وداعًا ناصر البابكري ورفاقه !

كتب: إبراهيم حيدرة

قبل أن يُعيّن ناصر البابكري عضوًا في الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي كان يكدح ويكد في عمله المتواضع في المملكة العربية السعودية قبل أن يغادرها نهائيًا، ورغم كل ظروفه القاسية وانشغالاته في الغربة لكنه لم يتخلىّ عن مناصرة أهله وقضيته منذ  انطلاقة شرارتها، فقد كانت شغلة الشاغل سواءً بكتاباته أو بظهوره الإعلامي عبر وسائل الإعلام المختلفة أو بكل ما يخدمها ويخدم أهدافها..

ومن الغربة أيضًا وتحديدًا أثناء حرب مليشيا الحوثي وعفاش على الجنوب عمل البابكري مسؤولا للرابطة الإعلامية الجنوبية (سما) فرع شبوة، وفي تلك الفترة كانت تصدر عن الرابطة الإعلامية صحيفة (سما نيوز) الأسبوعية وهو ضمن هيئة تحريرها مع كوكبة من الإعلاميين الجنوبيين ويعمل الجميع متطوعين.

وكان الزميل ناصر البابكري يعمل دون أن يشعر أحد بمعاناته ضمن الفريق التطوعي فهو مسؤول الرابطة في شبوة ومتابعة أخبارها، وفوق ذلك كان يعد للصحيفة  حوارًا صحفيًا كل أسبوع  مع شخصيات سياسيّة وعسكريّة على مستوى الجنوب والخليج ويتطرق للمشهد السياسيّ المحلي وقراءة تفاصيل الواقع باسئلة جريئة يطرحها على ضيوفه كل أسبوع..

حينها تعرفت عليه أكثر، ومن خلال تواصلي معه ومساعدته في إعداد وتحرير بعض المواد للصحيفة من شبوة علمت في تلك الفترة أنه يعاني ظروفًا صعبة في الغربة خصوصا وأن والدته كانت مريضة فيتحمل فوق طاقته لتكاليف علاجها ومصاريف أسرته، واستمر يواجه أعباء الحياة دون أن يشعر به أحد،  ولم يظهر لأحد معاناته ولا يكشف عنها إلا إذا اصريت عليه للاستفسار عن سبب غيابه وانشغاله بعض الأحيان.. فتنذهل لهذا الجبل الذي يتحدى الظروف والواقع الصعب ويضحي بوقته ومصالحه في سبيل ما يؤمن به، وتتوارى خجلًا أمام تضحياته وما يقدمه لخدمة قضيته التي جعلها فوق كل الاعتبارات والمصالح الشخصية !!

وعندما تلتقي به شخصيًا؛ تجده مبستمًا بسيطًا متواضعًا، رغم الألم الظاهر على محياه، والمعاناة التي تُظهر تفاصيلها نظراته وملامح وجه الشاحب !!

وهكذا ظل ناصر البابكري يعمل جنديًا مجهولًا في كل ميادين النضال بإصرار وعزيمة لا تلين، وسخّر قلمه لمناصرة وطنه وخدمة أهله على طول وعرض جغرافيا الجنوب، ولم يكن باحثًا عن شهرة أو طامعًا في مكسب شخصي.

وكان البعض ممن يتابع نشاط الزميل ناصر البابكري على وسائل التواصل الاجتماعي أو ظهوره على أي وسيلة اعلامية كانوا يظنون أن أوضاعه على ما يرام، قليلون هم من يعرفون عنه وعن بعض معاناته وكفاحه في الحياة رحمه الله.

اليوم غادر ناصر البابكري من هذه الدنيا الفانية بحادث مروري مؤسف أثناء مرافقته لموكب الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي الأستاذ أحمد حامد لملس في مديرية رضوم بشبوة، غادر ناصر عزيز النفس، نظيف اليد، وافته المنية وهو يلاحق أحلامه وأحلام ملايين الجنوبيين الحالمين بعوده وطنهم ودولتهم كاملة السيادة.

رحمك الله أيها الصديق العزيز، والرجل النبيل، رحمك الله ورحم رفاق دربك القائد حسن الجبواني نائب الدائرة الأمنية بالأمانة العامة للمجلس، والزميل الحبيب عبدالرحمن المحضار عضو الدائرة الاعلامية، الذين قضوا بنفس الحادث الأليم، رحمكم الله جميعًا يا من اوجعنا رحيلكم دون سابق إنذار، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى