حزب الإصلاح .. ذراع قطر ولسان اردوغان (2 من 3)

كتب: هاني سالم مسهور

ككل الدول التي عانت مما يسمى الربيع العربي كان اليمن يخضع لحالة ضغط هائلة شكلتها الماكينة الإعلامية القطرية ، وحتى الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014م وعلى الرغم من خسارة حزب الإصلاح لمواقعه العسكرية في المحافظات الشمالية وخاصة هزيمته في داخل صنعاء عندما فشلت الفرقة أولى مدرع في مواجهة مليشيات الحوثي فإن الملاحظ أن القطريين حافظوا على دعمهم لحزب الإصلاح واستطاعوا نقل العديد منهم إلى تركيا.

عاصفة الحزم تعامل معها القطريون بازدواجيتهم وقدرتهم على التحرك بين التناقضات ، وفي حين أن حزب الإصلاح أيضاً كان عليه أن يوائم بين المتغير ومواقفه المعلنة ضد السعودية والإمارات في 2011م وما سبقها في 2009م فإن البراغماتية نجحت في ايجاد مساحة للتعامل مع هذا المتغير، وظلت قطر كما هو حزب الإصلاح يعمل على الاستفادة من هذه المرحلة  التي ظهرت لاحقاً بعد طرد قطر من التحالف العربي.

في الخامس من يونيو 2017م أعلن الرباعي العربي قطع العلاقات مع قطر وأصدرت اليمن قراراً مؤيداً وأعلن بدوره قطع العلاقات مع الدوحة، ومنذ ذلك الوقت تحولت قطر سياسياً وإعلامياً في الجهة المعادية للتحالف العربي، فالدعم الإعلامي للحوثيين انطلق بشكل مباشر بينما التحول الآخر كان باتجاه دعم توجهات حزب التجمع اليمني للإصلاح.

 

أفرزت تداعيات الأزمة القطرية استقطابات حادة في المشهد السياسي اليمني، وكان حزب الإصلاح قد استطاع فرض نفوذه السياسي منذ إقالة خالد بحاح في ابريل 2016م وهو ما جعل من حزب الإصلاح أكثر المتنفذين في المؤسسة السياسية الشرعية، ولذلك كان التماسك في كتلة حزب الاصلاح ظاهراً برغم حدة المتغير السياسي، فلقد استطاع الحزب من خلق جناح متشدد يتواجد بين قطر وتركيا وتقوده عضوة الحزب توكل كرمان، بينما الجناح الآخر ظل متماهياً مع التحالف العربي ولم يتصادم معه بشكل مباشر وخلال فترة المقاطعة أصدر بيانات باهته عبر وسائل التواصل الاجتماعي وليس مواقعه الرسمية يؤيد فيها المقاطعة ومكتفياً بذلك.

لم يتأخر انعكاس المقاطعة العربية لدولة قطر على المشهد اليمني فبعد أقل من أسبوعين فقط بثت قناة الجزيرة القطرية تقريراً عن (السجون السرية في عدن وحضرموت)، وبعد أن تم تفنيد مضمون التقرير من الناحية الرسمية بإعلان وزير الداخلية اليمني ونائبه بعدم وجود أي نوع من هذه السجون في المحافظات الجنوبية فلقد أفرزت التحقيقات التي لاحقت تقرير قناة الجزيرة على أن المنظمة التي أسند إليها مضمون التقرير وهي (منظمة سام للحقوق والحريات) هي منظمة وهمية ومسجلة باسم مطعم في شرق آسيا وممولة من توكل كرمان ولا تنتمي لأي جهة قانونية اعتبارية.

ذلك التقرير كان الأول ومن خلاله مرر حزب التجمع اليمني للإصلاح أكبر عملية تظليل عندما دفع للاعتقاد بأن ثمة جناحين يمثلان الحزب أحدهما معتدل وهو ملتزم بتأييد التحالف العربي والآخر متشدد وتمثله توكل كرمان التي تتخذ من تركيا مقراً لها، إلا أن الواقع السياسي يظل أكبر من أن تتحمله هذه العملية التي تعتمد على الإعلام ولا تقف على أرضية سياسية ثابتة أو حتى أفق سياسي واضح، وهو ما انعكس في تضاربات المواقف التي اضطرت من خلالها قيادة حزب الإصلاح أن تعلن تعليق عضوية توكل كرمان لامتصاص الاحتقان المتزايد ضد مواقفها ومواقف كوادر الحزب المنتشرة حول العالم.

لم تتوقف انعكاسات المقاطعة على المشهد اليمني فكانت قوائم الإرهابيين الصادرة عن دول المقاطعة (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) أحد أهم عوامل الضغط على المشهد اليمني خاصة وأنها تضمنت أسماء كيانات وشخصيات مرتبطة بتنظيم الإخوان فرع اليمن، الذي عمل على التصعيد عبر سلسلة اغتيالات استهدفت شخصيات سياسية ودينية في العاصمة المحررة عدن وهو ما استدعى من المجلس الانتقالي الجنوبي إعلان حظر جماعة الإخوان المسلمين في المحافظات المحررة تماشياً مع توجه دول المقاطعة العربية لتأتي هذه الخطوة كتصعيد أكد أن الاحتقان اليمني لم يعد بالمقدور السيطرة عليه.

في هذا السياق من التصعيد المتبادل ظهرت قضية أخرى افتعلها حزب الإصلاح في جزيرة سقطرى التي بلغت حدتها لمواجهة تكاد هي الأشد بين حزب الإصلاح والأطراف الأخرى ، ولأن إخوان اليمن يحملون أجندة أكثر اتساقاً فلقد تزامنت أزمة سقطرى مع تصعيد آخر في مدينة تعز التي أكدت أنها كتلة بشرية تنحاز بشكل ما إلى تيار الإخوان ويمتلكون فيها ما يستطيعون من خلاله تشكيل عامل ضغط هائل على خصومهم معتمدين على ما يمتلكون من قوة عسكرية في محافظة مأرب.

وبحكم أن المشهد اليمني بات قابلاً لتدخلات إقليمية فلقد أوعزت قطر لحليف إيران فادي باعوم بأن يطلق نشاطاً مناهضاً للتحالف العربي من جهة وللجنوبيين المتحالفين مع السعودية والإمارات من جهة أخرى، هذا الكرت أحد الكروت التي أيضاً ظهرت في المشهد اليمني بعد المقاطعة ما يشير إلى أن القطريين والإيرانيين كانوا يحتفظون بهذه الورقة في بيروت حتى حان وقت اللعب بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى