياة إلى سبيل للموت.

إذ تزايدت الحوادث المرورية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة على الطريق الدولي “عدن – أبين – حضرموت – سلطنة عمان” جراء زحف الرمال المتحركة على طول وعرض الخط الدولي العام، ما جعلها تشكل خطراً على حياة مئات المسافرين، وكذا المركبات والشاحنات التي تمر عبره على مدار الساعة.

وتشكل الكثبان الرملية الزاحفة على جانبي هذا الطريق، الذي يعد من أهم طرق ربط البلاد بدول الجوار، خطراً يهدد سلامة سالكيه، خاصة أثناء المساء، حيث أدى تراكم الكثبان الرملية إلى تضييق الخط في أماكن وإغلاقه في أماكن أخرى خصوصاً في أجزاء الخط الرابطة بين عدن وحضرموت.

وذكر كثيرون أن الطريق الدولي يخلو من اللوحات الإرشادية ويفتقد لأعمال صيانة مما تسبب بمخاطر عديدة تتطلب من الجهات المعنية الالتفات إليه والعمل على رفع الرمال يومياً أو وضع مصدات تحد من اختراق الطريق. كما طالبوا بتشجير جانبي الطريق لعمل حاجز للرمال والمساهمة في تخفيف الكثبان الرملية التي تغطي الطريق.

وقال السائق خالد ناصر: “إن الرمال دائما في الخط لا يتم جرفها، وقبل أسبوعين تقريبا كنا قادمين إلى عدن وكان في الخط رمال وغرزّنا فيها وعلقنا لمدة ثلاث ساعات، وفي هذه الحالة يقوم الركاب بمساعدتنا بجرف الرمال أو تأتي تريلات وتقوم بسحب الباص وأصحاب هذه التريلات مواطنون عاديون يقومون بالمساعدة وفعل الخير”.

ولا ننسى ما قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة التي أسهمت بجهودها الإغاثية المبذولة في إعادة فتح الطريق الساحلي الذي يربط بين مدينتي عدن والمكلا عقب إغلاقه أمام المسافرين في شهر أغسطس الماضي، جراء زحف الكثبان الرملية والأضرار التي لحقت به جراء السيول والأمطار خلال الفترة الماضية.

وتبنى الهلال الأحمر الإماراتي حملة واسعة لرفع الرمال الزاحفة على الخط الإسفلتي بمنطقة «عرقة» بمديرية «رضوم» الساحلية شرق محافظة شبوة، وتمكّنت تلك الجهود من إزاحة ورفع الرمال وفتح الطريق المغلق أمام حركة المسافرين المارين على الخط الدولي الساحلي، في الوقت التي تنشغل فيه حكومة الشرعية بتجميع عناصرها الإرهابية لاجتياح الجنوب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى