الإخوان.. “خلايا سرطانية” تهدد أمن الدول العربية

يبقى البُعد الأهم فيما كشفته “خلية الإخوان” بالكويت في المنهجية العابرة للدول الوطنية التي تربط خلايا التنظيم الدولي للإخوان كأفراد وكجماعات بينها البين

 وإن كان الكشف عن الخلية جاء بجهد أمني فأن الأجدر الوقوف عند الحادثة من زاويتها الأكثر أهمية بما توفره خلايا التنظيم من ملاذات آمنة وكذلك ممرات لتوفير الطرق والدهاليز الضيقة ليحصل أفراد الخلايا الإخوانية على القدر الممكن من التأمين ومن ثم توفير المساحات للخلايا وإحداث الفوضى والتخريب.

وفيما تفاجأ الشارع الكويتي بإيواء الخلية الإخوانية وكذلك المئات غيرهم الذين استطاعوا الخروج من الكويت قبل إلقاء القبض عليهم، فأن ذلك يستدعي اهتماماً حقيقياً باستئصال السرطان الإخواني، كونه يعد تهديدا حقيقيا لكيانات الدول الوطنية التي اهتز جزء منها بعد ما يسمى (الربيع العربي) نتيجة تغول هذه الخلايا في المؤسسات الوطنية.

العقيدة السرية

والعقيدة الإيديولوجية الجامعة للإخوان المسلمين جاءت من نشأتها على يد مؤسسها حسن البنا عام 1928 وتنطلق من (القَسم) بالولاء للمرشد العام للجماعة.

ومع اليمين المُغلظ ينتهي أي انتماء للوطن ويبقى الولاء المطلق للمرشد العام.

ومن هذه العقيدة، تتحرك الجماعة عبر أفرادها ومكوناتها بخلايا سرية تتسرب في المؤسسات والنشاطات الاجتماعية وتختلف المهام لكل خلية عن الأخرى، وعادة لا يكون ثمة ضرورة للارتباط بين الخلايا المتعددة فالجامع هو العقيدة الموالية لرأس التنظيم.

والعمل السري الذي يتحرك فيه أفراد التنظيم يمثل الجزء الأهم في منظومة الحركة واتساقها.

فالأفراد الموالون للتنظيم يوفرون أكثر من مجرد غطاء لرفاقهم، وحجم التغول يمكنهم من سن القوانين والتشريعات لمصلحة الجماعة.

ولعل ما تم كشفه بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 من تحقيقات تتعلق بتمويل تنظيم القاعدة مالياً، أكد خطورة تواجد الإخوان في المؤسسات التشريعية والاقتصادية.

وتأكد ذلك من خلال استغلال أفراد وكيانات التنظيم الثغرات في القوانين الأميركية، بحسب ما أفصحت عنه الولايات المتحدة في 2019.

خديعة الحرباء

وعلى مدار تسعة عقود، امتلك الإخوان قدرة ذاتية على التكيف مع قوانين الوطنية.

وعلى رغم المواجهة المبكرة في مصر بعد ثورة 1952 ونشوء الدولة الوطنية المصرية، فإن الصراع الأول بين أفكار التنظيم ورغباته لم تتوقف برغم صرامة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في التعامل معهم.

والتكيف والتلون مع طبيعة الظروف يمكن النظر إليه اليوم في النماذج المعاصرة من حركة حماس في فلسطين، وحزب النهضة في تونس، وحزب التجمع اليمني للإصلاح في اليمن، وغيرها من الكيانات السياسية الموزعة في الوطن العربي، وإن كان حزب العدالة والتنمية في تركيا يعد تجربة أكثر تجريداً ووضوحاً وقدرة في التعامل (البراغماتي) مع النظام العلماني التركي.

اختراق أوروبا

وبعد هجمات سبتمبر 2001، برزت قيادات تنظيم الإخوان خارج العالم العربي، وكان ظهورهم اللافت في العاصمة البريطانية لندن.

فلقد أظهرت التحقيقات عن امتلاك الإخوان لمئات المؤسسات التجارية والإعلامية في بريطانيا والعديد من الدول الأوروبية.

ويضاف إلى ذلك سيطرتهم على معظم الجمعيات الخيرية والدعوية وكذلك المستشفيات والمدارس التي تعمل كمؤسسات مدنية في ظاهرها بينما يتم تمرير الأموال من خلالها.

وتقدر حجم الاستثمارات المالية للكيانات التابعة للإخوان في بريطانيا وحدها ما بين 8 إلى 10 مليار دولار.

وهذه الاستثمارات توفر الآلاف من فرص العمل للبريطانيين، وفي موازاة ذلك ينشط التنظيم في الحصول على الجنسية لقياداته كملاذ آمن.

كما ينجح التنظيم في توفير الإقامة النظامية للعديد من أعضائه وكوادره التي تنشط في مختلف القطاعات الاقتصادية والإعلامية.

قطر والإخوان .. حِلف الشيطان

أيهما استخدم الآخر.. النظام القطري أم الإخوان؟، تساؤل مازال حائراً في علاقة الطرفين منذ انقلاب الأمير السابق حمد بن خليفه على والده عام 1995، لكن المؤكد أن الطرفين استفادا من بعضهما,

فقد نجح الإخوان من اختراق المؤسسات السياسية العربية الدولية عبر النظام القطري، بينما حقق حكام الدوحة رغباتهم التخريبية ونشر الفوضى عبر الإخوان.

ووفرت قطر غطاءً عابراً لتنظيم الإخوان الذي بدوره وصل إلى السلطة في مصر ومد يده مباشرة نحو إيران، ومنح تركيا طريقاً واسعة للتأثير في مسارات دول عربيةعدة.

وبموازاة ذلك، تسيطر قيادات إخوانية على المؤسسات القطرية بعد حصول يوسف القرضاوي على الجنسية وتحويل قطر كملاذ آمن للقيادات المتورطة في بلدانها.

استئصال السرطان

وتكشف عملية خروج 300 مطلوب إخواني من الكويت أهمية التعامل مع التنظيم الداعم للإرهاب عبر سلسلة تشريعات قانونية تحظر نشاطاته وتعمل على ملاحقة أفراده.

وتعد الخلايا السرية التي تنشطت عبر الدول وتخترق كياناتها خطرا داهما يمكن أن يؤدي إلى انهيار هذه المؤسسات.

وخطورة التنظيم تظل في قدرة أفراده في تكسير القواعد الوطنية لحساب إقامة المشاريع الموازية الراغبة في السلطة عبر أسلمة الأوطان وتفريغها من قيمها الجامعة القادرة على احتضان مختلف المكونات الاجتماعية  بما يحقق مبادئ التعايش، لذلك فإن الدول العربية أمام خيارين: الدولة أو الفوضى!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى