«إخوان اليمن».. تاريخ من الخيانة والانتهازية”تقرير”

عدن24 ـ الاتحاد

لعب تنظيم «الإخوان» الإرهابي في اليمن بقيادة «حزب الإصلاح» دوراً تخريبياً أعاق بشكل كبير ومنذ أكثر من 4 سنوات عملية تحرير شمال البلاد من ميليشيات الحوثي الإرهابية الموالية لإيران بعدما استطاعت قوات التحالف العربي مسنودةً بالمقاومة الشعبية تحرير وتأمين معظم المناطق الجنوبية والشرقية في غضون أشهر خلال النصف الثاني من العام 2015.

واستغل التنظيم الإرهابي تواجده السياسي داخل الرئاسة والحكومة في إشاعة الاضطرابات والفوضى في المناطق المحررة خصوصاً محافظات الجنوب لمنع الجنوبيين من إدارة شؤون مناطقهم بعدما كان التنظيم يذرف دموع التماسيح تزلفاً مع مطالب الجنوبيين بفك الارتباط مع الشمال في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

محاولات تنظيم الإخوان الإرهابي «ملشنة الجنوب» بالجماعات والتنظيمات المتطرفة كـ«القاعدة» و«داعش»، تزامنت مع استمرار التنظيم بفرض سيطرته على مدينتي مأرب وتعز وتأسيس ميليشيات تابعة له، واحتكار مسمى الجيش على القوات الموالية له فقط، وما دونها فهي ميليشيات متمردة.

ومع انطلاق شرارة الاحتجاجات في اليمن مطلع 2011 فيما عرف بـ«الربيع العربي»، تنكر «إخوان اليمن» للرئيس الراحل علي عبدالله صالح بعد أن حكموا معه 33 عاماً فكانوا هم المسؤول والوزير والقائد العسكري، وهم المسجد والجامعة والمدرسة والمنهج التعليمي.

33 عاماً لم يعتقل فيها صالح قيادياً في تنظيم «الإخوان» و«حزب الإصلاح»، مع ذلك كان «الإصلاحيون» أول المنضمين لساحات الاحتجاج في تعز وصنعاء، وبقية المدن اليمنية، للمطالبة بـ«إسقاط النظام»، وكانوا هم الصوت الأعلى الرافض للمبادرات التصالحية التي قدمها الرئيس السابق لاحتواء الاحتجاجات تفادياً لانزلاق البلد إلى دوامة الصراع الداخلي.

ولا ينسى اليمنيون حين طلع الجنرال علي محسن الأحمر، أحد أبرز قادة الجيش اليمني وتربطه علاقات وثيقة بتنظيمي «الإخوان» و«القاعدة»، على شاشة قناة «الجزيرة» القطرية صبيحة 20 مارس 2011، معلناً انشقاقه عن نظام صالح بعد يومين فقط على ما عرف بمجزرة «جمعة الكرامة» التي راح ضحيتها 50 مدنياً، وذلك ضمن مخطط «إخواني» لشق الجيش اليمني وإسقاط صالح تكشفت ملامحه لاحقاً بتستر الأحمر و«حزب الإصلاح» على منفذي الجريمة، وظهرت أركانه جليةً مع محاولة اغتيال صالح داخل المسجد الرئاسي في 3 يونيو العام ذاته.

وبلغت خصومة «الإخوان» لصالح حد الفجور السياسي، فكانت ساحات الاحتجاجات التي يديرها التنظيم الإرهابي بدعم مالي كبير من قطر، أول موطئ قدم للوجود الحوثي في صنعاء ورفع شعارات الموت التابعة للجماعة المتمردة في محافظة صعدة شمال البلاد، في شوارع وأزقة وحواري العاصمة اليمنية.

كما احتضنت ساحات «الإصلاح»، التي كانت تتغنى بالثورة السلمية، عناصر وقيادات في تنظيم «القاعدة» المتطرف، فيما كان الحزب، ومن خلفه الأحمر وتنظيم «الإخوان»، يشن هجمات عنيفة على معسكرات الجيش المرابطة في مديريات طوق صنعاء لإسقاط العاصمة بقوة السلاح.

وآنذاك، لعب إعلام «الإخوان» بقذارة روجتها قنوات قطر ومن يدور في فلكها، فكان الجيش اليمني «جيشاً عائلياً» والقوات المنشقة بقيادة الأحمر «جيش الثورة»، وأصبح أنصار صالح «بلاطجة»، وغدا «الإصلاحيون» والحوثيون والمتطرفون والانفصاليون في الجنوب هم «الثوار»، وسمي التمرد العسكري بـ«المقاومة الشعبية».

ولم يسلم العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز من هتافات «إخوان اليمن» الذين تحاملوا على دوره ودور المملكة، وبقية دول الخليج، في رعاية واحتضان المبادرة الخليجية أواخر نوفمبر 2011.

رحل صالح وحكم «الإخوان»، فتمددت الجماعات الغوغائية ووصل الحوثيون بسلاحهم إلى صنعاء فكان حزب «الإصلاح» أول الأحزاب السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة مساء الـ21 من سبتمبر 2014.

وكان «الإصلاح» أيضاً آخر الأحزاب اليمنية التي أعلنت تأييدها لحملة التحالف العربي التي انطلقت في 26 مارس 2015 لتحرير اليمن من ميليشيات الحوثي التي كانت على مشارف مدينة عدن في أقصى جنوب البلاد.

وتبنى تنظيم «الإخوان» مبكراً وعبر آلته الإعلامية الممولة مالياً من قطر وتركيا، محاربة دور الإمارات العربية المتحدة، الحليف الرئيسي للمملكة العربية السعودية في الحملة ضد الحوثيين، في محاولة منه لإضعاف هذا الدور الذي انحاز لصف الشعب اليمني ووقف حجر عثرة أمام طموحات التنظيم في السيطرة على المناطق المحررة.

فبعد شهور على تحرير مدينة عدن وإقالة محافظها «الإصلاحي» نائف البكري بمرسوم رئاسي يمني مطلع 2016، صدحت الآلة الإعلامية لـ«الإخوان» بالتنكر للدور الإماراتي مع ترويجها اتهامات باطلة وسخيفة بأطماع للإمارات وراء تلبية استغاثة الرئيس عبدربه منصور هادي التي أطلقها أثناء فراره من القصر الرئاسي في عدن حين اجتاحها الحوثيون.

حاول «الإصلاحيون» آنذاك وبانتهازية الترويج للبكري كقائد لعملية تحرير عدن التي نفذتها قوات عربية، إماراتية على وجه التحديد، بإسناد جوي وبحري من التحالف وشعبي من المقاومة الجنوبية.

وقد فشل المخطط «الإخواني» فكان أن صب التنظيم جام غضبه على الإمارات والمقاومة الجنوبية التي تنامى نفوذها كسلطة حقيقية على الأرض في ظل بقاء هادي وحكومته في المنفى بعيداً عن عدن المحررة، العاصمة المؤقتة للبلاد.

وأطلق تنظيم «الإخوان» العنان لناشطيه، وبينهم مسؤولون في الرئاسة والحكومة اليمنية، لتوجيه الإساءات المتكررة لدولة الإمارات العربية المتحدة التي انشغلت قيادتها بتنفيذ المشاريع الخدمية في المناطق المحررة ودعم العمليات الإنسانية في اليمن.

وقد تكررت الإساءات من المسؤولين الحكوميين فيما كانت الرئاسة والحكومة اليمنية تغض الطرف عنهم في ارتهان عجيب ومثير للتساؤل، للتنظيم «الإخواني» وأركانه الموغلة داخل السلطة الشرعية.

وفي إنكار للجميل ندد «إخوان اليمن» بجهود الإمارات في تعزير مظاهر الدولة والأمن في محافظات الجنوب وجزيرة سقطرى، واعتبروا تلك الجهود «احتلالاً»، لكنهم صمتوا عن القوة العسكرية الإماراتية، وبقية التحالف، المرابطة في مأرب، وتحمي منظومتها الصاروخية المدينة الشرقية، التي نزح إليها مئات الآلاف من اليمنيين، من صواريخ ميليشيات الحوثي.

وفي تماهٍ كبير مع الحوثيين، ندد تنظيم «الإخوان»، و«حزب الإصلاح»، بقوات المقاومة المشتركة المدعومة من الإمارات، والتي حررت أجزاء كبيرة من الساحل الغربي ومحافظة الحديدة العام الماضي، واعتبرها ميليشيات متمردة على الدولة، وفي ذات الوقت وصف هذا التنظيم ميليشياته المشكلة حديثاً في تعز بـ«قوات الجيش الوطني».

وفي انتهازية أخرى، سارع تنظيم «الإخوان» ودون أي مسوغ دستوري باستثناء مسودة الحوار الوطني، إلى إعلان محافظات مأرب والجوف والبيضاء إقليماً تحكمه «الإصلاحية» التي رفضت الارتباط مالياً بعدن حتى وقت قصير، لكنه عارض بشدة تشكيل قوات أمنية من الأهالي المحليين في المحافظات الجنوبية واعتبرها «مشاريع انفصالية».

وفيما نجح الجنوبيون، بدعم من التحالف العربي، في تحرير محافظاتهم وتأمينها من الجماعات المتطرفة والإرهابية، والتقدم حتى مشارف الحديدة، لم يحقق تنظيم «الإخوان» أو «حزب الإصلاح»، عبر ألوية الجيش الموالية لهما وتقدر بالعشرات، أي إنجاز عسكري يذكر منذ أكثر من عام في الجبهات الشمالية والشرقية.

وقد أصبحت جبهات القتال التي تقاتل فيها قوات موالية لـ«الإصلاح» مادة للتندر والسخرية بين اليمنيين خاصة جبهتا «نهم وصرواح» القريبتين من صنعاء ولم تحرك القوات ساكناً فيها منذ نهاية 2016.

وبات التواطؤ «الإخواني» مع الحوثيين جلياً لدى كثير من اليمنيين، فعندما أعلن الرئيس الراحل علي صالح، من داخل منزله بصنعاء، انتفاضة شعبية ضد الميليشيات الإيرانية في الثاني من ديسمبر 2017 اتجهت أنظار الشعب اليمني إلى «صرواح ونهم» بانتظار خروج 7 ألوية من الجيش أمر هادي بتحركها وروج إعلام «الإخوان» لوصولها إلى العاصمة خلال 24 ساعة، إلا أن صالح قُتل وحيداً ليحتفي ويشمت «الإصلاحيون» بمصرع «المخلوع».

ومن مظاهر التحالف غير المعلن بين «الإصلاحيين» والحوثيين، توقف القتال بشكل كامل في جبهات صعدة والجوف والبيضاء وحجة مع احتدام المعركة على مشارف الحديدة، وهو ما سمح للحوثيين بسحب أعداد كبيرة من المقاتلين وإرسالهم إلى الساحل الغربي للتصدي للقوات اليمنية المدعومة من الإمارات التي كانت قد اقتحمت مطار الحديدة وتموضعت في الشمال الشرقي على بعد 4 كيلومترات من الميناء.

ولم يقتصر فساد «الإخوان» داخل الحكومة اليمنية على الملف العسكري فقط بل فاحت روائحه حكومياً مع توالي التقارير التي تتحدث عن تعيينات لا حصر لها في المناصب الحكومية والدبلوماسية في وقت يقضي بضرورة تشكيل حكومة مصغرة لإدارة الحرب والمناطق المحررة. ومن أوجه هذا الفساد الحكومي «الإخواني»، تعيين نائب ومستشارين وأكثر من 10 وكلاء غالبيتهم من «حزب الإصلاح» لوزير الإعلام اليمني الذي بات نشاطه مقتصراً على التغريد في تويتر. وجميع رواتب هؤلاء المسؤولين بالدولار وتتفاوت بين 5 و8 آلاف دولار شهرياً، بحسب مراقبين وناشطين يمنيين.

ومؤخراً، كشفت حملة شعبية مناهضة للفساد الحكومي أطلق عليها مسمى «اللهم لا حسد»، عن تعيينات لعشرات من أبناء وأقارب المسؤولين في الحكومة اليمنية في مناصب دبلوماسية ودون أي مؤهلات قانونية. ومعظمهم أقارب وزراء حاليين وسابقين ومسؤولين عسكريين من أعضاء «حزب الإصلاح».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى