رمضان على الأبواب والمواطنون يبحثون عن فتات لقمة العيش

ـ سعيد سالم: يجب على الرقابة التموينية أن تُفعل دورها الرقابي في متابعة التجار وضبط المتلاعبين بالأسعار

ـ عبدالجبار علي: بسبب غلاء الأسعار المواطنون يكتفون بالقليل مما يحتاجون

ـ النهدي:  18 ألف ريال كانت كافية لشراء ما نحتاجه في رمضان، لكن حاليا 40 ألف غير كافية

 

عدن24| خاص

أسبوع يفصلنا عن صيام شهر رمضان الكريم وماتزال حكومة الشرعية اليمنية مستمرة في تهاونها في التلاعب بقوت المواطنين من قبل تجار الحروب والأزمات، ومع قدوم الشهر الفضيل تزداد أطماع بعض التجار من ذوي النفوس الضعيفة من المتاجرين بحاجات الناس الضرورية التي يحتاج إليها المواطن لاسيما مع قرب دخول رمضان.

ومن المتعارف عليه في البلاد الاسلامية يتم استقبال شهر رمضان بمزيد من التعاون وتضافر الجهود من قبل الدولة لدعم السلع الغذائية والمتطلبات الرمضانية التي يحتاج إليها المواطن، لكننا نجد العكس تماما في بلادنا بشكل عام، فتتعاون الدولة والتجار ويتسابقون على كسب المزيد من العوائد الربحية خلال هذا الشهر الكريم وما قبله .

فشهر رمضان هنا بمثابة موسم للتجارة الدنيوية المربحة للتجار والحكومة معا من خلال فرض الرسومات تحت مسميات مختلفة، والتي يقوم بدفعها التاجر لكن يتحمل عبئها المواطن البسيط.

ولسان حال المواطنين في العاصمة عدن لا يختلف عن بعضها، فغلاء المعيشة وتردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية يعيشهما كل المواطنين في عدن وفي البلاد كلها، فاقدين بذلك مقومات الحياة في منازلهم، فلقمة العيش لا شيء يضاهيها فالكل يسعى إلى تحسين حياته المعيشية للوصول إلى حياة كريمة، الا أن واقع الحال لا يساعد على ذلك.

الزائر للأسواق المختلفة في مدينة عدن يشاهد أمام عينه تكدس البضائع المتنوعة في تلك الأسوق، وفي نفس الوقت يقابلها ما يستدعي الوقوف أمامه وهو” استمرار ارتفاع الأسعار”، وهذا ما نستعرضه من خلال رصد آراء بعض المواطنين في العاصمة عدن.

تفاؤل ولكن

“ينزل الله البرد على قدر الدفاء” بهذه الكلمات بدأ حديثه لعدن24″ المواطن سعيد سالم وقال: في اليمن بشكل عام وفي الجنوب خصوصا، تجد في قلوب الناس الرحمة خاصة في شهر الصيام، حيث تشاهد الموائد تتوزع في كل بقعة في الشوارع أمام المحلات التجارية والمساجد.

وأضاف: لا يخفى على أحد أن هناك تلاعباً في الاسعار والخطأ أن الحكومة وفرت العملة الصعبة للتجار المستوردين بينما المتواجدون هنا تجار القطاعي في السوق يتلاعبون ولا يلتزمون بالتسعيرة المحددة للسلعة، لذلك يجب على الرقابة التموينية أن تفعل دورها الرقابي في متابعة التجار وضبط المتلاعبين في الاسعار الذين لا تهمهم الا مصلحتهم الشخصية ولو كانت على حساب حياة الناس البسطاء.

وقال: من المعروف أن الرقابة التموينية تعرف سعر السلعة من تجار الجملة وتقوم بعمل نزول ميداني لمراقبة بيع تجار التجزئة الذين يتلاعبون بتحديد الأسعار، كما أن ضعف الرقابة من قبل الجهات المعنية زاد من الاستهتار بلقمة المواطنين وظل هؤلاء التجار يسرحون ويمرحون في التلاعب بحاجة المواطن البسيط دون رقيب أو حسيب، فمقارنة بالأسعار التي تشهدها معظم السلع فإن الراتب لا يكفي لشراء كافة المتطلبات المنزلية، ولكن بطبيعة الحال رمضان هو شهر خير بغض النظر عن المنغصات الا أننا نجد الناس تتعايش مع بعضها البعض.

واستطرد: أكثر الناس تعاني من الوضع الحالي المتردي من كافة النواحي، وهذا العام يوحي بأن أغلب المواطنين يترقبون تغييراً في الوضع من خلال انخفاض اسعار السلع خصوصا الاكثر طلبا .

وتابع: أغلب المواطنين في كل عام يستعدون لشراء متطلبات شهر رمضان منذ دخول شهر شعبان، فتغمر قلوبهم الفرحة في قدوم هذا الشهر الفضيل لكن هذا العام والاعوام السابقة منذ حرب عام 2015 فهناك ما يعكر صفوة هذه الفرحة والاستعداد لها.

التنازل عن الكثير من الاحتياجات

إن للحياة متطلبات وحاجات أساسية وهناك أيضا متطلبات كمالية وقد يضطر الانسان في بعض الأوقات للتنازل عن الحاجات الكمالية الا أن الوضع في بلادنا يختلف كثيرا فربما يتخلى الانسان عن الكثير من حاجياته ومتطلباته الأساسية والضرورية بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد منذ سنوات طويلة.

فغلاء الأسعار لا يرحم وضعف الرواتب وتأخرها معاناة أخرى، ومع قدوم الشهر الفضيل تزيد متطلبات الناس في استقباله، الا أن الناس تشتكي ضيق الحال الذي وصلوا اليه، وفي هذا قال المواطن فؤاد النهدي”: غلا المعيشة وارتفاع الاسعار والتلاعب بسعر العملات جعلنا نتردد عن شراء ما نحتاجه في شهر رمضان، لذلك نحن كل يوم ونترقب أسعار بيع وشراء العملات الذي يترتب عليها ارتفاع الاسعار”.

وأضاف “18 ألف ريال كانت كافية لشراء ما نحتاجه في رمضان، لكن حاليا 40 ألف غير كافية، لذلك تجدنا نعاني من توفير هذا المبلغ ما يجعلنا نتأخر ونلغي الكثير من الاحتياجات حتى يفرجها الله”.

واختتم النهدي حديثة قائلاً” نطالب الحكومة بتثبيت سعر العملة المحلية فيما يوازي رواتبنا الشهرية، فالأسعار هذه الايام تفوق الراتب الذي يتقاضاه الموظف”.

اما المواطن أحمد الرباطي وهو (سائق تاكسي) فقد قال: ارتفاع الاسعار جعلنا غير مستعدين لاستقبال رمضان، وتأخير الرواتب هو الاخر ضاعف المعاناة، كما أن التجار ما يزالون متمسكين بالأسعار رغم سماعنا أن هناك انخفاضاً في سعر العملة الا أن اسعار المواد الغذائية والمواد والمتطلبات الأخرى ماتزال في نفس السعر إذا لم يكن في ازدياد.

وأضاف: هناك متطلبات تفتقرها بعض الاسر لأسابيع إذا لم يكن لأشهر والسبب ارتفاع سعرها الجنوني الذي جعل المواطن يعزف عن شرائها، ونحن الآن ظروفنا صعبة هذه السنة رمضان سنستقبله في ظروف قاهرة نتيجة لما وصلنا اليه من حالة مزرية.

وقال: لجأنا إلى العمل بالتاكسي لعلنا نخفف من معاناة توفير متطلبات الأسرة، لكن هناك عوائق تقف أمامنا .

وتابع الرباطي” ارتفاع سعر البنزين لعب في تحديد سعر المشوار ما جعل المواطن يفضل التنقل عبر المواصلات العامة كونها اقل تكلفة من المشوار الخاص، الا أننا نحاول قدر الإمكان مساعدة المواطنين في تحديد سعر المشوار قدر الإمكان في بعض الأوقات”.

وأشار “إلى أن الراتب 40 ألف ريال لا تكفي لشراء سكر ورز ويتبقى المتطلبات الأخرى بحاجة إلى دخل إضافي يمكن من خلاله تحسين الوضع المعيشي، فهناك أسر كثيرة تعيش في ظروف معيشية صعبة في ظل هذا الأوضاع المتردية”.

لاشيء يوحي بقدوم رمضان

في مثل هذه الأيام من السنة الهجرية يستعد المسلمون حول العالم لاستقبال أجمل شهر وأجمل أيام في السنة كلها، فلرمضان روحانياته وجوه الخاص الذي يتميز به.

وعادة ما تسبق هذه الأجواء دخول الشهر الكريم لتتهيأ النفس استعدادا لقدومه، فترى المسلمين مقبلين على استقباله وهم في احسن حال لا ينقصهم شيء، لكن الوضع في بلادنا يختلف تماما، فالحال الذي وصل إليه الناس جعلهم لا يفرقون بين هذه الأيام والأيام العادية، وهنا يقول المواطن رياض راشد: “لا شيء يوحي بقدوم شهر مضان هذا العام، فهناك الكثير من المنغصات التي حولت شهر رمضان من فرحة دينية روحانية إلى هم ومعاناة، فالكثير من متطلبات شهر رمضان لم يعد باستطاعتنا توفيرها بسبب ارتفاع اسعارها الجنوني الذي لم يشهد أي تحسن ملحوظ رغم الاعلان عن انخفاض سعر العملة.

وأضاف “هناك الكثير من المبررات والحجج نسمعها من التجار منها ان البضاعة تم شراؤها بسعر قديم وكانت العملة حينها مرتفعة، ومع كل ما يقال يظل المواطنون هم من يدفعون الثمن”.

من جانبها تقول المواطنة ام جميل: الوضع في البلاد بهذا الوقت سيئ للغاية، نحن كنا في السابق نعيش حياة أفضل، كنا نعيش حياة كريمة وهادئة خاصة قبل الوحدة، لكن الان للأسف صار الوضع مخيفا اقتصاديا ودينيا واخلاقيا، واستقبالنا لرمضان صعب للغاية فالغلاء قسم ظهر المواطن البسيط، فالرواتب إذا وجدت لا تكفي ولا السوق واسعاره يرحموا ضيقة المواطن وحاجته، والحكومة لا تقدم ولا تأخر فقط تجلس في الفنادق والقصور وتثرثر دون أن تحرك ساكنا.

تراجع إقبال الناس على الشراء

ويتحدث الكثير عن تراجع الناس عن اقبالهم على الشراء في الأيام العادية، وتزداد نسب البيع والشراء في وقت دخول الشهر الكريم من كل عام، الا أنه في هذا العام الوضع مختلف نوعا ما فقد تراجع الناس كثيرا في اقبالهم على الأسواق وتوفير متطلبات شهر رمضان وهذا ما أكده لنا منذر محمد وهو عامل في أحد محلات الأدوات المنزلية بعدن، حيث يقول: إن استعدادهم لرمضان كان بجلب بضائع جديدة رغم أنها ناقصة ليس ككل عام الا أنه تم جلب وتنزيل بضائع جديدة من أجل دخول شهر رمضان الفضيل لان السوق يتحرك بشكل أفضل في هذا الشهر الفضيل.

وأضاف أن اقبال الناس على الشراء ضعيف جدا، لكنه في بداية شهر شعبان كان أفضل من الآن، لأن حركة السوق متغيرة، أي أن اقبال الناس على الشراء يزداد في بعض الأيام ثم يعود ويضعف، ويكون السوق أكثر حركة في وقت صرف المرتبات للموظفين، كما أن البضاعة كلما كانت متنوعة هذا يساعدنا على جلب الزبائن بشكل أفضل.

وقال أيضا أنهم يواجهون مشكلة كبيرة بسبب ارتفاع وهبوط الصرف لان الأسعار بهذا الحال تكون غير ثابتة، لهذا ندخل في مشادات مع الزبائن حيث نكون اخذنا البضاعة بسعر مرتفع من التجار الكبار وبعدها ينقص سعر الصرف ويأتي المواطن يحاسبنا بالسعر الجديد وبهذا الشيء نواجه مشاكل، لكن عندما يكون سعر الصرف ثابتاً تكون الأسعار ثابتة وموحدة في كل مكان ولا نضطر للدخول بمشادات مع زبائنا.

وتابع: الكثير من المواطنين ينزعج ويخرج من المحل دون أن يشتري، كما أن التجار الذين نتعامل معهم عندما ينقص سعر الصرف لا تنزل اسعارهم تبقى كما هي والمواطن البسيط يطالبنا نحن بتخفيض الأسعار مع انه ليس لنا ذنب في ذلك، لهذا انا أرى أن الوضع في السابق كان أفضل من الآن بكثير.

من جهته قال البائع عبدالجبار علي: هناك اقبال على الشراء نلاحظه هذه الايام من قبل المواطنين ميسوري الحال، اما المواطنون البسطاء فهم الاكثر معاناة، حيث يترددون على المحلات لشراء ما يلزمهم من حاجيات ومستلزمات الا أنهم يتراجعون عن ذلك بسبب غلاء الأسعار او قد يكتفون بالقليل مما يحتاجون لأنهم لا يستطيعون توفيرها بسبب ضعف حالتهم المادية، لذلك نحن نواجه صعوبة أثناء تعاملنا مع هذه الطبقة محدودة الدخل حيث نحاول قدر الامكان تخفيض سعر السلعة التي يحتاجها المواطن.

وأضاف: نبيع السلعة للمواطن بعد مبايعة شديدة وتحمل أمانة وكل هذا بسبب الحالة التي وصل إليها المواطن، كما لا يخفى على أحد أن جشع التجار زاد من تفاقم المعاناة بسبب تلاعبهم في الاسعار وهذا الأمر تتحمل مسؤوليته حكومة الشرعية اليمنية، التي جعلت التجار يتحكمون بتحديد الاسعار كما يشتهون دون رقيب او حسيب.

انتظار المساعدات

أصبح المواطن في بلادنا لا يستطيع توفير كل ما يتطلبه في حياته اليومية فقد باتت قسوة الحياة والظروف هي المسيطرة، لتجعل الناس ينتظرون العون من غيرهم، ومع قرب دخول شهر رمضان تزداد الحاجة والمعاناة ويزداد انتظارهم للمساعدات والاغاثات التي تأتي إليهم من المنظمات والهيئات والجمعيات وفاعلي الخير.

فأم أحمد قالت في بداية حديثها: “بسبب ضعف حالتنا المادية لم نستطع أن نستعد لشهر رمضان الكريم من خلال شراء المتطلبات وهي كثيرة، ولكننا منتظرون ما تقدمه الجمعيات الخيرية من صرف سلال غذائية للمواطنين المحتاجين او بالأصح من يحالفهم الحظ بالتسجيل في هذه الجمعيات”.

وأضافت” خلال هذه الفترة زاد جشع التجار بذريعة ارتفاع العملة ومع هبوط سعر العملة الا أن الاسعار ماتزال مرتفعة كما هي وعندما تتكلم مع صاحب البقالة لماذا الاسعار ماتزال مرتفعة رغم أن هناك تراجعاُ في أسعار صرف الدولار امام العملة المحلية يبادرك بالقول: (البضاعة الذي معي في المحل اشتريتها بالسعر الأول عندما كان الدولار مرتفعاُ لما اصرفها واشتري غيرها ببيعها بالسعر الجديد).

وقالت أم احمد: هنا يبرز السؤال للتجار لماذا عندما يرتفع سعر الدولار وتكون هناك بضائع مخزنة بالسعر القديم تبيعونها بالسعر الجديد؟ .. ولماذا لا تبيعونها إلى أن تنفد بسعرها القديم؟” يعني تجارة كسب بدون خسارة.

واختتمت قائلة: “الحمد لله قلوبنا متعلقة بالله عز وجل، وليس الصيام بتوفير كل المتطلبات والحاجات الزائدة عن الحاجة الأساسية، لكن رمضان شهر قرب إلى الله شهر للطاعات والرحمة والألفة والمحبة بين الناس، رمضان نتعلم من خلاله الصبر والعطف على الاخيرين ممن هم أكثر بؤسا منا”.

أما الحجة مريم مقبل تقول” منذ أن بدأ ارتفاع الاسعار إلى يومنا هذا لم نستطيع أن نستعد لأي مناسبة منها شهر رمضان، وكلما نستطيع فعله هو شراء احتياجات اليوم فقط، والحمد لله هناك منظمات تقوم بتوزيع مساعدات تفيدنا لأيام والحمد لله ربنا مع المستضعفين.

وأضافت” أصبحنا عائشين على البركة منذ سنوات ونحن على هذه الحالة، الحكومة لم تلتفت إلينا وتنظر لحالنا وكل ما نلاقيه من دعم هو من فاعلي الخير من التجار والمنظمات، أما الحكومة يكفي أن المواطن يسلم شرها، فهي تقاسمه في كل شيء، فمثلا إذا فكرت تسوي بسطة لولدك لتحسين دخله تواجهك بالمنع لكن إذا عطيتها فلوس تعيش.

واختتمت” حديثها متسائلة اين تذهب هذه الفلوس التي تدخلها الحكومة عبر موظفيها في الضرائب، هل المواطنون البسطاء يستفيدون منها؟ أم انها تذهب إلى الكبار أصحاب النفوذ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى