حقيقة الصراع في اليمن والجنوب.. تفنيد وجهة نظر إخوانية

كتب ـ صالح أبو عوذل

كتب قيادي في ائتلاف يدعي تبعيته للحكومة الشرعية، عن ما اسماه بحقيقة الصراع في الجنوب، زاعما ان لم يدع اي حزب شمالي انه الممثل الوحيد للمحافظات اليمنية الشمالية خلال ستة عقود من الزمن بما فيهم عفاش الذي يعد عهده أطول عهود حكم الثورة”؛ وللأمانة استغرب نخب سياسية تمثل تيارات سياسية تدعي انها تقف في صف شرعية الرئيس الانتقالي الجنوبي عبدربه منصور هادي.

لم يدر  الكاتب سعيد النخعي وهو كما قيل لي “يعد من وجوه الإخوان الشابة”، التي لها احترامها في اوساط الحزب والمجتمع – ان الكذب ليس وسيلة لخداع الناس وتزييف عقولهم، فالمعروف عن الشمال “المملكة المتوكلية، والتي عرفت لاحقا بالجمهورية العربية اليمنية، ليس فيها احزاب وطنية بمعنى الوطنية، بل هي احزاب صنعت لتجميل وجه الملكية الجديد الذي حاول الزعيم العربي الخالد جمال عبدالناصر الباسه لباس النظام الجمهوري الا ان الحلم الجمهوري لم يتحقق، فمن زعم انهم جمهوريون في النهار كانوا في المساء يقاتلون في صف الملكية، لولا بسالة الجيش المصري ورجال الجنوب الذي شاركوا في فك الحصار عن صنعاء، لما عرفت صنعاء أسم اليمن، ولظل أسمها “المملكة المتوكلية”، إلى اليوم.

تحدث الأخ سعيد عن الحزبية “والجميع يعرف وباعتراف زعيم حزب المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح، ان تنظيم الإخوان المشكل من العائدين من أفغانستان، صنع خصيصا لضرب الحزب الاشتراكي اليمني -الذي كان يحكم الجنوب- بدعوى ان قادته ماركسيين وشوعيين، نسبة الى المؤسس عبدالفتاح اسماعيل، الذي ينتمي سلاليا الى الهضبة الزيدية التي ترى ان الحكم ملكا لها وحدها دون غيرها.

عن اي احزاب شمالية تتحدث، وتنظيم الإخوان في اليمن، يعد ملكا لأسرة آل الأحمر، بل ان صالح ذاته اعتبره هدية للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، قبل ان يقول صالح لاحقا “انا دعمت الإخوان لمواجهة الجنوب”.

بل ان “صالح” يعتبر “الإصلاح اليمني”، أحد ادواته التي واجه بها الجنوب، فهو الحزب الذي حشد “اليمن الشمالي، قبائل وإرهابيين في صف المنقلبين على الوحدة اليمنية”، وما فتاوى الديلمي والزنداني الا ابسط دليل على انه لم يكن حزبا وطنيا، بل كان اداة قبيحة بررت الاجتياح وقتل الناس ونهب حقوقهم بدعوى أنهم ماركسيون واشتراكيون كفرة، وهي الفتاوى التي لا يجرؤ سعيد ولا غير سعيد من الاخوان في الجنوب ان يشيروا إليها، بل انهم ينفون على استحياء تلك الفتوى التي كررها الزنداني قبل نحو عام بفتوى مشابهة وصف ابناء يافع بأنهم كفرة لا يصلون وان نتيجة لكفرهم لم يسقط المطر في ارضهم.

بل ان الزنداني قال متبجحا في تسجيل مرئي لا يزال الى اليوم ويمكن للأخ سعيد اطلع عليه “قالوا لي في وادي يهر ادع لنا ربك ينزل المطر، بعد ان شكو لي من الجفاف”.

واردف الزنداني بكل بجاحة قائلا “قال لي أحدهم لو نزل المطر سوف اصلي”؛ اي قبح سياسي يستخدم فيه الدين لتشويه المسلمين.

زعم الكاتب ان رغم تخلف الأنظمة في الشمال – يقصد الملكية وجمهورية الملكية – منفتحة على الأحزاب، والرموز الدينية والاجتماعية حتى في أشد مراحل اختلافها مع معارضيها ظل خلافهم سياسيًا ولم يجرؤا أحد على إدعاء الوصاية على الشعب أو مصادرة وطنية الخصم، وأن وجدت بعض المعارك الإعلامية إلا أنها تظل في حيز الخلاف السياسي، واختلاف وجهات النظر، كما يظل كل حزب في خندقه السياسي، ولا يذهب للتخندق  المناطقي حتى في أشد مراحل ضعفه” .انتهى  الاقتباس.

بعيدا ان حزب الإخوان الحزب اليمني الثاني في الجمهورية والمليكة، الا انني احب اذكر الكاتب بان زعيم اخوان اليمن، ضابط جهاز المخابرات في نظام صالح، متورط في اخفاء واعدام سياسيين يمنيين ينتمون الى مدينة تعز “الشافعية”، والتي ينظر اليها الزيود الى الساعة بدونية.

هل تسمي الاقتتال فيما عرف بالمناطق الوسطى ومقتل ربع مليون يمني “صراع اعلامي”، هل سحل وقتل اليمنيين في تعز  وإب، اختلاف في وجهات النظر وتراشق اعلامي، ما هذا  الكلام.

هل تستطيع ان تنكر وجود تخندق زيدي ضد الشافعية في شمال اليمن او اليمن الشمالية الى اليوم.

اذا كنت تنكر ذلك، فان ما يقوم به الحوثيون اليوم لأبسط دليل على ان ما هو حاصل في الشمال، هي في الاساس حرب طائفية عرقية قائمة على اساس ان في سلالية “اسمها الزيدية”، تريد تحكم اليمن كله بالحديد والنار بما في ذلك الجنوب الذي تخلص من هذه السلالة والى الأبد.

يتساءل الكاتب قائلا “انظر كيف يديرون خلافهم السياسي اليوم، كل طرف منهم يحاول انتزاع الحكم  لصالحه لكنه لا يحاول انتزاع روح خصمه، واستئصال شئفته، لأنهم يدركون مخاطر الصراع الاجتماعي”؛ ماذا تقول يا رجل، هل مات زعيم حزب المؤتمر الشعبي العام وحارس الجمهورية كما يطلق عليه في صنعاء، بسكتة قلبية، ام انتحر بتناوله جرعة من السم القاتل.

هل تشريد السلفيين من تعز وقتلهم وتهجيرهم، وقتل كل من يشك في امره انه “سلفي”، وهل احراق المنازل ونهب الممتلكات، يندرج في اطار الخلاف السياسي، هل اعمال القتل والتنكيل التي قام بها الحشد الشعبي في تعز، يندرج في سياق محاولة الإخوان انتزاع الحكم دون انتزاع روح الخصوم، فماذا عن المئات من المدنيين الذين سقطوا بين قتل وجريح.

لماذا تصرون على اعادة احياء صراعات الماضي في الجنوب، في حين ان الصراع الحقيقي وهو بين مشروعين لا ثالث لهما، مشروع الاستقلال والذي ينشده الغالبية العظمى من الشعب وبين مشروع تمثله بعض الاحزاب السياسية المتطرفة والتي سبق لها واخرجت هذا الشعب من الاسلام وجردته من هويته العربية والاسلامية.

لماذا تصرون على الدفع بالجنوب نحو الصراع المناطقي، وانتم جزء من هذا الشعب ومن هذه الأمة، لماذا؟ هل تعتقدون ان تحقيق مشاريع الشمال بضرورة اقحام الجنوب في صراع مناطقي، هل تريدون تكرار تجربة الجوفي والشرجبي وغيره.

في الفقرة الثانية من مقالة سعيد النخعي، أكد فيه الهدف الذي أسس من أجله ائتلاف الشرعية او ما يعرف بالائتلاف الوطني وهو ليس له من الوطنية في شيء، فقد دأبت قيادات الائتلاف على التلويح بنبش الماضي الأليم في الجنوب، بل أنها تعلم ليل نهار على نبش الصراعات في محاولة لتتويه الناس واشغالهم عن التركيز في عملهم الوطني الرامي نحو الانعتاق من الاحتلال اليمني بشتى صنوفه.

لا ننكر وجود صراع في الجنوب من سابق وهذا يحدث في اي بلد، بل ان الصراع في الجنوب له اسبابه واطرافه التي هربت الى الجنوب بدعوى مقارعة النظام المستبد شمالا لنجدها تفجر صراعا في الجنوب، يهدد قادة ائتلاف الشرعية بإعادة نبشه، بل وجعل ذلك هدفا استراتيجيا للائتلاف الذي يدعي تبعيته لحكومة هادي.

يجتهد المنتمين الى تنظيم الإخوان وكل تنظيم سياسي وحزبي يمني فيالحديث عن وجود جنوب مقسم بين سلطان ومشخيات، فأنا

أفرزت هذه الحقبة تراكمات خطيرة على المجتمع؛بدأت حين لم يستوعب الحكام الجدد الخصوصية الاجتماعية والسياسية التي كانت سائدة قبل الثورة،فصهروا (٢٣) كيانًا مابين سلطنة ومشيخة وولاية بالإضافة إلى حضرموت والمهرة ومستعمرة عدن،كانت كلها تعيش في وضع أشبه بالحكم الذات،فقامت بصهرها في بوتقة واحدة،فلا طوروا هذه النماذج ونقلوها من حالة الجمود والبدائية إلى طور الدولة الحديثة ،ولا تركوا لها هامشًا للتعبَّر عن نفسها.

خلق  هذا الصهر القسري حالة من الاصطفاف المناطقي في النظام الواحد،عند شعور أي مكون اجتماعي،أو جهوي بالأقصى والتهميش سوى على مستوى هرم الحكم،أو في إطارات التقسيم الاداري للمحافظة الواحدة.

لذا ظل الجنوب طوال عهد الثورة بيئة طاردة للعمل الحزبي على أسس مدنية، تقوم على قاعدة المصالح، فلماذا تتحدثون عن اليمن واعادة تحقيق الوحدة وانتم تقولون وبكل قواكم العقلية ان الجنوب لم يكن موحدا تاريخيا، فلماذا اصبح الجنوب يمنيا في حين انه لم يكن حتى جنوبا واحدا كما تزعمون.

يحاول الكاتب ايجاد مبررات لحديثه بأن الصراع في الجنوب كان صراعا مناطقيا، قائلا “الدليل على ذلك تجربة الحزب الإشتراكي التي كان المفترض أنها فكرة أممية عابرة لحدود الجغرافيا والدين واللغة، ومع ذلك كان خلافهم خلافا مناطقيا، ولم يكن خلافًا ايدلوجيًا، أو لتباين في وجهات النظر حول طريقة الحكم وأن حاولوا التبرير بمثل هذه الأسباب”؛ اذا كان صراعا مناطقيا فأننا سوف نعتبر عبدالفتاح اسماعيل من لحج ومحسن الشرجبي من أبين، ام ان الاثنين من لحج أو أبين.

اذا افترضنا ان حرب 1986م، كانت صراعا مناطقيا، فلماذا اعدم الرئيس سالمين، هل لأنه ينتمي لأبين، ام لأن الاتحاد السوفيتي كان غير راضي عن علاقته بالجيران في السعودية والخليج.

اذا كانت عملية اعدام الرئيس سالمين على اساس مناطقي، فأن ذلك يدعونا الى اعتبار ان “الاتحاد السوفيتي” قرية من قرى يافع، او حارة من حارات الحوطة بلحج.

يقول الكاتب انه في الجنوب “ظلت نزعة الأنا المناطقي هي المسيطرة على التفكير السياسي عند كل التيارات في الجنوب”، اذا كان كلاما صحيحا وان الضالع التي تشير إليها بانها تريد الحكم، قل لي كيف وصل واحد مثل عبدالفتاح اسماعيل من قرى في اقصى الجوف الشمالية الزيدية الى “هرم السلطة والحكم في الجنوب”.

سعيد النخعي يكتب ضمن رؤية “الائتلاف الوطني اليمني”، والمتمثلة في “التلويح بإثارة صراعات الماضي في الجنوب” في حال لم القبول بتيار سياسي لا يزال يرفض الحوار مع الجنوبيين، وينكر بكل بجاحة فتاوى التكفير الشهيرة، مع ان شيوخه يكرروها إلى اليوم.

أشترط لتوقف عن ذلك هو القبول بائتلاف سياسي “90 % من قياداته ينتمون الى حزب الإصلاح”، لكنه يقول “إن الخروج من هذه الشرنقة يبدأ بالاعتراف بخصوصيات كل مكون ، وعدم القفز عليها تحت أي مبرر، فالتعامل مع الواقع كما هو خير من التبرير للخروج عليها تحت أي ذريعة”.

كيف لك ان تعمل على تجييش صراعات الماضي واعادة احياء جولات الصرعات التي دفع الجنوب ثمنا كبيرا فيها، وتطالب ان نتعامل مع واقع انت ترفض هذا الواقع وتشترط ازاحة من فرضوه بتضحيات كبيرة ضد قوات الغزو؟ كيف لك ان تريد الأخرين يقبلوك وان تهددهم بصراعات الماضي وتحملهم وزر جرائم قادة الحزب الاشتراكي الجنوبي، كيف لك ان تريد نقبلك في ثوب الائتلاف بدعوى انه تابع للحكومة الشرعية وجميع قياداته من تنظيم الإخوان الذي كفر الجنوبيين واخرجهم من ملة الاسلام.

هل تجرؤ انت كعضو قيادي في ائتلاف الشرعية ان “تطالب الإخوان كنتظيم سياسي، بإلغاء فتوى عبدالوهاب الديلمي”، انتبه تكذب وتقول انها لم تصدر من عبدالوهاب الديلمي فتوى، فالجميع يؤكد تلك الفتوى، فأرشيف صحف وقنوات اليمن والاقليمي شاهدة، وادانات شيوخ الأزهر تدينها وتؤكد انها فتوى باطلة.. فاذا استطيعت ان تدين تلك الفتوى وتطالب بإلغاء كل ما ورد فيها من تكفير واجازة نهب ممتلكات الناس بدعوى انها غنائم حرب او املاك “ناس غير مسلمين”، عندها سوف اقف معك وفي صفك للمطالبة بحق ليس في الشراكة ولكن ايضا في ان تكون حاكما.

الطريف في تنظيم الإخوان انهم اذكياء جدا، يفرخون مكونات “نهضة واصلاح وائتلاف وجمعيات، وينتشروا في كل مكان، ثم يقول لك تعال معنا وكن في صفنا واي احد يريد يتقرص يصبح شاقي معهم بالأجر الفصلي والسنوي “قليل من القمح والدقيق وعلب الفاصوليا والفول”.

يقول النخعي بعد قبول تيارات الإخوان في الجنوب، اقتباسا  “ثم الانطلاق للخطوة التي تليها وهي تجميع هذه الفسيفساء الاجتماعية في مكونات مدنية تنطلق من الخاص إلى العام وليس العكس؛ فيُعطي كل مكون اجتماعي،أو منطقة إدارة شؤونها بنفسها تحت سقف هرم جامع يقوم على أساس التمثيل النسبي، وتمارس نشاطها السياسي وفقا لتحالفات سياسية مدنية على أساس المصلحة والمنفعة العقلانية،وليس على أسس العاطفة الانفعالية”.

وعند غياب الحجة في مشروع الانتشار والاقصاء، يذهب الاخوان الى تقليف ذلك بالدين، ويدفع مجبرا الى نسيان كل ما يخطط له في التهامك ورمي خارج الجغرافيا الوطنية، وأخر دليل ما حصل في تعز التي هجر فيها السلفيون بسبب انهم سلفيون لا يتبعون الإخوان.

يقول الكاتب “النبي عليه الصلاة والسلام قَدَمَ إلى بيئة قبلية  كان الصراع لايزال مسيطرا على أفراد هذه البيئة، فبدأ  برابط المصلحة والمنفعة، فأخى بين المهاجرين والأنصار فانتقل بهم من دائرة التأثير المعنوي(العقيدة)  إلى واقع التأثير(المادي) المصلحة”، ويستدل على ما قام به النبي (ص)، بحديث نسبه  لفيلسوف واقتصادي وصحفي واشتراكي ثوري، “ألماني الاصل، قائلا “فالمادة كما يقول كارل ماركس وراء كل صراعات التاريخ”.

فالذي يهددنا بصراعات الماضي، ختم حديثه بضرورة التعايش قائلا “لذا نجد شعوبًا يناهز تعدادها المليار فيها أديان مختلفة،وعرقيات متعددة ،ومذاهب متعددة أيضا جمعتها المصالح ؛فحققت السلم الاجتماعي،والتطور الاقتصادي، وعاش الإنسان في كنف هذه المجتمعات محفوظ الحقوق مصان والكرامة”، وهنا أقول للأخ سعيد عيد قراءة ادبيات واهداف الائتلاف الوطني، فهنا تستطيع ان تقنعني ان من اهداف الائتلاف الذي تتحدث بأسمه عن الشراكة والتعايش، هات لي فقرة في مشروع الائتلاف تتحدث عن ضرورة التعايش ونبض النزعات الدينية والطائفية والمناطقية.

هل يحض الائتلاف على وجوب الحوار مع مختلف القوى الوطنية ام يطالب بحق القوات العسكرية التي  استطاعت تحقيق الأمن والاستقرار في كل ربوع الجنوب الذين كان مصدرا لاخبار التفجيرات والاعمال الارهابية..

وشكرا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى