30 يونيو.. سقوط الإخوان والإرهاب

كتب ـ جلال عارف

يوماً بعد يوم تتأكد حقيقة هذا اليوم العظيم الذي عشناه قبل ست سنوات باعتباره اليوم الأهم في نضالنا ونضال العالم كله ضد الإرهاب.

حين خرج ثلاثون مليون مصري في الثلاثين من يونيو إلى ميادين القاهرة وباقي المدن، كانوا يفهمون جيداً أنهم لا يواجهون حكم الإخوان الفاشي وحده.

وإنما يواجهون معه كل عصابات الإرهاب التي خرجت جميعاً من فكر الإخوان التكفيري، ويواجهون أيضاً كل القوى الخارجية التي راهنت على الحكم الفاشي وتصورت أن سيطرته على حكم مصر تفتح الباب أمام سقوط باقي الدول العربية في قبضته.. أو – على الأصح – في قبضة اللاعبين الرئيسيين الذين استخدموا هذه الجماعات الإرهابية لتكون أدواتهم لتنفيذ مخططاتهم للمنطقة على أشلاء دولها

قبل أيام من 30 يونيو، كانت قيادات العصابات الإرهابية تتجمع حول الرئيس الإخواني في مشهد لا ينسى يقول إن مصر – مع هؤلاء – في طريقها لأشد عصور القرون الوسطى ظلاماً وتخلفاً (!!) وكانت آثار عام من حكم الإخوان قد أفرزت مشهداً صعب التصديق من شعب ثار في 25 يناير ليقيم دولة العدالة والحرية، فإذا بالثورة يتم اختطافها من عصابة الإخوان وإذا بالدولة تسقط في قبضتهم «أو هكذا تخيلوا!!»

كانوا يتصرفون على أنهم سيحكمون مصر و«الوطن العربي» لخمسمائة عام مقبلة، كما قال مهندس الجماعة خيرت الشاطر (!!) وكان هناك بالفعل ما يغذي هذه الأوهام.. تنظيمهم الإرهابي يتغلغل في مؤسسات الدولة، الدعم المالي متوفر من دول وجماعات ربطت مصيرها بمصير الجماعة، والدعم السياسي توفره قوى كبرى تراهن عليهم، والقوى الإقليمية إلى جانبهم رغم خلافاتها الظاهرية.

تركيا شريكة لهم في مشروع إحياء الخلافة، والحرس الثوري الإيراني ينقل خبراته إلى الجماعة.

كانت الخلايا الحية في مصر تنبض بالرفض لكل ذلك، لم يكن ممكناً أن تنسى مصر تاريخها أو أن تبيع حاضرها ومستقبلها لهذا الإرهاب الأسود، لم يكن ممكناً لصانعة الحضارة أن تقبل السقوط في قبضة التخلف وحكم الميليشيات.

وكانت الخلايا الحية في مصر تنبض بوعي كامل أن الوحدة الوطنية هي قدس الأقداس الذي حمي مصر على مدى العصور، والذي جعل من شعبها سبيكة واحدة تجسد كل معاني الإخاء والمحبة والشراكة في وطن كانت دماء شهدائه على الدوام لا تعرف الفارق بين مسلم وقبطي.

كان ما حدث في 30 يونيو إعجازاً حقيقياً، كان الإخوان يتوقعون ألا يزيد عدد المتظاهرين ضدهم عن بضعة آلاف، فإذا بميادين مصر تمتلئ بثلاثين مليون مصري يطلبون سقوط حكم المرشد، وكان الإخوان يتوهمون أن جيش مصر يمكن أن يتأخر عن الانحياز لثورة الشعب لحظة واحدة، وكان الإخوان يراهنون على أن دعم قوى كبرى وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية السابقة ومعها التوابع والعملاء في المنطقة سوف يمنع تحرك مصر لإسقاطهم وسوف يردع هذا التحرك إذا حدث.

ولم يدرك الإخوان أن سقوطهم حتمي لأنهم لم يعرفوا مصر إلا بعيونهم التي لا ترى الوطن ولا تعرف إلا طريق الإرهاب والجهالة التي تتاجر بالدين.

كانت مصر تعرف أن المعركة لن تكون سهلة، وأنها لن تنتهي بسقوط حكم الفاشية الإخوانية، ولكنها كانت تؤمن أنها قضية حياة أو موت بالنسبة لها، وكانت تعرف أن وحدتها الوطنية ستظل سياجاً يحميها، وأن الشعوب العربية ستكون معها، وأن وقوف الأشقاء في الإمارات والسعودية معها بكل إمكانياتهم سوف يكون حاسماً في مواجهة إرهاب لن يستسلم بسهولة، وفي وجه عالم لم يكن يدرك الحقائق في وقتها، أو كان يدعم الإخوان ويراهن عليهم!!

الآن، وبعد هذه السنوات، ندرك أكثر وأكثر قيمة ما تحقق في 30 يونيو حين استعادت مصر نفسها من قبضة الإخوان وأسقطت حكم الفاشي، وحين سقط معهم مخطط إخضاع المنطقة العربية للفاشية الدينية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى