شركتا “النفط” و “المصافي” بعدن .. صراع الأفاعي .!!

  • صمت حكومة الشرعية، مؤشر خطير وتهديد بتزايد وارتفاع حدة خلاف الشركتين الذي قد يؤدي إلى توقفهما عن العمل
  • أزمة مشتقات نفطية مفتعلة في الجنوب ، يقف خلفها متنفذون بمكتب رئاسة الجمهورية برئاسة المتنفذ العليمي والعيسي وجلال هادي
  • المسيبلي : ما دفع المصفاة الى تشغيل المساكب والقيام بالبيع المباشر للمشتقات النفطية هو تهرب شركة النفط المستمر من دفع ما عليها من مبالغ مالية لصالح المصفاة
  • شركة العيسي تمارس الابتزاز على شركة النفط الحكومية المختصة بتوزيع الوقود محلياً في المحافظات الجنوبية
  • صراع مصالح بين الشركتين ينذر بانهيار كامل لهما ، حيث إن هذا الصراع الدائر ظاهره النقابتان وباطنه متنفذون حكوميون وتجار نافذون 

 

 

عدن24|خاص

طفت ازمة الخلاف بين شركة النفط ومصافي عدن الى السطح من جديد،  فحالة الاستياء والتذمر الذي ظهر جليا من شركة النفط تجاه الموقف المخالف لمصافي عدن، وعدم التزام وتقيد الاخيرة  بقوانين تنظيم العمل بين الجهتين تسبب الى تصعيد الوضع بينهما، ومخاوف ان يترك هذا الخلاف اثاره المحتملة على حالة السوق ومحطات بيع المشتقات النفطية.

فقيام مصافي عدن بفتح مساكب خاصة لها وتعبئتها وبيعها دون الرجوع الى شركة النفط ،حسب المهام والاختصاص المنظم للعمل بين الشركة والمصافي، كانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، حيث ينص قانون تأسيس شركة النفط اليمنية ، بأنها الجهة المخولة لتسويق المشتقات النفطية الى مختلف الاسواق،  بينما يقتصر مهام المصافي تكرير النفط فقط، وسط غياب تام لتدخل حكومة الشرعية ممثلة برئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي، ورئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبد الملك.

“تمكين حكومي لمتنفذين”

مراقبون محليون اعتبروا صمت حكومة الشرعية،  مؤشر خطير وتهديد بتزايد وارتفاع حدة خلاف الشركتين الذي قد يؤدي إلى توقفها عن العمل، تلبية لمساعي متنفذين في الحكومة من بينهم مدير مكتب رئاسة الجمهورية عبد الله العليمي، ونائبه التاجر المتنفذ احمد العيسي، ونجل رئيس الجمهورية جلال هادي، في خصخصة مرافق الدولة النفطية، وتذميرها، ليتمكنوا بعد ذلك من احتكار سوق المشتقات وتحقيق مكاسب شخصية لهم تنهك المواطن، وان تلك المساعي لم تكتفي وتتوقف عند تعطيل جزء كبير من وظيفة شركة مصافي عدن، التي تحولت إلى مستودع كبير يستخدم فقط في خزن وقود التجار، وشركة النفط اليمنية بعدن، ومؤسسة الكهرباء، بعد أن كانت تقوم بتكرير النفط الخام وتزويد أكثر من 12 محافظة بمادة البنزين، والديزل، والغاز.

“أزمات حكومية مفتعلة”

شهدت العاصمة عدن، في فبراير الماضي، أزمة مشتقات نفطية مفتعلة، يقف خلفها متنفذين بمكتب رئاسة الجمهورية؛ لكن عن طريق محافظ البنك المركزي اليمني السابق محمد زمام، الذي قام برفع أسعار المصارفة “السعر التفضيلي” لسعر الدولار على شركة النفط فرع عدن، من 440 ريالاً للدولار، إلى 495 ريالاً للدولار ، دون غيرها ، في التفاف على قرار اللجنة الاقتصادية والحكومة الخاص بدعم شركة النفط بالعملة الأجنبية “الدولار”، لممارسة مهامها، وكسر احتكار السوق، لكن سرعان ما جاءت الأوامر الداعمة  لشركة “عرب جلف” المملوكة للتاجر العيسي، وشركائه العليمي وجلال، لتجد الشركة نفسها أمام ضرورة اتخاذ قرار برفع تسعيرة المشتقات لتتمكن من تغطية الفارق بين سعر الدولار الجديد.

قرار إقالة زمام، وتعيين حافظ فاخر معياد محافظا للبنك المركزي اليمن، الذي كشف تلاعب الأول بعملية المصارفة بالوثائق في اواخر عام 2018، وهو ما أفشل المخطط عصابة العليمي، وقطع الطريق أمامها وجعلها تلجئ الى استخدام وسائل اخرى للوصل لمبتغاها.

“شركة النفط تستنكر”

وتفاجأت شركة النفط اليمنية، بقيام مصافي عدن، على استحداث مساكب وبيع المشتقات النفطية بعيداً عن شركة النفط، حيث عبرت القيادات النقابية لعمال وموظفي الشركة عن استنكارها البالغ للخروقات التي اقدمت عليها مصافي عدن باستحداث مساكب مخالفة للقانون والبيع المباشر للمشتقات النفطية.

وقالت النقابة في بيان صادر عنها انها وقفت في اجتماع عاجل امام الخروقات التي اقدمت عليها شركة مصافي عدن بالتسويق والبيع المباشر للمشتقات النفطية عبر مساكب مستحدثة مخالفة للقانون في مصافي عدن.

وعبرت عن اسفها على نقض مصافي عدن لاتفاقات سابقة معها والتي تدخل فيها رئيس الجمهورية نهاية فبراير الماضي لإيقاف خروقات المصافي والقيام بنفس الاعمال التي عادت مجددا لارتكابها في تدخل سافر لمهام وانشطة شركة النفط اليمنية بعدن ضاربة عرض الحائط كل توجيهات رئيس الجمهورية.

واكدت القيادات النقابية في بيانها ان اقدام مصافي عدن على تهريب المشتقات النفطية والبيع المباشر لها بشكل مخالف للقانون يضر بشركة النفط بالغ الضرر ويحرم الدولة من ايرادات قانونية.

وطالبت القيادات النقابية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الزام مصافي عدن بالتوقف الفوري لهذا العبث وازالة المساكب غير القانونية والالتزام بمهام عملها المحددة وفق القانون واستمرار ضخ المشتقات لخزانات شركة النفط التي تقوم بالبيع والتسويق في السوق المحلية وفقا للقانون.

وحذرت النقابة انها لن تقف مكتوفة الايدي امام هذه الخروقات التي تعطل سير عمل شركة النفط وتخل بمنظومة تسويقها للمشتقات النفطية كما انها تزيد من معاناة المواطنين،

محملة كافة الجهات ذات العلاقة المسؤولية الكاملة في حال عدم التوقف بشكل فوري وما سيترتب عليه من اجراء في حالة عدم ايقاف تلك الاعمال غير القانونية.

“مصافي عدن ترد”

من جهته رد رئيس نقابة عمال وموظفي شركة مصافي عدن، محمد عبدالله المسيبلي، مطالبا الجهات النقابية في شركة النفط اليمنية فرع عدن، إلى إلزام الشركة بتنفيذ الاتفاق الموقع بين الجانبين ودفع مستحقات المصفاة المتأخرة قبل الحديث عن تطبيق النظام والقانون.

وقال المسيبلي أن العلاقة بين شركتي المصافي والنفط هي علاقة تكاملية تخدم المصلحة العامة وتسهم في تحقيق استقرار السوق من المشتقات النفطية بموجب الاتفاق الموقع بين الجانبين العام الماضي .. مستغرباً بهذا الصدد حديث رئيس نقابة شركة النفط الذي تنكر لدور المصافي في معالجة الاختناقات المتكررة في السوق المحلية وحصر هذا الدور على النفط فقط إلى جانب الحكومة التي كان لها دور كبير في هذا الجانب،

متهما شركة النفط باللجوء بشكل دائم عبر نقابتها العمالية إلى المهاترات والهجوم الإعلامي على المصفاة التي يبذل عمالها جهوداً كبيرة لمنع انهيارها وفي الوقت نفسه المساهمة في تحقيق الاستقرار النفطي في السوق المحلية .

ولفت المسيبلي، ان ما دفع المصفاة الى تشغيل المساكب والقيام بالبيع المباشر للمشتقات النفطية هو تهرب شركة النفط المستمر من دفع ما عليها من مبالغ مالية لصالح المصفاة والمحددة بحسب عدة محاضر منها المحضر الموقع بين الجانبين وتوقيع المالية بـ6 مليون دولار المتبقي من قيمة المطابقة للأشهر الأولى للعام الماضي 2018 م ، و15 مليون دولار قيمة منتجات خام المسيلة التي تسلمت النفط موادها بحسب وثائق ومستندات وترفض حتى الآن سدادها، هذا إلى جانب مبالغ أخرى جرت المطابقة عليها خلال الأيام الماضية للأشهر المتبقية من العام الماضي ولم تصرف بعد .

مضيفا أن المصفاة وعلى الرغم من فتح المساكب للبيع التجاري ، إلا أنها لازالت تواصل ضخ البنزين إلى خزانات النفط في منشآه البريقة لممارسة مهامها في التسويق..

“كشف الأوراق”

نفذ العشرات من عمال وموظفو شركة النفط اليمنية تظاهرات ووقفات احتجاجية متتالية خلال الأيام الماضية، تطالب الحكومة بالتدخل الفوري والوقوف أمام ممارسات شركة المصافي الغير قانونية والانتصار للدولة.

وفي الاحتجاجات التي نظمتها اللجان النقابية بشركة النفط، وكان اخرها الثلاثاء الماضي 9 ابريل، وقفة احتجاجية أمام بوابة مقر الحكومة بعدن -قصر معاشيق-، رفع المحتجون شعارات تؤكد تورط  مدير مكتب رئاسة الجمهورية عبد الله العليمي، ونائبه احمد العيسي، بالوقوف خلف استهداف شركة النفط، في محاولة للقضاء عليها وتدميرها اسوة بشركة مصافي عدن.

إن خلافات شركتي النفط ومصافي عدن، قد كشفت مدى فشل وعجز الشرعية اليمنية، التي لم تبادر حتى الان بالفصل ووضع حلول لهذه الاشكاليات البسيطة القابلة للتطور، وأكتفت فقط بمتابعة التراشق الاعلامي وتبادل الاتهامات بين الشركتين، في مؤشر عن وجود صراع مصالح بين نفوذها بنذر بانهيار كامل لمؤسسات الدولة، حيث ان هذا الصراع الدائر ظاهره النقابتين وباطنه متنفذين حكوميين.

ففي ظل الظروف التي تعيشها البلاد وصراع نفوذ الشرعية اليمنية باتت شركة النفط مهددة بالوقوع بمصيدة لوبي العليمي والعيسي، كـ سابقتها شركة مصافي عدن، مما سيزيد من تدني الخدمات في عدد من المحافظات التي تعتمد على شركة النفط في تزويدها بالوقود.

“الرجل الخفي في الصحافة الدولية”

وكشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقرير لها، أن التاجر المتنفذ احمد العيسي اقترب من عبد ربه منصور هادي، بعد ان تمت الاطاحة بالرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وطوّر مرافق ميناء رأس عيسى، الواقع على البحر الأحمر، لتحميل السفن الحكومية و شحنها بالنفط الخام لأغراض التصدير.

و بيّنت الصحيفة الفرنسية أن “هذا الاحتكار يبدو قانونياً في ظاهره”، لكن كل إجراءات المناقصات الحكومية (العامة و الشهرية) معدة بطريقة تضمن في نهاية المطاف للعيسي كل عقد تسليم إلى عدن، كما يخلص تقرير حديث من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، و هو مركز أبحاث.

و وفقًا للصحيفة فإن الشبهات تحوم حول علاقة تربط العيسي بجلال نجل الرئيس عبد ربه منصور هادي.

و في محاولة لنفي تلك العلاقة يقول العيسي لصحيفة “لوموند” الفرنسية: “لا يملك جلال سيطرة على الشؤون الرسمية”، مضيفًا أن “جلال لا يعمل، و لا يخرج من منزله. يجلس، يأكل و يزداد بدانة”.

و يثير هذا الوضع ردوداً غاضبة في عدن، فرجل الأعمال متهم بإبقاء المصفاة السوفيتية القديمة في المدينة، التي يسيطر عليها، معطلة، من أجل مواصلة بيع الوقود للمولدات الخاصة في عدن، ما أدى إلى نقص كبير.

و تشير الصحيفة بذلك إلى سيطرة العيسي على شركة مصافي عدن الحكومية، و أصبح له اليد الطولى في إصدار القرارات الجمهورية المتعلقة بمسئولي هذه الشركة العملاقة التي تأسست مطلع خمسينيات القرن الماضي، كأول شركة لتكرير النفط الخام في منطقة الجزيرة العربية و الخليج، و ان الاحتكار الذي يفرضه رجل الأعمال أحمد صالح العيسي لاستيراد الوقود بكافة أنواعه إلى عدن، و المحافظات المجاورة، وخلق الأزمات المتكررة والممارسات الابتزازية التي تمارسها شركة “عرب جلف” – شركة تجارية استثمارية مملوكة لرجل الأعمال اليمني أحمد العيسي-، على شركة النفط الحكومية، دفعت بناشطين إلى شن حملة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي نددوا فيها باستمرار قيام العيسي بدور الدولة و تحكمه في أهم سلعة يحتاجها الناس، بما يشير إلى سيطرة مراكز و قوى نفوذ كبيرة على قرار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ـ الذي يبدو كشاهد ما شاف حاجة – أمام ما يفعله لوبي الفساد الذي يتزعمه نجله “جلال هادي” و مدير مكتبه “عبدالله العليمي” المرتبطان بشراكات تجارية مع رجل الأعمال العيسي، الذي عين مؤخراً نائباً لمدير مكتب رئاسة الجمهورية، في خطوة أثارت الاستغراب، و اعتبرها المراقبون دليلاً على زواج السلطة بالمال.

مسئولون في شركة النفط اليمنية الحكومية بعدن قالوا إن شركة العيسى تمارس الابتزاز على شركة النفط الحكومية المختصة بتوزيع الوقود محلياً في المحافظات الجنوبية، كون الشركة تشتري من العيسي المشتقات بالسعر الذي يحدده هو، و بالعملة الصعبة و بزيادة عن الأسعار العالمية، ما يترتب عن ذلك خسائر فادحة على الشركة الحكومية.

و تشتري شركة النفط، الوقود بمختلف أنواعه، من شركة “عرب جلف”، التي تحتكر عملية استيراد الوقود في عدن و بقية المحافظات المحررة.

و أكدت مصادر عن اصرار “العيسي” على استلام مبالغ شراء الوقود بالعملة الصعبة، مما يجبر شركة النفط على شراء قرابة ثلاثة ملايين دولار شهرياً من شركات الصرافة المحلية بالسعر الآني، بمبلغ يفوق اثنين مليار ريال و100 مليون يمني لتسديد قيمة الوقود، و بالتالي يتسبب ذلك في انعدام العملة الصعبة من السوق المحلية و بشكل مستمر، ما يساهم بقوة في انخفاض قيمة “الريال اليمني” أمام الدولار، و يؤثر سلباً على الأوضاع الاقتصادية المتردية أصلاً.

و يعد احتكار شركة العيسي لعملية استيراد الوقود في عدن، و بقية المحافظات المحررة، سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، إذ سلمت الحكومة أهم مورد اقتصادي و مالي للبلد إلى القطاع الخاص، بموجب قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، الذي أصدره الرئيس هادي مطلع مارس الماضي، و القاضي بتحرير سوق المشتقات النفطية، و فتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، و إخضاع عملية بيع و توزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.

و أكد مراقبون و متابعون اقتصاديون أنه إذا كانت الحكومة الشرعية، جادة في وقف انهيار العملة المحلية، و تحسين الأوضاع في المناطق “المحررة”، فعليها العمل على إلغاء قرار تحرير المشتقات النفطية الصادر من الرئيس هادي، و عودة نشاط أهم موردين اقتصاديين للبلد و هما شركتي النفط و مصافي عدن الحكوميتين، وان قرار هادي بتحرير سوق النفط، عطل إحدى أهم الموارد المالية للدولة، و عمالقة اقتصاد البلاد (شركتي النفط و مصافي عدن الحكوميتين)، فضلاً عن أن القرار لم يطبق منه شيئاً يذكر بسبب سيطرة تاجر واحد على جميع خزانات شركة مصافي عدن، في إشارة إلى رجل الأعمال اليمني أحمد العيسي، المورد الوحيد للمشتقات النفطية إلى عدن و المحافظات المجاورة لها.

محذرين من خطورة استمرار هذا القرار على قيمة العملة الوطنية، و انعكاسات ذلك على الأوضاع المعيشية للمواطنين، في ظل غياب دور الدولة، و أجهزتها الرقابية الحكومية الفاعلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى