حزب الإصلاح .. ذراع قطر ولسان اردوغان (3 من 3)

كتب| هاني سالم مسهور

حركت الأزمة القطرية ملفات ذات حساسية بالغة في الشرق الأوسط، فلقد أبرم القطريون معاهدات عسكرية مع الإيرانيين والاتراك، ولعل الجانب التركي الذي كان قد طرد من جزيرة العرب في القرن العشرين عاد من خلال القاعدة العسكرية التركية في قطر، وأظهرت تركيا حماساً واضحاً تجاه التواجد في اليمن عسكرياً وتحديداً في الساحل الغربي من البحر الأحمر.

وكشفت تحركات ومواقف حزب الإصلاح مع بداية دعم دولة الإمارات للعملية العسكرية في الساحل الغربي أن هناك استراتيجية مشتركة بين قطر وتركيا وإيران بالحيلولة دون أن تحرر ألوية العمالقة الجنوبية مدينة الحديدة، فلقد شكلت معركة تحرير قاعدة خالد بن الوليد بالقرب من تعز منعطفاً تعاطى معه حزب الإصلاح بتصعيد غير مسبوق في تعز التي شهدت للمرة الأولى حشود موالية لحزب الإصلاح تطالب التحالف العربي بالخروج من اليمن بينما كان المتوقع أن تتحرك القوات العسكرية في تعز لإسناد العمليات العسكرية وتفتح الممرات لدخول المساعدات الإنسانية وكسر حصار الحوثيين لمدينة تعز بينما ما حدث كان خلاف ذلك تماماً.

على الرغم من أن التدخل التركي في تعز أصبح لافتاً للنظر، فإنه لم يكن جديداً، إذ أن المدارس التركية في اليمن، وتعز على وجه الخصوص، عملت ومنذ فترة ما قبل الحرب على استقطاب الطلاب المتميزين، من خلال إعطائهم منحاً تعليمية، إلى تركيا، وفي أثناء الحرب عاد الطلاب ليحصلوا على رتب عسكرية بعد أن تلقوا تدريبات في تركيا، ويعمل حزب الإصلاح في مناطق نفوذه على تهيئة الأرض للتواجد التركي وهو ما دفع بالحزب لمهاجمة التحالف العربي كلما اشتد الخناق على الحوثيين في الحديدة وتسليم العميد طارق صالح مسؤولية قطاعات عسكرية قرب محافظة تعز لمساندة العمليات العسكرية في الساحل الغربي.

موقع مدينة الحديدة يعتبر هدفاً استراتيجياً للأتراك الذين يشعرون أن تواجدهم في اليمن بات مستحيلاً على امتداد البحر العربي وأن مدينة عدن دخلت في حسابات معقدة للغاية خاصة بعد أن تمكن الجنوبيون من فرض اجندتهم عليها وأن ظل الصراع عليها قائماً لكن احتمالات السيطرة عليها في حكم العسير، لذلك لم يبقَ خيار سوى الحديدة التي بدورها مازالت تحت دائرة الصراع الإقليمي غير ان تحالف الضرورة الذي بات وشيكاً بين الحوثيين وحزب الإصلاح قد يشكل واقعاً سيفرض نفسه على المشهد.

تمسك قطر بخيوط في اليمن لا يمكن إنكارها ومن الخطأ تجاهلها، فالحوثيون المدعومون من إيران يجدون لدى الدوحة مجالاً للحركة السياسية، كذلك تمتلك قطر نفوذاً هائلاً عند التجمع اليمني للإصلاح ، الحوثيون وحزب الإصلاح لديهما من التقاطعات ما يمنح النظام القطري الفرصة المواتية لعقد التحالفات التي تؤمن الجغرافية الشمالية لصالح القوى الإقليمية الموالية لقطر وهما إيران وتركيا، كما تمتلك قطر ورقة فادي باعوم وهي الأضعف في الجنوب لعدم امتلاكها رصيداً شعبياً ولغيابها عن توازن القوى الذي فرضه المجلس الانتقالي على المحافظات الجنوبية من إعلان عدن التاريخي (مايو 2017م).

كل هذا الاشتباك الدائر تجد فيه قطر نفسها لاعباً في المشهد اليمني سياسياً وكذلك عسكرياً بحكم ما يمتلكه الحوثيون وحزب الإصلاح من أسلحة وذخائر وكذلك جنود منتشرون في المحافظات الشمالية، وهذا يقود إلى ما يمكن قراءته في مستقبل اليمن الذي سيكون خاضعاً لمحاصصة سياسية قائمة على تحالفات راديكالية تتلاقى في عدائها المشترك للمشروع القومي العربي وتنحاز للقوى الإقليمية المعادية تركيا وإيران.

ما يدفع للخشية هي أن هذه التحالفات مع ما تشكله التنظيمات الإرهابية المنتشرة في اليمن نذير خطر داهم على كامل شبة الجزيرة العربية من خلال استخدام المتطرفين لزعزعة أمن واستقرار المنطقة في ظل استحكام الراديكاليين الحوثيين والإخوان على مفاصل السياسة اليمنية، ولذلك لا يمكن بناء قراءة آمنة لمستقبل اليمن في ظل قوة هذه الأذرع المرتبطة بالقوى الإقليمية التي تريد أن تتخذ من اليمن موقعاً لتهديد الأمن القومي العربي.

واحدة من أخطاء النظام السياسي السابق في اليمن أنه لم يدرك خطورة أن يمتلك جناح سياسي قوة عسكرية كما كان حال الإخوان وهم يمتلكون أكثر من مجرد الفرقة أولى مدرع داخل العاصمة صنعاء، ولذلك لابد وأن يتم التعامل بصرامة مع القوة العسكرية التي بات اليوم يمتلكها حزب التجمع اليمني للإصلاح ، لذلك فأن استراتيجية إنهاء الحرب في اليمن، عبر تسوية سياسية تضمن أمن واستقرار دول المنطقة تتطلب مراجعة وتقييماً دقيقين لمجريات الأحداث التي شهدتها العلاقات الحزبية بالقوى الإقليمية بما في ذلك انعكاس المقاطعة العربية لدولة قطر وهذا التقييم لابد أن يسبقل الانتقال إلى أي خطوة جديدة نحو أي تسوية سياسية.

حزب الاصلاح نسخة من نسخ اخرى موزعة على الخارطة العربية فحركة النهضة في تونس وحركة حماس في فلسطين وغيرها من النسخ الإخوانية أثبتت السنوات الأخيرة انتمائها للقوى الإقليمية وانها لن تتخلى عن  تلك الانتماءات ، ليس أمام اليمن شمالاً إلا أن يسير على خطى الجنوب بإعلان حظر الإخوان المسلمين وعدم السماح بإنشاء أحزاب سياسية متأسلمة، فما دفعه اليمن من ثمن باهظ دماراُ وخراباً لم يأ إلا من هذه الأحزاب التي تركب صهوة الدين لتنفذ أجندات الشياطين الطامعين في بلاد العرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى