العنف في المجتمعات المتخلفة

العنف آفة المجتمعات المتخلفة وكما أن الحب قد يكون بدون حدود من خلال تدفق العواطف، كذلك فإن العدوانية قد تكون متفجرة في المجتمعات المتخلفة.

  • بقلم: محمد يحيى

العنف والعدوانية بمظاهرهما المختلفة ينخران في بنية ذلك المجتمع المتخلف رغم كل مظاهر السكون والمسالمة الظاهرية. والعنف هو لحظة انفجار الحقيقة الكامتة في بنية التخلف، والاشكال الدموية التي يأخذها تؤكد هذه الحقيقة.

وقبل أن ينفجر العنف من المجتمعات المتخلفة فإنه يعاش كاملاً فيها، نرى البرهان عليه في التعطش المفرط الى القوة بكل مظاهرها، الى الجبروت والسيطرة بكل عنفوانهما.

إن العنف في المجتمعات المتخلفة بحاجة الى نظرة توعية تتمثل في تحليل علاقة القهر التي تستحكم بالإنسان في تلك المجتمعات، وما تتضمنه هذه من تبخيس وهدر للإنسانية.

إن العنف هو الوجه الآخر للقهر، وأن العدوانية المدمرة هي قرينة الارهاب، والعنف هو الوجه الآخر للقهر والارهاب، أو على العكس، والارهاب والقهر هما الوجه الخفي للعنف في العالم المتخلف ولا يساويه أو يفوقه إلا شدة القهر والارهاب، فهما من العناصر الثابتة في أي مجتمع متخلف.

وكلما زاد الارهاب زاد العنف، وعند اول بوادر تراخي السلطة يتفجر العنف، إذ ليس هناك ضوابط خلقية عند الانسان المتخلف، بل خوف من القمع الخارجي، وعندما يزول هذا الخوف أو يتوارى شبح القمع يتفجر العدوان متخذاً شكل العنف المباشر أو شكل السلب والاستباحة أو الارهاب.

ومن المعروف أن علاقة الانسان بالسلطة في المجتمعات المتخلفة علاقة لا تعرف من أساليب التعامل سوى الارهاب والقمع والاخضاع دون حدود، بمعنى آخر ليس هناك علاقة تكافؤ أو حوار بين السلطة والجماهير في المجتمعات المتخلفة، ليس هناك اعتراف متبادل، فالسلطة لا تريد مواطنين، بل اتباعاً، فهي تخشى المواطنية التي تعبر عن ذاتها، تخشى المواطنية التي تنزلها من مكانتها الجبروتية الى مستوى اللقاء الانساني، فالسلطة تصاب بالذعر من اللقاء الانساني مع المواطن الذي يتضمن اعترافاً وتساؤلاً متبادلاً.

إذ أن السلطة في المجتمعات المتخلفة تخشى وضعها موضع التساؤل وهو شرط الاعتراف بشرعيتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى