جرمٌ صغير

جرمٌ صغير

كتب: سمية المقطري

أنت جميلٌ وقبيحٌ في ذات الوقت ، إذا أحسنت فإنما تُحسن إلى نفسك ، كلُّ شيءٍ يرتدُ إليك أضعافٌ مضاعفة من خيرٍ وشرٍ ، فإذا غرست الخير ارتاحت ذاتك ، واستأنست وبَدت أقواس السعادة تشرق من عينيك ؛ الأمر الذي يجعلك جميلاً في أعين الناس ، جمال وجهك يبتدئ من خُلقِك يارعاك اللّه ..

وحين تصنعُ الشرَ للآخرين ، تُظْلِمُ نفسك وتنطفئ ، وتقحمها رُغماً عنها في دوامة الضياع والألم ، إنك تتكبد العذاب الذي تُجرِّعه الآخرين من حولك … ثُمَّ ماذا ؟ ثُمَّ أنَّ الشرَ  يُورثُ تعاسةَ القلبِ والذمامة ، ويطمرُ الأحقاد ، فتمسي في غاية القبح ، أنت مَن يحدد جمالك في نظر مَن تحبُّه ويحبُّك ومَن لا يحبُّك أيضاً ..

ليس عليك سوى إتباع ضميرك في أوَّل ومضاته في قلبك ، تقلبك واتزانك يعتمد على تربيتك لذاتك فقط ، فاتبع الحُسنى أينما ثقفتها ؛ فإنها ضآلة المحسنين في كلِّ دهرٍ ..

يسوؤني أنك تتخبط في صحاري خيبات الأمل دون جدوى ، مندفعاً بيأسٍ ، وألم غير مضطر ، يوجد في روحك السوداء خيطٌ أبيضٌ لم تره عيون الحقد التي تتبع أخطاء الآخرين من حولك ، عليك نسيان أحزانك والمتسببين فيها ، لتحيا صحيح القلب طاهر النوايا ، لأن الحقد لن يساعدك على النهوض يوماً ، ولن يزيدك إلاّ ضراراً .

عزيزي .. يامن تجد نفسك قبيحاً داوي اضطراب روحك لتتناغم مع جمال الكون من حولك  ، فليضطرب الكون ، وليسلم قلبك الصغير ؛ لأنك الأهم والمهم ومن سُخِّرَ الكون من أجله ، فلا تبتئس روحك أيا مَن يختزل سرَ الحياة في جرمِه الصغير ..

أنت جرمٌ يضمُ الدنيا بما حوت ، أنت ابن الخير ، وسيد مخلوقات الله ، هيَّئ الله لك سُبل الحياة ، فإنّك مخيرٌ بين الخير والشر ، وإنّنا لشاهدون لما تجنح إليه من خيرٍ وشرٍ ، فأنت جميلٌ وأما قبيحٌ من جرّاءِ فعلك واختيارك ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى