حتى لا تستنزف الضالع

كتب: أحمد عقيل باراس

تخوض القوات الجنوبية بمختلف تشكيلاتها منذ فترة ليست بقصيرة حرباً ضروساً مع مليشيات الحوثي في مختلف جبهات الضالع  وإلى اللحظة لم تتوقف هذه الحرب ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى أنها ستتوقف، بل نرى وتيرتها تزداد بين فترة وأخرى فما تكاد تهداء هنا حتى تستعر هناك لتصبح هذه  الحرب بالنسبة لنا اليوم حرب إستنزاف حقيقية إن لم تتنبه لها قيادتنا السياسية والعسكرية و يتنبه لها اولاً قادتنا الميدانيين هناك، فسيكون لها نتائج سلبية ليس على سير هذه المعارك و حسب و إنما على مستوى الجنوب و قضيته بشكل عام أكان على المدى القريب أو حتى البعيد، حيث نخسر في هذه الحرب في كل يوم العشرات من خيره أبطالنا  ومن قادتنا ومن رجالنا ومن شبابنا ونسكب فيها دماء غزيرة  دفاعا عن الجنوب و أهله و ترابه لدرجة إننا كلما كفكفنا دموعنا لفقدان عزيز تنهمر أدمعنا مجدداً  لفقدان أخر. وحتى لانذهب بعيداً فإن هذه الحرب التي نخوضها اليوم في الضالع و بالرغم من فذاحة  الثمن الذي ندفعه فيها و من كبر حجم التضحيات التي نقدمها خلالها الإ أنها تظل حرب لم نختارها أو نصنعها نحن و لم تكن في يوم من الايام بالنسبة لنا خيار أو هدف وإنما فرضت علينا ولا نملك غير خوضها في إطار الدفاع المشروع عن النفس و في إطار إلتزام الجنوبيين لشركائهم في التحالف العربي .

لسنا من دعاة الحروب ولا من طالبيها فنحن أكثر من يعرف مآسيها وأكثر من اكتوى بنارها لذا على الجميع أن يدرك أن هذه الحرب التي تدور رحاها في الضالع والمناطق المحادية لها هي حرب دفاعية إذ تعد خط الدفاع الأول عن الجنوب فلا مطامع البته للجنوبيين في هذه الحرب في أراضي الغير، وليس لديهم الرغبة في الوصول لأكثر من الحد الذي يستطيعون فيه تأمين حدودهم و تحقيق الأمن و الاستقرار لمناطقهم و لشعبهم ولو وجدوا قوى تستطيع تحقيق لهم هذا الهدف، لتوقفوا عن خوضها فليس من مصلحه الجنوبيين ذوي المخزون البشري المحدود كل هذا النزيف البشري الذي يخسرونه هناك، فمنذو سيرة الجنوبيين الأولى في محاولاتهم المستمره استعاده دولتهم التي  بدؤها بمحاولة الانفصال العام ١٩٩٤م، من القرن الماضي وحتى هذه الحرب الأخيرة التي يخوضونها اليوم، مروراً باحتجاجاتهم وفيما بعد بحراكهم السلمي الذي خاضوه طوال تلك السنوات الماضيه، فإن أقصى مايطمح إليه الجنوبيين ويسعون إلى تحقيقه هو بسط سيطرتهم على أراضيهم التي تقع ضمن حدود  دولتهم المعترف بها قبل العام ١٩٩٠م فقط . لا ينظرون لأراضي تعز أو صنعاء أو عمران أو  أب أو الجوف أو صعده ولا إلى ثروات مأرب و لا إلى موأني الحديدة و لا ينظرون حتى إلى المناطق التي تقع على مرمى حجر من حدودهم و لا يعنيهم من يحكم الشمال فهذا شأن أبنائه تماماً مثلما هو حكم الجنوب، كذلك من شأن أبنائه ويدرك الجنوبيين أكثر من غيرهم أنهم لا هم و لا حتى قوات التحالف يستطيعون أن يكونوا بديلاً عن الأخرين من أصحاب الأرض أو القتال بالنيابه عنهم فلم يفلح في ذلك المصريين، وفيهم جمال عبدالناصر من قبلهم ولن تفلح اليوم أي قوة مهما بلغ حجمها، أن تحل محل أصحاب الأرض أو تقاتل بدلاً عنهم .

وإذا كنا كذلك ولم تكن لدينا أطماع في الشمال ولا نرغب في استغلال الظروف وخلق واقع جديد فإن على كل قوى الشمال من حوثيين و إصلاحيين أن يدركوا أن مسألة إخضاعنا لحكمهم مرة أخرى باتت وهم من أوهام الماضي فالجنوبيين وأن أختلفو لن يقبلوا بأن يخيروا بين السيد أو محسن  و حتى أن حدث وخاضت أيٍ من هذه القوى سوى تلك التي في الشمال أو حتى التي في الجنوب  حرباً من هذا النوع وحققت خرقاً أو انتصارات هنا أو هناك أيٍ في أرض الأخر فأنها لن تعدوا عن كونها مغامرات غير محسوبه العواقب وسيكون هذا النصر إذا ماتحقق نصراً مؤقتاً لن يكتب له النجاح أو الاستمرارية في المستقبل و سيكون له نتائج كارثية على المنطقة و سيزيد من  حجم المعاناة الإنسانية في اليمن و التي تحاول معظم القوى الكبرى والمنظمات الدولية تجنبه ومنع حدوثه في اليمن .

وختاماً نقولها أنه أن الآوان لأن نحافظ على كل قطره دم و نتجنب أراقه المزيد من الدماء، وذلك بايلا مساله التدريب والتنظيم عنايه أكبر و أهميه قصوئ و الأ نُبدد قوتنا في معارك خاسرة و نتمنى من قادتنا الميدانيين هناك أن يضعوا الخطط المناسبة التي تجعلنا نحتفظ بقوتنا  وألا تستنزف في الضالع قبل الوصول للمعركه الفاصله في الجنوب، والتي سيتحتم علينا خوضها عاجلاً أم إجلاً. فإستنزاف الضالع إستنزاف للجنوب و لمشروعه في التحرير و الاستقلال و إستعاده الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى